جبهات الصراع تهدد البلاد.. والعراقيين لم يعرفوا قط حياة مستقرة!
عصام الياسري
بعد الهجوم على قاعدة في العراق في نوفمبر 2023 أدى إلى إصابة ثلاثة جنود أمريكيين أحدهم في حالة خطيرة، نفذت الولايات المتحدة ضربات انتقامية على ثلاث منشآت تستخدمها كتائب حزب الله شبه العسكرية وفصائل ميليشياوية موالية لإيران في العراق. وقال وزير الدفاع الأمريكي بأنها “ضربات مناسبة ضرورية دقيقة، تأتي ردا على سلسلة من الهجمات ضد جنود أمريكيين في العراق” من قبل الميليشيات المدعومة من إيران!. فكيف سيكون الرد الأمريكي وحلفاءه بعد سقوط ثلاثة وجرح أكثر من ثلاثين من جنوده جراء الهجوم بطائرات مسيرة قامت به يوم الأحد 28 يناير فصائل موالية لإيران على قاعدة ” تنف ” الأمريكية؟.
وكانت الميليشيات الموالية لإيران في العراق قد شنت في ديسمبر وما تلاه العديد من الهجمات على القواعد الأمريكية، رد الجيش الأمريكي عليها بضربات مضادة. وبحسب المعلومات الأميركية، فإن الهجمات على القواعد التي يستخدمها الجيش الأمريكي في العراق منذ أن بدأت إسرائيل الحرب العدوانية في غزة الفلسطينية في 8 أكتوبر/ تشرين الأول، تزايدت بشكل حاد. وقد سجل الجيش الأمريكي أكثر من 100 هجوم منذ منتصف أكتوبر/ تشرين الأول. وأعلنت المقاومة الإسلامية، وهي رابطة من الجماعات المسلحة الموالية لإيران المرتبطة بشبكة الحشد الشعبي، مسؤوليتها عن معظم الهجمات في العراق، ويتمركز حوالي 2500 جندي أمريكي في العراق للمساعدة في منع عودة الميليشيات الجهادية “داعش” بطلب من الحكومة العراقية.
لقد ظل العراق بلدا يعاني من الحروب منذ عقود. فبعد أن عصفت به حرب الخليج في الثمانينيات وحرب العراق الثانية والغزو الأمريكي عام 2003، سرعان ما تبعتها الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”. ومنذ هزيمته، انقسمت البلاد بشدة، سياسيا ودينيا وإقليميا. وأصبحت المناطق المحررة في حالة خراب والمؤسسات الإدارية تعمل بشكل بدائي، فيما الاقتصاد في تراجع والعواقب هي النزوح والهجرة وتزايد البطالة والفقر. ومنذ خريف عام 2019، كانت هناك احتجاجات متزايدة من قبل السكان على شكل تظاهرات ضد تردي الأوضاع السياسية والاجتماعية والأمنية وعدم توفر الخدمات وسوء المعيشية على مستوى البلاد. وفي الآونة الأخيرة اشتدت المخاوف من أن يتهدد العراق بالوقوع بين جبهات الصراع بين الولايات المتحدة وإيران على الساحة العراقية والشرق الأوسط.
وفيما يتعلق الأمر بالمؤثرات، الداخلية والخارجية التي تتحكم في صناعة القرار، فالعراق يواجه تحديات هائلة كما يعاني من اضطرابات سياسية واقتصادية وفساد غير محدود. والطبقة السياسية لم تنفك عن ممارسة الضغوط على الحكومة التي هي ذاتها أتت بها. فالسوداني وحكومته، يعاني من الصراعات الدائرة بين مختلف القوى والمجموعات العرقية والدينية التي لاتزال تستغل ظاهرة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” الإرهابية، منذ هزيمته، إلى تقسيم البلاد عرقيا ودينيا، فأصبح الوضع هش في كثير من النواحي “دولة ضعيفة بشكل عام”. والمناطق المحررة أصبحت في حالة خراب وانهيار إداري والاقتصادي وأمني.
إن تحقيق الاستقرار في العراق أمر بالغ الأهمية. حتى لا تغرق المنطقة في المزيد من العنف والفوضى، وان لا يكون العراق مسرحا لصراعات طائفية وسياسية وأيديولوجية خارجية. يجب على المجتمع الدولي ان لا يضعف التزاماته تجاه العراق، وأن تتوفر القناعة لدى مختلف الأطراف الماسكة بالسلطة، أيضا تلك التي خارج السلطة، أن تتأكد من أن عملية التغيير السياسي وشكل نظام الحكم وإنهاء التفرد بالسلطة، مسألة حتمية مهما طال الزمن. المنتصر، من يتصالح مع هذه الحقيقة ليتجنب العقاب عاجلا أم آجلا!.