ارفَع ضَمادَتَكَ الأخيرَةِ بَيرَقاً
طارق الحلفي
لَملِم جُروحَكَ صامِتاً لِتَشدَّ أعمِدَةَ النَّهارِ
مُستَسلِماً لِخُطى انتِصارَكْ في زَمانِ الإنكِسار
وَلِزَهرَةِ النّارِنجِ في جُنحِ المدى فَرَحاً
تُطَيَّرُ ضَوعَها
زَغرودَةً، بِسُقوطِ أَسفارِ الحِصارِ
والسِّندِيانُ يُعانِقُ الضَّفَتَينِ مِن لَهَفٍ
وَيُعيدُ صَوتَ مَدينَتي
وَبها الحَدائِقُ زُيِّنَت بِوَسائِدِ السُّمارِ
كَي نورِثَ الأرضَ التي
يَخضَرُ فوقَ تُرابِها تأريخُنا وَحَدِيثُنا
وَنَدى السَّماءِ وبَهجَةٌ للأَنظارِ
وَعُيونُ ماءٍ للنَّهاراتِ التي عَبَرَت على أَجسادِنا
* الى كل شهيد سقط دفاعا عن ارض وشعب العراق
والفُ باءِ الإنتِصارِ
فَالكُلُّ أضحى مِن رَمادِ
مُدُنٌ رَماد
بَشَرٌ رَماد
مَطَرٌ رَماد
والوَقتُ يَصقِلُ سَيفَهُ
وَيَمُرُ مِن بابٍ لِبابِ
طَلِقُ اللسانِ بِلا قِيامٍ او صَلاةٍ أو صِيامِ
وَالقَلبُ نازِف
فَتَطيرُ قُبَّرَةٌ هُنا
لِتَحُطَ مَقبَرَةٌ هُناك
***
اني قَصَدتُكَ، مُصطَفى
اني قَصَدتُكَ والرفاقُ على الطَريقِ الى لِقائي
اني قَصَدتُكَ مُنذُ أن بَدَأَت يَداكَ
خِلَلُ الرَّصاصِ تَلِمُّ أشلائي وَتَبحَثُ عَن بَقائي
اني قَصَدتُكَ أن يَكونَ الأمرَ أمرَك
لكنَّ طّيرَ دَليلُنا سّفَّ التُّرابَ تَوَحُماً
فَبَقَيتَ وَحدَك
وَبَقَيتَ وَحدَكَ خَفقَةُ الرُّوحِ الأخيرةِ
وَبَقَيتَ وَحدَكَ ضِدَّ طَيشِ الإندِحارِ
لِتَلُمَّ أَشلائي وَتَبحَثَ عَن رُخامِ الانتِصارِ
***
الجُرحُ يَنزِفُ وَالسَّماءُ عَليلَةٌ والماءُ قارِص
أَبْعِدْ وَريدي مِن زُناةِ الشَّهوَتينِ
فالجُرحُ نازِف
عانِق حَريرَ قَصيدَتي
فَغِنَاؤها جِدٌ خّفيضٌ دونَ ضَوءٍ او مَدى
والقَلبُ نازِف
***
اني إنتَظَرتُكَ مُنذُ أعوامِ الضَّبابِ بِلا ضِياء
اني انتَظَرتُكَ مَثلُ عَنقاءِ الرَّمادِ بِلا انتِهاءِ
فَاشعَلْ جَناحَكَ كَي أرى وَهَجَ النَّهار
وَارفَع ضَمادَتَكَ الأخيرَةِ بَيرَقاً كَيما أراك
فالأرضُ أرضُكَ
لَيسَ يُورِثُها سِواك