المخرج محمد شكري جميل بعد انتهاء العرض يقول: هذا ليس فلمي!
نزار شهيد فدعم
وزارة الثقافة تطلق فيلم المسرات والاوجاع بعد 12 عاما” من انتاجه
المخرج محمد شكري جميل بعد انتهاء العرض يقول: هذا ليس فلمي!
بعد عرض الفيلم كثير من الآراء الغاضبة والتنمر!
الروائي والسيناريست شوقي كريم ” لم يك الفيلم مهماً ولا مؤثرا ومن خلاله انتهت اسطورة محمد شكري جميل”.
د. صباح الموسوي “افتقد العمل الحبكة الدرامية بين أحداثه وارتكز على الحوار في التجسيد دون التمثل الصوري “
الأستاذ باسم عبد الحميد حمودي ” ان الهجوم غير الموضوعي على المخرج محمد شكري جميل جاء لأسباب لا علاقة لها بالفن”.
الذين حضروا فيلم المسرات والاوجاع حتى يشاهدوا فيلم جديد هم في وهم كبير لان الفيلم مضى على تصويره وانجازه اثني عشر عاما” وخلال هذه الفترة تغيرت وتطورت اللغة السينمائية والتقنية السينمائية ، والذي جذبه أسم المخرج محمد شكري جميل فنقول له ان الاسم وحده لا يصنع فيلما” جيدا” خصوصا” عندما لا تتوفر البيئة والعناصر القادرة على الإحاطة بصنع فيلم جيد والذي يتصور أن محمد شكري جميل سرق فرصته فانه يتجاوز الحقيقية لان فيلم محمد شكري جميل المسرات والاوجاع كان ضمن عشرات الأفلام التي تم انتاجها من خلال مشروع بغداد عاصمة الثقافة وهي متقاربة في مستواها الفني ، لا محمد
شكري جميل ولا دائرة السينما والمسرح بأدارتها الحالية ولا حتى الوزارة مسؤولة عن ذلك، هي كانت فرص متاحه والكل تسابق اليها بشكل شرعي وغير شرعي في قطف ثمارها.
بعد طول انتظار تم عرض فيلم المسرات والاوجاع للمخرج محمد شكري جميل الذي اعده وكتب السيناريو له الأستاذ ثامر مهدي عن رواية الكاتب فؤاد التكرلي في مساء السبت 4/3/ 2023 على قاعة المسرح الوطني بعد انتظار طال 12 عاما” مثلما قال وكيل وزارة الثقافة د. نوفل أبو رغيف.
الفيلم من انتاجات بغداد عاصمة الثقافة 2013 التي أثيرت حولها الأسئلة والشبهات بسبب الفساد الذي رافقها وضعف المستوى الفني لمعظم الأفلام التي تم انتاجها ضمن هذا المشروع رغم انها حملت أسماء بعض المخرجين والممثلين والفنيين المهمين لكن بشكل عام أصبح عنوان أفلام بغداد عاصمة للثقافة عنوان للفساد وضعف المستوى الفني والفكري رغم بعض الأفلام التي حاولت ان تثبت جدوى أنتاجها وخرجت من سقف التوقعات الذي أصاب هذا المشروع .
بهذا الأجواء المشحونة بالشك والاتهامات الجاهزة، والانتظار لما سوف يقدمه مخرج مثل محمد شكري بعد عمره الطويل وتجربته الكبيرة وبميزانية وجدها البعض سبة عليه رغم انها مبلغ متواضع إزاء تكاليف فيلم مثل المسألة الكبرى او فيلم الاسوار او ملك غازي رغم علمي ومن خلال التجربة العراقية أن الأرقام التي تضع على الورق ليست هي التي تصرف على الفيلم لأنه يذهب جزء ليس قليل منها بما لا يخدم الصورة ولا يظهر على الشاشة.
الوجوه التي دخلت المسرح الوطني مستبشرة فرحة وتوزعت بين أرجائه تلتقط الصور التذكارية لغرض عرضها في مواقع التواصل الاجتماعي خرجت بشكل عام ناقدة وناقمة
بل أن الكاتب والروائي وكاتب السيناريو الأستاذ شوقي كريم كتب في صفحته في الفيس بوك (لم يك الفيلم مهماً ولا مؤثرا ومن خلاله انتهت اسطورة محمد شكري جميل ، المثير للجدل والمغرم حد الاستغراب في تهميش الحقائق وتقديم ما هو مغاير لها، المسرات والاوجاع الذي لم تفرق الجهة المنتجة بين كونه قصة ام رواية، كشف الغطاء عن المسكوت عنه ، من ان الفن السينمائي يحتاج الى فهم وقراءات صورية تجدد معانيه وتعطيه دفقاً من النجاحات اثناء عرضه،، اليوم كان المسرات والاوجاع خيبة امل في كل ما احتواه،،واسهم في قتل واحدة من اهم مرجعيات السردية العراقية التي نعتز بها)
من الرواية الى الفيلم
كتب أحد النقاد في عرضه لرواية المسرات والاوجاع (قليلة هي الروايات العربية التي يستطيع الناقد أن يصفها بأنها من كبرى الروايات الإنسانية، ويدخلها في زمرة الروايات الكبيرة. وهذه الرواية من الروايات العربية القليلة التي تعد على أصابع اليد الواحدة والتي يمكن أن تدخل في زمرة هذه الروايات الكبرى).
