ميليشيا الحرس القومي لحزب البعث
الثامن من شباط والتاسع من نيسان والعاشر من شباط .. أجتياح بغداد
زكي رضا
كلاكيت رقم واحد..
فيلم أجتياح بغداد لمخرج مغولي بتاريخ العاشر من شباط 1258 ..
الحرائق تلتهم القصور والبيوت والمدارس والمتاجر والخانات ودور العبادة، النيران تلتهم البشر وتلاحقهم في كل مكان، الآلاف يغرقون في نهر دجلة، الرعب تراه في عيون الأطفال والنسوة، تاريخ وثقافة المدينة يحترق بحرق بيت الحكمة، الموت والدمار يقابله ضحكات الغزاة وقهقهاتهم العالية وهم ينظرون ثملون الى عشرات آلاف الجثث التي تملأ شوارع المدينة، الرماح تخترق صدور رجال العلم والأدب والفلسفة والتاريخ، رؤوس الساسة والرجال الذين قاوموا حراب الرعاع تراها معلّقة على ما تبقّى من جدران المدينة، بين الأنقاض والدمار المنتشر في كل مكان ترى الرعب والخوف يسيران مرعوبَين وخائفَين من هول المشاهد.
كلاكيت رقم أثنين..
فيلم أجتياح بغداد، الجزء الأوّل لمخرج أمريكي بتاريخ الثامن من شباط 1963 ..
طلقات من رشّاش بور سعيد العروبي تنطلق الى صدر جلال الدين الأوقاتي ليكون دمه الذي لوّن أسفلت بغداد في هذا اليوم ساعة صفر الهجوم البربري ومقتل الإله تمّوز، طائرات تقصف مبنى وزارة الدفاع، جماهير تطالب عبد الكريم قاسم بتسليحها، الدبابات البعثية تضرب المنتفضين عند مبنى وزارة الدفاع، مبنى الأذاعة يتحول الى محكمة وساحة أعدام، التتار لم يهدموا قصر الرحاب هذه المرّة بل حولّوه الى مسلخ بشري، لجان الحرس القومي المجرمة تتجول ناشرة الرعب في الشوارع والبيوت، سلام عادل يصدر بيانا يطالب الشيوعيين فيه بالمقاومة، المقاومة تنتشر في الكاظميّة وعقد الأكراد والثورة والكريمات والشاكرية والشعلة رغم ضعف الأمكانيات، جثث الشيوعيين المقاومين تملأ الشوارع والأنهار، البعثيون على خطى المغول يقتلون المئات من رجال العلم والأدب والفن والتاريخ والأقتصاد، اساليب التعذيب البربرية تنهي حياة آلاف السجناء في الملاعب والمدارس التي حولّها المغول الى معتقلات. من زاوية أخرى للكاميرا صوت مذيع في الأذاعة يقرأ بيان من قوةّ قومية كوردية تأييدا للأنقلاب الفاشي، والقتلة يعلنون بيان رقم 13 لأبادة الشيوعيين مع فرحة غامرة على وجه مرجع ديني يبارك المجزرة.
الرعب والخوف ينتشران ببغداد، البعث يحصي أنفاس الناس، تهجير يطال مئات آلاف العراقيين، الأعدامات تطال آلاف العراقيين المناهضين للسلطة، مئات آلاف الشباب يساقون الى الجبهات حيث الموت في أنتظارهم، الشوارع ممتلئة بمعاقين، حلبجة تختنق بالغاز، الأذاعة تبث تجويدا لسورة الأنفال بصوت بعثي نشاز، طريق المطلاع جحيم تُشوى في الأجساد البشرية، عسكري في ساحة سعد يرمي صورة هولاكو بالرصاص، مآذن ومراقد تطرّز بالرصاص وتُدنّس بالدبابات والبساطيل العسكريّة، مقابر جماعية تملأ صحارى العراق، الجوع في كل مكان، المرض ينهش الأجساد شبه الآدميّة، مدارس خاوية، معامل معطلّة، مستشفيات بلا أدوية، أرض عطشى، أطفال أشباه عراة يملؤون الطرقات والشوارع، حملات إيمانيّة، الفساد ينهش جسد الدولة والمجتمع.
كلاكيت رقم ثلاثة ..
فيلم أجتياح بغداد، الجزء الثاني لمخرج أمريكي بتاريخ التاسع من نيسان 2003 ..
سندحر العلوج، يا محلى النصر بعون الله، دبّابات على جسر الجمهورية، دبّابات في محيط وزارة النفط، تتار العصر: علي بابا هذا متحفكم وتاريخكم فأنهبوه والرعاع يلبّون النداء، أبو تحسين يلطم وجه الطاغية بنعال، ساحة الفردوس وتمثال الطاغية يهوى الى الأرض، الرعاع ينهبون البنوك ودوائر الدولة، صدام حسين يُخرج من حفرة قذرة كقذارة تاريخه وحزبه، القاعدة تعلن الحرب، داعش تُعلن دولتها، الطائفيّة تنهش جسد المجتمع، جدران عازلة تقطّع مناطق بغداد، قتلانا في الجنّة وقتلاكم في خلف السدّة، نحر الرجال في خيم العار، تفجير المراقد وبيوت العبادة، الجهل والأميّة ينهشان جسد المجتمع الغارق في المفاهيم الغيبية، الفساد يتعملق على كل المستويات، بنك الزويّة، غرق مليارات الدولارات في خزائن البنك المركزي، بيع مصانع الدولة خردة لدول الجوار، محاصصة طائفيّة قومية، نهب منظّم لثروات البلد، ميليشيات ولائية، مارد تشرين ينهض، طلبة يملئون الشوارع والساحات، نساء ورجال يقدمّون أبهى صور البطولة في مواجهة رصاص الغدر الميليشياوي، نفق التحرير يتزيّن بألوان الفرح والأمل، كراج السنك، المطعم التركي، ساحة العشرين، شارع الحبوبي، شهداء، معاقون، مغيّبون، مدن الصفيح في بلد متخم بالنفط، دعارة، مخدرات، تسوّل منظّم، أتاوات، مدارس طينية وأخرى في الهواء الطلق، البؤس في كل مكان، خيانة…
في التاسع من نيسان 2003 ، حصل المخرج الأمريكي على جائزة الأوسكار وهو يعيد أنتاج فيلم الثامن شباط بحلّة جديدة، بعد دعوته لممثلين شيعة وكورد ليشاركوا زملائهم السنّة بطولة فيلم يقود العراق الى الهاوية..
ليكون النهار العراقي مشمسا، فأننا بحاجة الى مخرج وطني عراقي وممثلين عراقيين غيورين على شعبهم ووطنهم، ليضعوا كامراتهم في ساحة التحرير، لينتجوا فيلم خلاص بغداد، بنداء كلاكيت أربعة…