حكومة عراقية اخرى مخيبة للآمال
د.محمد الموسوي
مند حوالي نصف قرن والعراق يعاني من ويلات ومصائب لا حدود لها فمن حروب الدكتاتور العبثية والحصار الامريكي الغاشم حتى احتلال عام 2003 الذي دمر ما تبقى من مؤسسات وقوض البنى التحتية للعراق بدعم ومساندة قوى المعارضة الفاسدة التي اغتنت على حساب تجويع الشعب.
بعد الانتخابات التي جرت قبل اكثر من عام تصارعت القوى الطائفية بعد الخسارة المدوية للمحسوبين على نظام ولاية الفقيه ، تلك القوى التي نجحت بدعم من مجلس القضاء الاعلى على عرقلة محاولة تشكيل حكومة اغلبية سياسية مما ادى الى انسحاب الكتلة الاكبرعددا واستبدال 73 نائبا بنواب خاسرين لم يحصلوا على ثقة الشعب واصبح البرلمان بدلك فاقدا للشرعية بالرغم من ان تلك الانتخابات لم يشارك فيها سوى 20% ممن لهم الحق في التصويت ولذا فهو اصلا لا يمثل الشعب العراقي الذي فقد الثقة بهؤلاء مند وقت طويل .
نالت اخيرا حكومة المحاصصة الطائفية والقومية ثقة البرلمان المسخ واضهرت التشكيلة الوزارية كون معظمها اعادة تدوير لعناصر فاسدة فاشلة لها سجل من الدعاوى لدى هيأة النزاهة او محكومة سابقا واعفي عنها ضمن الصفقات المشبوهة بين مافيات الحكم البغيض .
ان احدى اجرائات الحكومة الجديدة الغاء 400 اوامر وتعيينات قامت به حكومة تصريف الاعمال السابقة لازلامها خارج صلاحياتها واستند ذلك على قرار قضائي لدعوى سابقة مرفوعة من قبل رئيس الوزراء الحالي ويبدو ان اعفائهم هو بهدف منح تلك المواقع للموالين للعصائب والمليشيات وكتل الاطار التنسيقي الدي سيطر حاليا على كافة مفاصل الدولة بسبب عدم فطنة التيار الذي قام بترك الساحة السياسية البرلمانية بالكامل للموالين لايران من الفاسدين وكتلهم في الاطار .
ان الحكومة الحالية هي تكرار لحكومات المحاصصة السابقة وقام الاطار كما يبدو بتقديم التنازلات الغير محدودة والسرية لكتلتي الحلبوسي والبرزاني والتي كان الاطار يطلق عليهم شتى النعوت والاوصاف السلبية ولايوجد اي مبرر لعدم توقع مواصلتهم مجتمعين نهب خيرات البلد ومواصلة افقار الشعب .
يشير برنامج الحكومة (وياما سمعنا بمثل هده البرامج التي تبقى حبرا على ورق ) الى مكافحة الفساد وهدر المال العام ولكن لايعتبر دلك سوى استغفال الشعب اذ كيف يمكن محاربة الفساد بالفاسدين الذين يقودون مجاميع الاطار ويحتلون مواقع معظم الوزارات ووكلائها ومدرائها العامين كما سبق وان وعدت الحكومات السابقة بوعود مماثلة لم تصمد على ارض الواقع الذي تسيطر عليه المكاتب الاقتصادية وتديرها الدولة العميقة من المليشيات الخارجة عن القانون
لقد بدأ الاعلام التابع والذباب الالكتروني ببث دعاية نشيطة لهده الحكومة والايهام بامال معسولة بحجة نظافة يد رئيس الوزراء (وهو امر نادر في هده التشكيلة الحاكمة) وبحجة اخرى كون رئيس الوزراء الحالي قد تدرج في المسئوليات وكان يدير العديد من الوزارات الا ان السؤال الحقيقي هو ما هي انجازاته في تلك الوزارات فهل تمكن مثلا عندما كان وزيرا للعدل ان يوقف العقد الفاسد المتعلق باطعام السجناء او هل نجح في ايقاف فساد عقود وزارة التجارة المتعلقة بالحصة التموينية ؟؟
هناك دعوات لاعطاء الحكومة الحالية فرصة لنرى مدى مصداقيتها في تنفيذ برنامجها الحكومي متوهمين بانها ستكون طوق النجاة الاخير لمسيرتهم التعبانة الفاسدة ولكن لا ندري لماذا ينبغي على العراقيين ان يكونوا حقل تجارب لعناصر دمرت البلد وافقرته طيلة العشرين سنة الماضية وكيف يمكن للفاسدين ان يحاربو الفساد خاصة اذا لاحظنا على سبيل المثال ان وزير التعليم العالي هو مليشياوي يحمل شهادة دكتوراه مزورة من الجامعة الاسلامية بلبنان التي باعت الاف الشهادات العليا للعراقيين والتي لا تعترف وزارة التعليم العالي بشهاداتها .
