دولة القانون تحتضن الرفيقات
زكي رضا
الأيّام الأخيرة كانت حبلى بأخبار الرفيقات اللواتي تصدّرن المشهد الأعلامي بالعراق، والحقيقة هي أنّ المشهد السياسي العراقي يتصدرّه نسبة كبيرة من شذّاد الآفاق واللصوص والفاسدين والقتلة ونسبة لا بأس بها من البعثيات والبعثيين، منذ أن وصلوا الى السلطة على دبّابة أمريكية بحلّة جديدة ولليوم. ومن ضمن التنظيمات والتحالفات العديدة التي تتداول السلطة فيما بينها نتيجة نظام المحاصصة الطائفية القومية، كانت حصّة “دولة القانون” بزعامة نوري المالكي وحزب الدعوة الأسلاميّة من أخبار الرفيقات هي حصّة الأسد.
أرى ومن أجل سواد عيون المالكي وحزبه و “دولة قانونه” أن نبتعد قليلا هنا عن وصف البعثيات بالرفيقات ليس لكونهنّ غير بعثيات، بل كون الأحزاب الأسلامية وجماهيرها يوجّهون هذه التهمة على غيرهنّ أيضا، كما تناول أعلامهم وجيوشهم الألكترونية ثائرات وثوار أنتفاضة تشرين المجيدة ووصفوهم بأبناء الرفيقات، ومن أشد المستخدمين لهذه التسمية كان إعلام حزب الدعوة وقناته الفضائية (آفاق). كما وعلينا وأحتراما للذوق العام الأبتعاد عن إطلاق صفة السقوط الأخلاقي بشكل صريح في الأعلام على خليلات الدعاة ونوّاب “دولة القانون”، ليس لأنّ ما تناولته وسائل الأعلام ومواقع التواصل الأجتماعي حول تعدّي فتاتين على رجل شرطة وتهديده ببرلماني من “دولة القانون” ليس بسقوط أخلاقي، بل إحتراما لثائرات العراق اللواتي قدّمن أروع صور الوطنية والبطولة والإيثار في أنتفاضة تشرين وأتهامهنّ بالسقوط الأخلاقي من قبل الأحزاب الاسلامية وجماهيرها!
في كانون الأوّل من العام 2022 صدر قرار من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، الغت فيه الوزارة شروط المساءلة والعدالة لطلبة الدراسات العليا في الجامعات العراقية، ما دفع حزب الدعوة الأسلاميّة الى أصدار بيان شديد اللهجة نشره في موقع قناة آفاق الفضائية المملوكة للحزب بتاريخ الثالث من جمادي الثاني 1444 للهجرة الموافق للسابع والعشرين من كانون الأوّل 2022 للميلاد جاء في بعض فقراته من ” أنّ مشاعر العراقيين المجروحة من هكذا قرارت تأتي في غفلة وعدم دراية ودراسة كافية بالوضع السياسي والاجتماعي العراقي ستتحول الى مرحلة الغليان والانفجار”، وأنّ الحزب يحذّر الحكومة من أنّ “الغفلة عن هكذا قرار من شأنه ان يفتح جامعاتنا على طوابير من التدريسيين الذين تم تشكيل عقلياتهم بافكار البعث”، وأنّ هذه القرارات “تجعل طلبتنا عرضة للانتقام الثقافي والتشويه المعرفي ، على يد من كان بالامس يجر اذيال الذل والعار والخيبة بعد انهيار منظومة الدكتاتور القمعية ..”!
بعد نشر الأعلام ومواقع التواصل الأجتماعي لثلاثة وثائق (لليوم) حول الرفيقة عالية نصيّف النائبة البرلمانية عن “دولة القانون” لثلاث دورات متتالية، سبقتها دورة برلمانية عن القائمة العراقية، علينا أن نسأل نوري المالكي وزعماء حزبه وقائمة “دولة القانون” إن كان وجود الرفيقة عالية نصيّف في قائمته وحمايتها تجرح مشاعر العراقيين، أم لا؟ وهل وجود هذه الرفيقة كاتبة التقارير من أجل تدمير حياة الناس عهد حكم رفاقها البعثيين السابقين وليس رفاقها الدعاة الجدد في أعلى هيئة تشريعية بالبلاد ذلُّ وعار وخيبة، أم يجوز للمالكي وحزبه ما لا يجوز لغيرهم؟ ويأمل الحزب في ختام بيانه “من السيد الوزير ورجال الوزارة والطلبة وكافة الفعاليات الثقافية والسياسية وابناء الشعب الواعين ان يقفوا صفا واحدا وفي خندق واحد هو خندق الشعب والدستور من اجل صد هذه الهجمة الجديدة على النظام السياسي ومستقبل ابناء العراق ..”. يبدو أنّ الخندق الدعوي الواحد، هو كما خندق البعث في كرّاسة المجرم صدّام حسين ” خندق واحد أم خندقان”، فوجود رفيقات ورفاق بعثيين قياديين في قائمة ” دولة القانون” دلالة على خندقان، أولّهما خندق حزب الدعوة ومعه عتاة البعثيات والبعثيين وفساد حكوماته المتتالية للحفاظ على نظام المحاصصة سيء الصيت والسمعة، والخندق الآخر هو خندق أبناء شعبنا المكتوي بجرائم الرفيقات والرفاق السابقين والجدد.