نحن أزاء عمل روائي متميز ويغطي فترة طويلة من تاريخ العراق اريد منه أن يكون مثل رواية الحرافيش التي كانت مادة غزيرة للأفلام المصرية لكن مع الأسف كان الاعداد قاصرا” على شخصية توفيق والتحولات التي شهدها وشهدها البلد من خلال الأنظمة السياسية التي تقلبت عليه ولكن باستحياء ، النتيجة كانت غير مشجعة وتحمل هنات في داخلها يتحمل نتيجتها كاتب السيناريو الذي حاول ان ينجز عمل ملحمي لكنه الغي وشطب الكثير واعتمد في خط السيناريو على شخصية توفيق الجدلية والحسية المحب للحياة والجنس وابقاها أسيرة الصورة التي رسمها له بعيدا” عن الشخصية الروائية من خلال المرور على الكثير من الاحداث التي صنعت الاسرة عندما جاءت الى خانقين لتسكن حارة القردة، احداث مهمة تم تجاوزها اكثر اهمية من توفيق وانتماء الوجودي وانحداره الفكري والاجتماعي رغم اعتماده على الحوار الروائي الذي لم يوظفه السيناريست في توسيع أفق الفلم وعمقه ولم يتم توظيفه ضمن بناء صوري كتب د. صباح الموسوي في صفحته بالفيس بوك (افتقد العمل الحبكة الدرامية بين أحداثه وارتكز على الحوار في التجسيد دون التمثل الصوري ) يمكن هذا الذي أصاب الفيلم بمقتل لان كاتب السيناريو اعتمد على حوار الرواية في بناء المشهد ولم يصوغ الحوار الخاص به في مشهدية السيناريو الذي كتبه لان حوار الرواية أداة تعبير أساسية بينما في السينما فهو عامل مساعد او مكمل للتعبير الصوري الذي هو أداة المخرج وكاتب السيناريو في التعبير عن أفكارهم ضمن بناء درامي يخدم سياق الفيلم ويعبر عن مكنون الشخصيات ويطور بناء الحدث بشكل تصاعدي بعيدا” عن ما يسمى بالحوار الطبيعي الذي هو في مضمونه وتوقيته ثرثرة من غير طائل .
أشتغالات المخرج
منذ البداية أصر المخرج على تصوير الفيلم بكاميرا سينمائية وبفيلم خام نكتف وطبع نسخ الفيلم حتى يعرضها من خلال مكينة العرض سينمائيا” رغم ان العالم غادر هذه التقنية وودعها منذ سنوات وتم وضع الكاميرات وأجهزة العرض السينمائي في متاحف السينما وإزاء إصراره الغير مبرر تم رفع كلفة انتاج الفيلم تنفيذ” لمطالبه.
النظرة التي لم تواكب التقنية وتطورها انعكست بالتالي على مجمل العملية الفنية، خصوصا” مع عدم وجود كفاءات فنية كبيرة في الإنتاج كانت تسند عمل محمد شكري جميل بشخصية المرحومين رمضان كاطع وضياء البياتي وتجربتهم وحضورهم وهذا ينسحب الى كل العملية الفنية من الأزياء والاكسسوارات والديكور واختيار المواقع والإدارة الإنتاجية وشهد الفيلم مشاكل إنتاجية وفنية تحملها المخرج وحده رغم أن الجميع شركاء فيها .
