ذات وَخْمَه
يحيى علوان
في جلسةِ شواءٍ مع زُمرةٍ من الصَحبِ ، حين هربنـا من وَخْمَةِ برلين إلى ضفة النهر..
كَرَعنـا ما تَيسَّرَ من ” الزحلاوي ” وآثرَ أَحدُنـا “إبنَةَ العِنَبِ.. ولَمّـا إنتصفَ الليلُ ، وغدا الهواءُ عليلاً ، طابت النفوسُ..
+ زُرنـا بلقيسَ ، كانت تُلمِّعُ خُلخالَها ، قبلَ أَنْ تدخُلَ على سُليمانَ وتَكشِفَ عن
ساقيها …
+ صعدنـا سفحاً ، ودخلنا كهفاً ، فوجدنا ” أهله ” نياماً .. لَمْ نُعكِّرْ رقدَتهم ..
+ زُرنـا بِـلالاً ، أَيقظناه ..كـي لا يفوتَه أذانُ الفجر، لأنَّ الخمـرةَ أَثقَلَتْ رأسه..
+ مَرَرْنا سِراعاً بدارِ أبي سفيانَ ، لكننا لَمْ ندخُـلْ..!
+ ومن وراءِ ، ما لا أدري كمْ من الحُجُبِ ، زُرنـا أُمهات المؤمنين ،
وجدناهن شَمطاواتٍ ، إلاّ عائشة و زينب .. كانتا حلوتينِ تسلبان العقلَ،
بَضَّتَينِ ، فيهما عَبَقُ أُنوثةٍ طاغية..
+ رأينا أبا ذرٍّ يَتسوَّلُ تارةً عند بابِ بن عوف ، وأخرى عند بابِ أبي سفيان !!
+
زُرنـا الحلاّجَ .. لَمَمْنا ما قَطَّعه بنو العبّاس من جسده، نَفَخنا فيه.. ولمّا إعتَدَلَ، أَهديناه نظّـارةً من ماركـة ” أبولو ” وإشتراكاً كي يسوحَ مجاناً في “الشبكةِ العنكبوتية“..
+ زُرنا سرفانتس، وجدناه مُنشغلاً، على ضوءِ سراجٍ كليلٍ، بمخطوطة لسيدي أحمد بِنغالي عن دون كي خوته ، ، فلمْ نُزعجهُ ،
+أبصرنا مولانا جلال الدين الرومي يَرقصُ الهب هوب ، لكنه تَعثَّرَ بجُبَّته فسقطت
عمامَتَه ،
+رأينا بروميثيوس یرتعشٍ عارياً تحتَ الجسر في كرويتسبرغ ، يتسوَّلُ وَلعَةً لسيكارة حشيش تُرتجفُ بين أصابعِه… فصَعَدنا الأولمب ورمينا بصندوقة پاندورا عند قَدَمَيْ زيوس !
+ زُرنا فيدريكو لوركا ، نَزَعنا الرصاصَ من قفاه ، فأنْشَدَ لَنَا غجريته ” أمبارو “(2)
+
زُرنـا بول روبسن، طَمَعـاً بواحدة من إسطواناته، أحالنـا إلى لِيوِي أرمسترونغ، ونام..
+
زُرنـا ماركس ، فأَخبرَنـا أنـه ليس ماركسياً (3)
+
رأينـا عصـا موسى ، نَخَرَهـا السوسُ من الداخل ..
+
أبصرنـا خبزَ المسيح في عيـونِ الجيـاع..
+ورأينا ما لا أجرؤُ على البوح به ….!
لكننـا لَمْ نَزُرْ حاتم الطائـي، كي لا يُفَتِّتَ لنا شحمَ فَرَسِه..
…………………
………………..
الحاناتُ نامت فَرْطَ السَهَر ،
بائعاتُ الهـوى ذهبن يُجرجرنَ أَذيالَ النُعاسِ ، بعدَ ليلةِ عملٍ شاقّة..
الدجّالونَ بائعو الأوهام حملوا حقائبهم بخفةِ لصوصٍ مَهَرَةٍ ، ليدفنوا رؤوسهم في وسائد توفِّرُ لهم أحلاماً بصيدٍ سهلٍ في اليوم التالي .
وهكـذا عُدنا ، قبلَ أَنْ يَقرِضَ الفجرُ الليلَ .. ويرحلَ آخرُ قَطـارِ مترو !
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) (الوخمة: قيظٌ شديد مصحوبٌ برطوبةٍ عالية ( عاميّة عراقيّة ، بصرية تحديداً ، لأنَّ البصرةَ تقعُ على فم
الخليج العربي.)
(2) آخر قصيدة له ، كتَبها قبل يومٍ من إعدامه على يد الكتائب الفرانكوية الفاشية .
(3) قالها في معرض نقده للإشتراكيين الفرنسيين ، لاسيما صهريه بول لافارغ و شارل لونك.