لقد فشل الاسلاموين من تشكيل الحكومة لمدة عام كامل ويدل ذلك على ان حكومات المحاصصة الفاسدة قد وصلت الى طريق مسدود بعد فشل متواصل لمدة 19 عاما وباعتراف قياداتهم الذين سببوا دمار العراق وافقار شعبه هولاء العناصر الموالين لامريكا وايران والسعودية وتركيا والامارات ولكنهم بعيدين كل البعد عن الوطنية او الحرص على مصالح الشعب العراقي وقد تشكلت هذه الحكومة على نفس نسق حكومات المحاصصة الكسيحة السابقة واعقبت حكومة فاشلة ضعيفة ديدنها الكذب والنفاق اتصفت بالفشل على جميع الاصعدة الداخلية وزادت افقار الشعب عبر تخفيض سعر الدينار واستمات رئيسها للبقاقاء في السلطة عبر ارضاء المليشيات واحزاب الاسلام السياسي والاطراف الاقليمية والدولية .
لقد تدرج رئيس الوزراء الحالي بالمناصب في حزب الدعوة الذي يتحمل وزر الفشل والفساد باعتباره احتكر رئاسة الوزراء معظم السنوات الماضية وهو الحزب المسئول عن تدمير البلد ويحمل وزر تسليم ثلث العراق لداعش ومسئولية مجزرة سبايكر وتهجير الاف العوائل من مناطقهم واعتقال الالاف لسنين او تغييبهم دون محاكمات عادلة وتحمل المالكي الذي رشح رئيس الوزراء الحالي وزر اختفاء مئات المليارات من الدولارات من الميزانيات الانفجارية دون حسيب او رقيب ولاحظنا صراع اطراف الاطار وخاصة رهط المالكي والعامري على الوزارات الدسمة كالمالية والنفط والداخلية بهدف انتزاع اكثر المغانم الممكنة لمصلحتهم الشخصية الانانية بعيدا عن مصالح الشعب خاصة وان ارتفاع اسعار النفط سببت وفرة مالية موقتة يسيل لها لعاب هذه القوى الشريرة المهيمنة على مقدرات العراق .
ان معظم اعضاء الحكومة الحالية مشهود لهم الفشل والفساد واستوزروا في عمليات بيع وشراء الوزارات بملايين الدولارات فكيف يمكن توقع اية نتائج مختلفة عن السابق من حكومة تشكلت بنفس طريقة المحاصصة الطائفية البغيضة كما ان حكومة المليشيات الحالية ستكون حكومة قمع وارهاب وقد بدئو فعلا بملاحقة النشطاء من شباب االانتفاضة .
ان حظوظ الحكومة الجديدة في النجاح ضعيفة جدا ان لم تكن مستحيلة ويعود ذلك بالاساس الى الطريقة المكررة الفاشلة التي تشكلت بها وقوى الاسلام السياسي الفاشلة التي اختارتها كما انها حكومة الخاسرين في الانتخابات وهو عرف غريب فعلا لم يسبق حدوثه في اية دولة اخرى كما ان الحكومة والبرلمان لا يمثلون سوى نسبة ضئيلة جدا من الشعب وبالتالي فهي اذن مؤسسات غير شرعية ومن الغريب فعلا ان يتم تعيين مليشياوي تافه يحمل شهادة مزورة وزيرا للتعليم العالي مما يعني نيتهم الشريرة في ايصال التعليم العالى المنهار اصلا الى الحضيض كما ان معظم طاقم الوزارة هم عصابة من الفاسدين السراق المدربين وذوي تجربة كبيرة في الكذب والفساد والتزوير وانها حكومة مليشيات تتحكم بجميع مفاصل الدولة وتقودها احزاب الاسلام السياسي التي تقاسمت السلطة ويغطون لبعضهم النهب المنظم طيلة عشرين عاما .
ان مصالح الوطن والاخلاص له ابعد مايكون عن الكابينة الحالية
ان الامل الوحيد هو الشعب العراقي الذي عليه ان يوحد جهوده بشتى اطيافه الوطنية وفي مقدمتهم شباب انتفاضة تشرين والذين مازالوا يطالبون بمحاكمة قتلتهم من مختلف الاطراف وهم مجرمين مالم تثبت برائتهم ويبقى شعارهم العتيد (نريد وطن) ينتظر التحقيق وفي يوم ليس ببعيد .