(لا احد يولد ويحلم بأن يكون لاجئا” ) قتيبة الجنابي
فيلم بينايكو العراقي مثلما سماه البعض للمخرج قتيبة الجنابي وهذا غير فيلم بينايكو المخرج غييرمو ديل تورو 2022 الذي اعتمد على مرجعية قصصية وافلام سابقة عملت من هذه القصة عن صانع الدمى جيبيتو الذي يعمل على صنع دمية تشبه بمواصفاتها شكل ولده بعد تأثره لفقدانه لكن الدمية بينوكيو يترك أبيه وينطلق بحثاً عن طريقة ليكون طفلا” حقيقيا”.
فيلم قتيبة الجنابي رجل الخشب خارج سياقات النص الأرسطي وخارج سياقات الواقعية الاشتراكية رغم انه يأخذ منها انسانيتها وقضاياها الكبرى ويتبنى طروحاتها ، فيلم رجل الخشب خرج من رحم المعاناة بفكرة غاية في العمق وبسريالية حاول المخرج ان يختزلها بأدوات تعبيريه وفرها له السيناريو المكتوب بعناية موظفا” المكان والأجواء الثلجية والريح العاتية وبعض التفاصيل الصغيرة .
قتيبة الجنابي لم يستعين بالرسوم المتحركة ولا بنظام بتقنية Stop motion في صناعة فيلمه بل وظف رؤياه في صناعة دمية مثلما كان يتصورها في خياله واحلامه ورسم لها الزوايا وحددها داخل الاطار الذي يريده وبدء العمل عليها ليخلق منها شخصية واقعية محسوسة وذات تأثير من خلال مواقف احسن سردها بصريا” بمساعدة مونتير الفيلم الذي ساهم أيضا” معه في كتابة النص الفيلم الذي بث فيه المخرج الروح بأبداع وبإمكانيات متواضعة وبكادر فني محدود من الموهبين والمبدعين تم اختيارهم بحرفية من أجل توظيف قدراتهم الابداعية في صناعة الفيلم ، وتمكن المخرج باقتدار توظيف زوايا التصوير والعدسات والتكوين وخلق حركة داخل اطار الصور الثابت بشكل محسوس .
الصورة المرسوم لوجه رجل الخشب وانا اسميه (الولد) والتي بداءة في أحيان كثيرة بدون تعبير لكن الإضاءة ومساقطها كانت تمنحها مشاعر إنسانية تنعكس من دواخل روح المخرج الذي يحاول ان يبث فيها الحياة داخل مساحة اللقطة والمشهد لغرض خلق التأثير المطلوب على المشاهد وقد حلق بنا عاليا” ووسع افق خيالنا ونحن نتابع الفيلم الذي منحه المونتير ايقاعا”خاصا”و حيوية من خلال تحديد زمن اللقطة وتحديد مكان القطع وكان دائما” في محله عبر تراتبية في اللقطات ومنطق محسوس في الانتقالات وفلسفة جمالية في بناء المشهد والانتهاء منه .
وانا أتابع الفيلم لم أحاول البحث عن قصة ولا عن حكايات فرعية لأنه اللقطة والجو العام الذي يحيط بها من موسيقى ومؤثرات صوتية استطاعت ان تشدني اليها كي اتابع الفيلم الى النهاية بسيل من الصور المتحركة وبمنطق سببي يربطها بدون ملل رغم ان بينايكو العراقي كان سيد الفيلم حتى في لحظات غيابه ، جمال وثراء الصورة الفلمية كان رائعا” خصوصا” والمخرج خريج مدرسة هنغاريا في التصوير يعني سليل أولئك المصورين العظام مثل لاسزلو كوفاكاس ولاجوس كولتا وغيرهم من المصورين الكبار ،كان يبعث الحياة في اللقطة السينمائية والمشهد الفلمي حتى لو كانت طبيعة صامته .
فيلم رجل الخشب توفرت له عناصر النجاح مكتملة بإرادة مخرج يملك تصور كامل عن الفيلم قبل ان يصوره ومنذ سنوات وكان ينئه من حمله معه وكانت صرخات الحنيين والعودة الى الجذور توجع قتيبة فحول هذه الصرخات الى نص بصري فيلمي ، لكن ياترى هل ارتاح قتيبة وارح وهو يشاهد فيلمه (حلمه) وهو يتنقل بين مهرجات العالم والا يظل الغريب غريبا”! والمنفى قدرا”!.