للشهيد الفلسطيني المقاوم أحمد ياسين
بقلم الشاعر أحمد السليمان
قياماً… لمن أمسى له العجزُ ساجدا
وأخضعَ أعناقَ الجبابر قاعدا
فإن كان ذو الرجلين في الحرب قاعداً
فإنك بالكرسي قمتَ مجاهدا
أتاكَ زمانٌ دونَ عرشكَ مُذنباً
كطفلٍ على ذلٍّ يُعاطِفُ والِدا
يُتأتئ بالأعذار خافضَ رأسِه
ويحلفُ أنْ بالكادِ لم يكُ قاصدا
حلمتَ وقلتَ اذهبْ فلسنا الذين هُمْ
مبالون أن يمسي الزمانُ مُساعدا
إذا الدهرُ سدَّ الطُّرْقَ دونَ مواردٍ
عصرنا من الصخرِ الشحيحِ المواردا…
أقمتَ على أهل التعاجز حُجَّةً
وقلَّدتَهم بالمُخزِياتِ قلائدا
عَمَرتَ بفتيان الجهاد مساجداً
إذا عمروا باْهلِ الكروش المساجدا
وألزمت شعباً بالثغور مَعابداً
إذا ألزموهم بالقصور مَعابدا
وفيتَ بعهد الله ثم دعاكَ كي
تُوفَّى شهيداً عند ربكَ خالدا
مضيتَ ولم تمضِ الخطوبُ مُودِّعاً
شباباً يراعي في نواكَ الشدائدا
وبَعدكَ تشتاقُ القلوبُ خبيرَها
كما اشتاقَ مَرميُّ السلاحِ السواعدا
وبعدكَ تلقى في التغرُّبِ ما لقتْ
جنودٌ أضاعتْ في المعامعِ قائدا…
فلا بأسَ يا شيخي وإن عزَّ موعدٌ
فإن لنا قربَ النبي مواعدا
على سُررٍ مجرى الفراتِ فراشُها
وحِيكَ لها غيمُ الجنان وسائدا
وأنى تمنينا نُلبى ويُبتنى
لنا من لذيذ الأمنيات موائدا
فنطعمُ من شتى المَطاعم طازجاً
ونشربُ من عذب المَشارب باردا
ونبعثُ عن أوتار عودٍ أغانياً
وننشدُ عن أوتارِ حلقٍ قصائدا
يغشِّي المدى نورُ الجنان وريحُها
تباعدُ نهرَ الربوةِ المتباعدا
إذا ما رأتْهُ العينُ أدبرَ ذاهباً
إلى السدرةِ العلياءِ…أقبلَ عائدا
يخادعُ أبصارَ الخيولِ تخالُهُ
ترى هابطاً يرقى فيهبطُ صاعدا
وتذهلُ عن وِردٍ له دهشةً بهِ
فيدفعها طبعٌ يتوقُ المواردا
فتقصدُه حتى إذا حسَّ قصدَها
جرى نحوها جريَ الجوامحِ قاصدا
وأعداؤنا دونَ المقامِ يشفُّهم
لهيبٌ فشى يَبْسَ الجماجمِ حاصدا
إذا صرخوا غطى الصراخَ حسيسُه
فرُجَّتْ ضلوعُ السامعين رواعدا
مَغامِسُهم ملويُّ نارٍ تدفقتْ
حميماً بمجراهُ يُذيبُ الجلامدا
إذا عطشوا كان الحميمُ شرابَهم
وإن سغبوا عُبُّوا الرماحَ القواصدا
وإن أبصروا اشتاقوا الشروقَ فأُتبِعُوا
ظلاماً على مَرمَى التطلُّعِ سائدا
تُجَرُّ على خَشنِ الصخورِ وجوهُهم
وأطرافُهم عنها تجرُّ الحدائدا
ألا بعدَ هذا كلُّ دنيا حقيرةٌ
ويا سلوةً عمَّتْ فقيداً وفاقدا
فصبراً وإن ضيعتِ يا قدسُ أحمداً
سيبعثُ هذا الاِعتقادُ أحامدا…
أموت، وموتي واضحٌ، وأُلامُ
تساوت بقتلي رقبةٌ وحسامُ
وأطعن إن واجهت موتي ونكبتي
من الخلفِ… إذ موتي إلي أمامُ
فما هو ذنبي إن أفاقت غريزتي
مواعيدُ منها لا تقرُّ عظامُ
إذا ما رأيتَ الموت حولَك مقبلاً
فأجدر شيء يُقتضى الاقتحامُ
ومن لم يقم يا صاحِ للموت حينها
فجندُ الردى في الحالتين قيامُ