ضعف حضور الممثل جزء من ضعف شخصية المخرج
ومن أدوات المخرج في العمل هو الممثل وذلك من خلال اختيار الممثل المناسب للشخصية المناسبة ، لكن يبدو ان المخرج محمد شكري جميل جانبه الحظ هذه المرة بتوزيع الأدوار لأننا وجدنا كثير من الممثلين الذين اختارهم ومنحهم أدوار مهمة غير مؤهلين للوقوف أمام الكاميرا بقوة وحرفيه ولو كان هناك اختبار في اختيار الممثلين لوجدنا اغلبهم خارج الفيلم وهذا أيضا” يقودنا الى مناقشة ضعف الأداء التمثيلي وعدم سيطرة المخرج على أداء ممثليه وعلى فريق عمله في مواقع التصوير التي لم تؤثث بشكل جيد وتشكو في أحيان كثيرة من ضعف الاكسسوارات وعدم سعة المكان لذلك كان الممثل والكاميرا مقيدين الحركة ، كذلك لم ينتبه مساعدين الإخراج ولا فريق الإنتاج لظهور سيارات حديثة في اللقطات العامة هذا الأداء يغلب على اغلب أفلام بغداد عاصمة الثقافة ، كثير من الذين شاهدوا فيلم قاسم حول بغداد خارج بغداد لاحت لهم في عمق الكادر في بعض اللقطات اطباق الستلايت وهو كان يتناول زمن سابق بكثير لدخول الستلايت لبغداد .
قلة الكفاءات الفنية العاملة في السينما !
الفضائيات ومكاتب الإعلان استنزفت كوادر السينما وسحبتها اليها لذلك عملية صناعة فيلم وسط مثل هذه البيئة الحالية معضلة خصوصا” وليس هناك وقت للتدريب واعداد الكوادر السينمائية فكان التدريب والتوجيه خلال فترة التصوير وهذه حالة غير صحية ومكلفة إنتاجيا” وكان المخرج يتعرض لضغوط هيئة الإنتاج حتى لا يتعدى سقف الميزانية فيضطر للموافقة على أضعف الحلول والنتائج الفنية.
ولأول مرة اشاهد المخرج محمد شكري جميل يميل الى تحديد لقطاته بلقطات متوسطة وقريبة وكأننا في فيلم تلفزيوني رغم انه في اغلب اعماله منذ فيلم الظامئون والاسوار والمسالة الكبرى وملك غازي يميل الى اللقطة العامة التي تعطي للفيلم جو عام وترسم مسار الحدث وابعاده وتمنح المشاهد جمالية المكان، أضافة الى ان حركة الكاميرا والممثل كانت مقطوعة في بداية المشهد ونهايته وهذا ينسحب على كثير من اللقطات ورافق ذلك جماد أداء الممثل وبطئه الإيقاع ويبدو لي مثلما عرفت أن هناك من قام وبدون علم المخرج بمونتاج العمل ورفع منه أكثر من 20 دقيقة !.
الوثيقة التاريخية واشكاليات استخدمها
“معروف أن تَشكّل مفهوم التاريخ وبلورته واستحضاره، تتمّ بطريقتين: الأولى كوثيقة تاريخية، تستثمره الصورة الفوتوغرافية، مُكتسبةً شرعيتها في التأريخ لثبوتها وصنميّتها. الثانية كمادة تاريخية، تُصرَف في مُنجز سينمائي، بطريقة يغدو التاريخ معها حكايةً متخيّلة، تفلّت من أيّ نزعة تقريرية أو تعليمية، وبفضلها تُستشفّ معرفة تاريخية “
لكن هذه المادة التاريخية الوثائقية من خلال الأفلام التي تم توظيفها كانت غير صالحة فنيا” وكانت مجرد نقاط بيضاء تملئه الشاشة و لم يكن صعب الحصول على نسخة جيدة منها ودمجها مع بنية الفيلم الروائي حتى تعطي التأثير المطلوب لها يقول المفكّر الفرنسي المعاصر مارك فيرّو عن التأكيد على ضرورة إعمال السينما كوثيقة تاريخية، لأنها تكشف الوجه الآخر للمجتمع وجوانبه المنسية، والتي ربما لا ينتبه المؤرّخ إليها، بينما يُمسك المخرج السينمائي بتلابيبها، ويُعيد معها مسرحة اللحظة تاريخياً، بطريقة لا يُمكن للمخيّلة نسيانها.
لكن كاتب السيناريو تجاوز ذلك وقدم لنا مشاهد موحية وذات دلالة كانت اشد تأثيرا” من الوثيقة الفيلمية الفاقدة التأثير بسبب كونها غير صالحة فنيا” تعرض على الشاشة من خلال مشهد لتوابيت تمر امام المقهى أيام الحرب العراقية الإيرانية ومشهد تعليق ورفع صور الرؤساء الذين تناوبوا على حكم العراق.
ملاحظة: يمكن الاستفادة من هذا الهامش
الأستاذ باسم عبد الحميد حمودي “الهجوم النقدي المتشنج على سيناريو واخراج فلم المسرا ت والاوجاع تكرر من قبل أكثر من صوت في وقت ان الكثير من المهاجمين لا يصلحون ان يكونوا تلامذة لدى السيناريست المبدع ثامر مهدي الذي اختار خطا دراميا من الرواية اشتغل عليه “