في أغلب الدول المتحضرة ينص القانون الأساسي ساري المفعول على ما يلي: “تكفل الدولة حرية الصحافة والإبلاغ الخبري” النشر “السمعي بصري، الإذاعة والتلفزيون، أيضا المكتوب والصورة”. إنما في بلد كالعراق لا يجد مكان مئات الصحفيين الذين يعملون على هذا المبدأ من مهامهم أمام المجتمع بسبب حركة الرقابة المتشددة.. فمتى يأتي اليوم الذي كان أصحاب المهنة يحلمون بحرية المهنة؟
يقدم العديد من الخبراء القانونيين والإعلاميين والقراء العراقيين من الصنف المهتم بالسياسة ومجريات الأحداث التي لم تتغير في بلادهم لأكثر من عقدين، ملاحظات حول استخدام صاحب القرار الرقابة المفرطة على الصحفيين وتقييد حريتهم الإعلامية بموجب قوانين قديمة التاريخ وتقارير مطيعة. بيد أنه يحافظ تحت شعار “الصحافة أقوى سلاح لحزبنا” على احتكار الأخبار ومنع الرقابة الصارمة بالنسبة لوسائل الإعلام السياسية، التابعة، وسيلة حاسمة. لذلك يتم وأد كل دفعة من المعارضة والانتقادات في مهدها.
وإذا ما تحدثنا عن حرية التعبير والرأي بموجب الأحكام والقوانين، “شبه العرفية” التي تطبق للأسف في زمن السلم، يشعر الصحفيون وأصحاب الفكر دائما وكأن الرقابة جاهزة على وضع “المقص فوق الرأس” مع هدر للتوصيات والمبادئ التوجيهية التي ينص عليها الدستور والقوانين التي تحرم الحظر واحتكار حرية التعبير ومصادرة الرأي، أو سوء السلوك من أي نوع يهدد بالسجن أو الشطب المهني.
منذ تأسيسها بعد احتلال العراق، تعكس وسائل الإعلام “التابعة للأحزاب” في المقام الأول مصالح تكتل السلطة من النخب السياسية والطائفية وشركائها التجاريين، وكأنها أجهزة النطق باسمها. مثال مثير للقلق بشكل خاص إشكالية مدى الدور الذي يمكن أن تلعبه وسائل الإعلام في استقطاب المجتمع. إنها تبقي لنا فقط، أن نفكر في النتائج الوظيفية الاجتماعية السلبية، خاصة وأن العراق لا زال يعاني من التحول السياسي، ومجتمعاته لم تجد لنفسها مكانا بين مصالح أصحابها، والمقصود، على مستوى الانتماء “العرقي والطائفي والقومي” وحتى أحيان منها في مثالية الوسيط بين المصالح والتطبيق الفعلي في مجال العمل والتدرج الوظيفي والتكيف مع المجتمع المدني.
نعتقد أن وسائل الإعلام العراقية ليس لها هذه المكانة وان دورها بسبب انتهاك المحرمات غير السياسية لا زال قاصرا. والأسوأ من ذلك، فهي في الواقع ليست أكثر بكثير من الأدوات الطيعة في يد كبار رجال الأعمال والنخب السياسية. الذين ليس لديهم فقط، أدوات استقطاب المجتمع ماديا وعقائديا، لكن أيضا، الترويج عبر وسائل إعلام متطورة وأبواق إعلامية أجيرة. يتأكد من ذلك، أن بنية ثم نشأة هذه الوسائط هي المشكلة التي تواجه التحول الديمقراطي. وإن التوازي السياسي المباشر، هو مزيج من الجماعات السياسية ذات المصالح الفئوية المشتركة، تروج لها بشكل واضح وسائل إعلامية يمولها القطاع الخاص ويتم تشغيلها في الغالب من قبل رجال الأعمال، حيث كثيرا ما تتداخل المصالح السياسية والاقتصادية.
ومن جانب آخر، من الواضح ليست هناك ضمانات لأن تكون وسائل الإعلام غير الحزبية والمملوكة للدولة، حرة، دون محرمات يحتمل أن تكون فزاعة لملاحقة محرريها وتعرضهم مرارا وتكرارا لقوانين (المستوى الهابط) القاسية. وفي أكثر الأحيان لا يفهم بأن وسائل الإعلام سلعة عامة للتعبير، ولكن مجرد أدوات للاهتمام على أساسه يتم اعتقال المدونين الناشطين سياسيا…