قراءة نقدية.. ديوان(فتنة زهرة الكلام) للشاعر طارق الحلفي
ناصر الثعالبي
وانا افتح ديوان (فتنة زهرة الكلام) للشاعر طارق الحلفي، وقفت مندهشا من الإهداء الذي سورني بتضاد عجيب، بين الوحشة وقوة الحب التي اصبحت لدى الشاعر يقينا.
(الى المرأة التي سقت عجول الوحشة باليقين) / الاهداء
افرد الشاعر للحب مساحة كبيره طعمها بمواقفه المختلفة من السياسة وخيبات الأمل، لحلم اعطى نصف حياته له.
(لملم جروحك صامتا لتشد اعمدة النهار
مستسلما لخطى انتصارك في زمان الانكسار)
قصيدة ارفع ضمادتك الأخيرة بيرقا. ص 20
من اين لهذا الشاعر كل هذه العزيمة في زمن فضيلته الانهزام؟؟
انه يبقى عنيدا يتنقل في منافي الغربة صاحيا
(صحوة في نصف كأس من دماء الزعفران)
قصيدة صبوة. ص 25
تنساب وحشة اماكن الطفولة وشخوص مدينته البصرة فيترجل بخشوع وكأنه يتذكر القول المتوارث (بعد خراب البصرة) لكنه يحلم بانتصاراتها القادمة
(نحمل ابواب ترقبها لهبا…. لعفاف جنائز خيبتنا)
قصيدة البصرة. ص 42
ليؤكد ان” العراق عرين النصر”
(سما بك المجد فارتجت جوانحه
ونلت من سكن الدنيا بطولات)
قصيدة العراق عرين النصر. ص 38
يتألق الشاعر في نقده المباشر لما يدور في وطنه، حين تختفي الشعارات الثورية. ليكون بديلها الاستسلام. يعيد ذاكرة زمن يتفاخر الناس فيه بنضالهم الثوري.
(لم تعد من خيمة الثورة …رؤيا للقيامة
انما عدت طريدا.. لمشاعات العويل …ومعرات ملامه)
قصيدة الثورات المونة. ص 96
ومن هنا انتقل شاعرنا الى التيه بعد ان رأى سفينته الحالمة باتت في مهب الرياح. ثمة ما يؤكد يقظته ثانية إذا مضى يبحث عن نفسه مجتازا صدمة الحيرة والشرود.
وجد الحبيبة التي غمرته بمودة في زمن جفاف العواطف عند كثير من الناس، نتيجة للأحداث الدامية في العراق والتي أرّخها الديوان بصور تقرب القارئ البعيد للحدث الذي يشير اليه.
انغمر الشاعر بالحب وازال غيم العسرة وشرقت الشمس واخضرت رومانسيته الفاعلة. انظروا الى قصيدته (قميص النوم) انها تركيبة من صور رومانسية دقيقة النسيج
(لؤلؤ من زنبق فوق الفراش…..
فتضرجت بأطواق سناء الاحتراق
وقميص فيه طيش من خيوط الزعفران)
ص 34
ديوان الشاعر الحلفي به لمسات انسانية عالية العاطفة. بالرغم من كل الصعاب التي عاشها. فهو يكتب لأطفال بلاده أيضا ولحفيدته بالذات ما يشيع الفرحة والسلام.
(” املٌ ” بُرعمُ ماءٍ
ونسيمٌ من خُزامى
وحكايا مِن خَيالٍ واَغانْ
اخضراً كانَ الندى بينَ يَديها
وسماءً من زهورِ البَيلسانْ
ثَغرُها لَفتَةُ دُنيا وزَغاريدُ الجِنان)
قصيدة الحفية امل. ص50
قصائد الديوان نسجت بيد محترفه. اتمنى لشاعرها الموفقية في الإصدار القادم….