صباح الخير غزّة
زكي رضا
صباح الخير غزّة، ونحن نتنفس الكرامة من رئون فتيانك
صباح الخير غزّة، وفتيانك كالأسود يزأرون وسط أزيز الرصاص ودوّي القنابل
صباح الخير غزّة، وأنت تمسحين نكسة الأنظمة وتطبيع الجبناء، بطبشور الحريّة
صباح الخير غزّة، وأنت تحولّين النمر الأسرائيلي، الى نمر من ورق
صباح الخير غزّة، وأنت تحولّين حياتنا المالحة الميتة، الى حلوة كطعم الشهد
صباح الخير غزّة، وأنت تدخلين معركة الكرامة دون خطابات مللناها لكثرة هزائمنا
صباح الخير غزّة، وأنت تخوضين المعركة بمرسوم من الشعب
صباح الخير غزّة، وأنت تنتشلينا من جادّة الضياع
صباح الخير غزّة، وأنت تجعلين الشمس تشرق في ليلنا حالك السواد
صباح الخير غزّة، وأنت تغتالين جبن الأنظمة
صباح الخير غزّة، صباح الخير صباح الخير صباح العزّة
كم كان صوت المذياع جميلا اليوم، وهو يزفّ أخبارا أنتظرناها خمسة وسبعون عاما، كم كان جميلا وهو ينسينا “ميس تهدي سلامها لعلي في مخيّم ما”، كم كان جميلا وكيف لا يكون جميلا وهو يلحّن أغاني قهرنا وذلّنا كاجمل نشيد للحريّة. كم كان جميلا ونحن نستبدل مفاتيح بيوتنا القديمة ببندقية تقاوم وتنتصر. بنادقك اليوم يا غزّة أقوى من كل طائرات العرب وجيوشهم ، بنادقك اليوم مسحت بالأرض العجرفة الصهيونية وجيشها الذي “لا” يقهر ، رصاص بنادقك قلائد في أعناق نساء وفتيات فلسطين، رصاص بنادقك أساور حريّة لشعبك.
“مهما هُمُ تأخرّوا … فأنّهم يأتون
من درب رام الله، أو من جبل الزيتون
يأتون مثل المنّ والسلوى من السماء
ومن دمى الأطفال، من أساور النساء
ويسكنون الليل، والأحجار والأشياء” (*)
ها هم الفتية يا نِزار، جاؤوا من درب غزّة ومن بحر غزّة ومن سماء غزّة، تركوا المنّ والسلوى لأطفال غزّة وأمطروا العدو بالقنابل والصواريخ، ولم يسكنوا الليل بل سكنوا النهار بعد أن حوّلوا نهار العدو الى ليل. نعم غزّة، ميزان القوى الى جانب عدو مدجج بالأسلحة، عدو يحصل على دعم غربي بلا حدود، عدو له سفارات في من يشاركك لغة الضاد وأعلامه ترفرف في عواصمهم.
غزّة عرفت أنّ الأدعية والتوسّل بالله لا يعيد كرامة شعبها، وأنّ خطب الملوك الرؤساء والأمراء التي تُكتب في تل أبيب لن يعيد لها كرامتها، و “إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ”، وقد بدأت غزّة بالتغيير.
(*) أبيات من قصيدة فتح للشاعر نزار قبّاني