على حافة الرصيف .. هل هناك جدوى من زيارة السوداني لألمانيا؟
عصام الياسري
توجه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني يوم الخميس 12 يناير كانون الثاني 2023 لزيارة ألمانيا الاتحادية. في 13 يناير، الساعة 1:00 ظهرا، استقبل من قبل المستشار الاتحادي “أولاف شولتز” مع فرقة الشرف العسكرية في المستشارية الاتحادية.
زيارة السوداني لألمانيا هي الأولى وتأتي بعد شهور من الصراع على السلطة في العراق، تمخض عن استلامه المنصب بعد توافق “الإطار التنسيقي الشيعي” مع الحلبوسي “الكتلة السنية” والبرزاني والطلباني ـ الديمقراطي والاتحاد “الكتلة الكردية”، الكتلتان اللتان غدرتا بالصدر بسبب أولوية المصالح. السوداني رئيس الحكومة الجديد لازال يتعرض لضغوط داخلية لإخراج البلاد من أزمة سياسية خطيرة بعد سنوات من الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي (داعش). إلى جانب الوضع الاقتصادي السيئ وتفشي الفساد الإداري والمالي وانتشار الميلشيات المسلحة في عموم البلاد وارتفاع معدل البطالة (يعيش حوالي 30 % من السكان في البلاد) تحت خط الفقر. وهي بعض أسباب الاحتجاجات الجماهيرية التي هزت العراق في عدة موجات منذ عام 2019.. لكن كما يبدو، أن الموضوع الرئيسي للمحادثات مع الجانب الألماني قد يكون هو ضعف مصادر الطاقة في العراق. وبحسب المعلومات الواردة، سيتم خلال الزيارة توقيع اتفاق بقيمة 14 مليار دولار لتحسين توليد الطاقة في البلاد بمساعدة مجموعة “سيمنز” ومقرها ميونيخ. غير ذلك لم يكن هناك مزيدا من التفاصيل لغاية الآن.
السؤال: هل هناك جدوى من الزيارة؟ وهل ستتمخض عنها نتائج إيجابية مستقبلية دائمة، عكس سابقاتها من الزيارات؟
وزارة الخارجية الألمانية عندما تولت الحكومة العراقية الجديدة السلطة في تشرين الأول أكتوبر، أعلنت: (أن التحديات هائلة ويجب تنفيذ الإصلاحات بسرعة. ألمانيا “شريك موثوق” وستواصل دعم البلاد)… لنذهب باتجاه أن السياسة الألمانية تدرك مسؤولية التزاماتها، وان نواياها جادة دون شك!. لكننا نود أن نذكر أيضا، بان (البرلمان الألماني) قد فوض في أكتوبر الماضي بنشر الجنود الألمان في العراق (يوجد ما يصل إلى 500 رجل وامرأة في الموقع كجزء من هذه العملية) لمدة عام واحد تحت ذريعة تحقيق الاستقرار.. إلا أن كلا الموقفين في السياسة الألمانية، لم يقترب قيد ذرة من الواقع الحقيقي للازمة السياسية في العراق ومعالجة الأوضاع وتصفية آثارها من خلال ممارسة الضغط على الحكومات المتعاقبة منذ 2003 ولغاية اليوم، “مؤسساتيا وإعلاميا” على المستويين الألماني والدولي. اذن، فالأزمة السياسية الطويلة في العراق لا زالت مستمرة بعنف، والميليشيات تقصف بوابل من النيران العديد من المدن العراقية بما فيها المنطقة الخضراء في بغداد. والأحزاب الولائية وميليشياتها المسلحة التي تتلقى أوامرها من إيران تسيطر على الدولة ومؤسساتها.
إن اختيار رئيس الوزراء العراقي الجديد محمد شياع السوداني برلين كوجهة أولى إلى أوروبا، لها أبعاد سياسية في وقت تحسن فيه نوع ما الوضع الأمني مؤخرا في العراق. حتى الآن، السوداني الذي كان وزيراً في حكومتين سابقتين، يحاول تحقيق التوازن بين نفوذ أهم لاعبين خارجيين في البلاد، إيران والولايات المتحدة. إيران على وجه الخصوص تعمل على تأكيد مصالحها في العراق مع الميليشيات المقربة منها.. في السنوات الأخيرة، تدخلت إيران بشكل متكرر بنشاط في السياسة العراقية ووسعت موقعها القوي في البلد المجاور. في الوقت نفسه، من غير الواضح معرفة حجم التحديات التي ستواجه السياسة الأمريكية في العراق، لكنها بكل تأكيد ستظل كبيرة في عام 2023. نتيجة لذلك، سيكون رئيس الوزراء السوداني بالفعل عرضة لضغوط – خاصة وأن العراقيين، بعد سنوات من سوء الإدارة الحكومية والظروف المعيشية غير المستقرة بإستمرار، لا يتوقعون من حكومة السوداني أن تحقق أي نتائج، وإرتفاع سعر الدولار أمام الدينار العراقي خير دليل!.
في ظل هذه الخلفية المعقدة، يأمل السوداني من زيارته لألمانيا الشيء الكثير… لكنها، هل ستنجح في تحقيق مسار نواياه للإصلاح في العراق؟. على الأقل، إعادة بناء البنية التحتية المدمرة وتمكين الملايين من المشردين داخليا وخارجيا من العودة إلى مناطقهم!!.