بهدف توسيع آفاق التعاون الاستثماري والتجاري ولاسيما في مشروع “طريق التنمية” المزمع البدء بتنفيذه قريبا من قبل حكومة العراق.. أعرب الشيخ تميم بن حمد آل ثاني عن عزم دولة قطر استثمار 5 مليارات دولار في عدد من القطاعات في العراق خلال السنوات المقبلة.
5 مليارات دولار “تعتَزِم” دولة قطر استثمارها في العراق(أي أنّ الأمر غير مؤكّد إلاّ حين يتمّ “التسديد” أو التنفيذ الفعلي على أرض الواقع).. وسيكون ذلك في عدد من القطاعات (وليس لـ”طريق التنمية” بالتحديد).. و “خلال السنوات القادمة”.
فّاذا كانت هذه السنوات هي خمس سنوات (مثلاً)، فهذا معناه أنّ قطر ستمنحنا مليار دولار في كلّ عام(على شكل مشاريع وليس عن طريق الدفع النقدي طبعاً).
لماذا يحتاج العراق إلى 5 مليار دولار من قطر في وقت يبدأُ فيه العمل بموازنة “ثلاثيّة” تتضمن إجمالي إيرادات(لكل عام منها) قدرها 134 تريليون و5 مليارات دينار (103,4 مليارات دولار).. أي ما يُقدّر بـ 310,2 مليار دولار لثلاثة أعوام؟؟
لماذا يُبدّد العراق الكثير من ايراداته وموارده من خلال نفقات عامة مقترحة(لكلّ عام من أعوام الموازنة الثلاث) قدرها 198 تريليون و910 مليار دينار (153 مليار دولار).. أي 459 مليار دولار لثلاثة أعوام، بزيادة في الإنفاق قدرها 98 ترليون دينار (ما يقرب من 67 مليار دولار) عن آخر موازنة “سنويّة” أقرتها البلاد عام 2021؟
تحتل النفقات “التشغيلية” في هذه الموازنة الحصّة الأكبر من الانفاق بمبلغ 133 ترليون دينار “سنويّاً” (ما يقرب من 93 مليار دولار)، أمّا النفقات “الرأسمالية” – “التنمويّة” فتُقدّر بـ 39 ترليون دينار سنويّاً.. فقط لا غير.
وكما يحدث في كل موازنة عامة تمّ اعدادها منذ العام 2003، فإنّ تخصيصات الموازنة الاستثمارية تندرِج في إطار “عجز” الموازنة، ومحكومة بتغيّراته في نهاية السنة المالية، و يُقدّر هذا العجز بـ 64 ترليون دينار سنويّاً.. أمّا النفقات التشغيلية فهي نفقات “حاكمة” وينبغي تمويلها من الإيرادات العامة على الفور!!
واستناداً لوزارة المالية – بيان الموازنة الاتحادية لعام 2023 – فإن الموازنة وزعت بين 75 بالمئة نفقات تشغيلية و 25 بالمئة نفقات استثمارية.
وتشكل الرواتب نحو 29.7 بالمئة من الموازنة – وفقا لبيان الموازنة – وذلك “لتلبية متطلبات التعيين الجديدة التي أقرتها الحكومة”.
وهؤلاء “المُتعَيِّنون” الجُدد(كأقرانهم القدامى)، يتكدّسون في “الدوائر” الحكوميّة “عطّالون- بطّالون)، يتأبّطون “علاليكهم” في بداية كلّ يوم “عمل”، و “ياكلون ويسولفون”، إلاّ ما رحم ربّي.
هل “طريق التنمية” يتطلّب ذلك؟
وإذا كان هذا هو “طريقنا الخاص” في التنمية، فلماذا لا نُنفِقُ عليه من مواردنا الماليّة الهائلة، أو من خلال خفضٍ بسيط في انفاقنا “التشغيلي” الهائل؟