* كتاب القيادة القومية لحزب البعث الفاشي الى مديرية الأمن العامّة، إثر تقرير رفعته الرفيقة عالية نصيّف.
* رسالة بخط يد الرفيقة النصيرة عالية نصيّف، تشتكي فيها المدرّس عبد العبّاس ظاهرعبّاس.
* كتاب مديرية أمن بغداد لمديرية الأمن العامّة حول تقرير الرفيقة النصيرة عالية نصيّف
يعرّف قانون الهيئة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة الصادر في العام 2005 في مادّته الأولى، رابعا، الأجتثاث-: ً الإجراءات التي تتخذها الهيئة وفقا لأحكام هذا القانون بهدف تفكيك منظومة حزب البعث في المجتمع العراقي ومؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع المدني فكريا وإداريا وسياسيا وثقافيا وأقتصاديا. فهل البرلمان العراقي مؤسسة من مؤسسات الدولة، أم ملك طابو للمالكي وحزبه و”دولة قانونه”، ليعيث فيه الرفاق والرفيقات فسادا ونهبا وأجراما!؟ وتعرّف الفقرة 6 من نفس المادّة، العضو-: هو كل شخص انتمى لحزب البعث وادى يمين الولاء له. ويبدو من أنّ الرفيقة عالية نصيّف لم تقسم بيمين الولاء لحزب البعث الّا تقيّة، كونها كانت عضو في حزب الدعوة وقتها! ويعرّف القانون في فقرته التاسعة من نفس المادّة أعوان النظام -: وهم الأشخاص من المنتمين إلى حزب البعث، أو المنتسبين إلى الأجهزة القمعية أو المتعاونين معهم أو المستفيدين من نهب ثروات البلاد، الذين استخدمهم النظام البائد في قتل المواطنين وقمعهم واضطهادهم بأي شكل من الأشكال. وهذا يعني أنّ قائمة “دولة القانون” تضمّ في صفوفها منتسبين للبعث الفاشي، الذين أستفادوا من نهب ثروات البلاد في عهد البعث والدعوة. علما أنّ مجلس القضاء العراقي الأعلى كان قد أصدر قراري أدانة ضد الرفيقة عالية نصيّف والزمها بدفع تعويضات مالية للـ (المدعي) “المستشار القانوني جمال طاهر الأسدي، بمبلغ مالي، عن قيمة الضرر الأدبي لثبوت قيامها بالاعتداء اللفظي عليه، أثناء أداء واجباته ومهامه وفق الأصول”، كما أصدر قرار آخر بتعويض “مساعد المفتش العام في وزارة الداخلية العراقية (حسين يوسف التميمي)، بمبلغ مالي نتيجة قيامها بالاعتداء اللفظي غير الأخلاقي، أثناء تنفيذه الواجب الرسمي بإلقاء القبض على ابن شقيقها متلبساً باستلام (رشوة) بالجرم المشهود”
تضاف وثائق الرفيقة عالية نصيّف اليوم، الى ما تناولته وسائل الأعلام حول حماية النائب عن دولة القانون بهاء النوري، لأمرأتين تعدّين على رجل شرطة أثناء دوامه الرسمي وأمام الملأ، وإخراجه إياّهنّ من مركز الشرطة. فهل وصل العراق في عهد المالكي وحزبه وباقي أحزاب المحاصصة بأكملها الى الحضيض الأخلاقي، أم أننا في طريقنا الى ما هو أدنى من الحضيض الأخلاقي والوطني.. ؟