بعد تشكيل الحكومة الجديدة هل من جدوى لتغيير الاوضاع السياسية في العراق؟
عصام الياسري
بمناسبة إحياء الذكرى الثالثة لانتفاضة تشرين 2019، الآلاف خرجت مرة أخرى إلى الشوارع على مستوى البلاد للاحتجاجات ضد الفساد. واندلعت من جديد تظاهرات حاشدة ضد الحكومة في العديد من المحافظات العراقية، فيما أصيب العشرات أثناء الاشتباكات مع قوات الأمن وهتف معظم المتظاهرين الشباب: “الشعب يطالب بإسقاط النظام”. وبناء على ذلك تجمع الآلاف عند جسر الجمهورية المؤدي إلى المنطقة الخضراء شديدة التأمين وفي ساحة التحرير ببغداد وغيرها من سوح وشوارع المدن العراقية، ووقعت اشتباكات بين القوات الأمنية والمتظاهرين، أصيب فيها تسعة مدنيين على الأقل. ووفقا لشهود عيان: أطلق مسؤولين من منتسبي الأحزاب ومن رجال الأمن “حماية القانون” الغاز المسيل للدموع لمنع الحشود من دخول المنطقة الخضراء.
أزمات سياسية كثيرة دائمة تتكرر نتائجها الدموية على خلفية الاحتجاجات الجماهيرية ضد الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والأمنية والصحية في بلد غني بالنفط مزقته الحروب والأزمات البيئية الحادة وصراعات القوى السياسية المتنافسة مع بعضها البعض منذ احتلال العراق لأجل السلطة والاستحواذ على المكاسب والامتيازات ونهب خيرات البلد وممتلكاته.
فيما آثار انسحاب الصدر من السياسة احتجاجات عنيفة لمؤيديه خلفت ما لا يقل عن 20 قتيلاً ومئات الجرحى. وأغلقت إيران جميع الحدود البرية مع العراق. وعندما اقتحم أنصار مقتدى الصدر القصر الحكومي في المنطقة الخضراء المحصنة، ارتفع عدد الضحايا كما أصيب ما لا يقل عن 350 شخصاً في اشتباكات مع قوات الأمن، وأطلقت القوات العراقية أعيرة نارية لإخراج المتظاهرين. وكانت هناك أيضا معارك بالأسلحة النارية بين أنصار الصدر وأنصار منافسيه جماعة “الإطار التنسيقي” الشيعي والمليشيات المسلحة التابعة لأحزاب الإطار. استخدم الجيش قنابل الغاز مسيلة للدموع وفرض حظر تجول على مستوى البلاد.
السؤال: هل رجل الدين الشيعي الفائز بالانتخابات البرلمانية مقتدى الصدر، ما إذا كان يستطيع أن يدرك ادعاؤه القيادة، وهناك مقاومة للنتيجة من قبل منافسيه في الإطار التنسيقي الشيعي وكيد ملحوظ لدى حلفائه السنة والكرد، حلبوسي وبرزاني؟. فيما أدت الخطوة إلى أزمة سياسية أسوأ ودفع الصراعات العرقية والطائفية إلى مزيد من العنف: بيد أن السؤال بقي للحظة مفتوحا!…
لا ابتسامة، لا لفتة منتصر. تماما كما يجب أراد الفائز المؤقت؟ إشعاع الجدية والكرامة لمؤيديه. يشعرون “حان الوقت للعراقيين ليعيشوا أخيرا بسلام”، كما يقول “بدون احتلال، بدون ميليشيات مسلحة، بلا فساد وخطف وكل أشكال الإرهاب الذي أضر بصورة بلدنا”. لكن هذه النظرة المجزئة بقيت دون جدوى على الرغم من فوز كتلته في الانتخابات بأكثر من 70 مقعدا من أصل 329 مقعدا في البرلمان، قدمها في قادم الأيام لقمة سائغة لمنافسيه الاطاريين الذين كانوا يتحينون الفرص للقضاء عليه وعلى أحلامه الوردية “الديماغوجية”؟ بما في ذلك الحد من سلطته على الصعيدين الداخلي والخارجي بعد نجاح “الإطار التنسيقي” بانتخاب رئيس للجمهورية والوزراء وتشكيل حكومة تميزت بعودة الفاسدين من جديد إلى مركز القرار والوزارات. كل ذلك بسبب خطوته الانسحاب من البرلمان.
وعلى ما يبدو ان خصوم الصدر مصرون على عدم التنازل عن أي مكسب، وليس من المسلم به أن الناخبين سيجعلون الأمر سهلاً على ساسة الإطار أيضاً. ولا يزال من غير الواضح في ظل تصاعد الأزمة السياسية وتضخم الفساد، ما إذا كان أنصار الصدر سيتمكنون من مواصلة الاحتجاج في قادم الأيام؟.. الصورة: كما تبدو، بانت الأحزاب المرتبطة بإيران في العراق والحشد الشعبي والميليشيات التي تمولها وتسيطر عليها إيران، لن تقبل إجراء انتخابات برلمانية مبكرة. وقد يؤدي ذلك إلى صراع داخل قوى الإطار التنسيقي الشيعي من جهة، وبينها وبين التيار وقوى الحراك المدني الشبابي “التشريني” من جهة أخرى. وربما يخشى الصدر نشوب ذلك في آجل الأيام.