عالم الاحلام
الباحث بسام شكري
الجزء الاول
الاحلام ضرورية لكافة الناس فقد اوضحت الدراسات والابحاث انه ليس باستطاعة الناس البقاء بدون احلام لفترة تزيد على اسبوع تبدا بعدها اعراض الهلوسة وعدم التركيز بالظهورعلى الانسان , جميع الأشخاص يحلمون لكن ليس جميعهم يتذكرون احلامهم ونظام الاحلام يعمل في كل ليلة تقريبا , وكما ان الدماغ يعمل في النهار على نظام الحواس الخمسة ويحلل ما يصله من مناظر وروائح وصور واذواق واصوات فان الدماغ يعمل بكامل طاقته في الليل بدون تلك الحواس الخمسة ويقوم بخزن بعض الاحلام فقط , وينقسم عالم الوعي لدى الانسان الى قسمين الاول ما نعيشه في النهار ويعمل بنظام الحواس الخمسة والثاني في الليل ويعمل بنظام الاحلام والذي هو عالم متكامل من استعراض للاحداث النهارية وهذا النظام متفوق على النظام الاول وذلك لقدرته على التنبأ بما سيحصل في المستقبل من مشاكل تخصنا وتخص العالم المحيط بنا .
قال تعالى (وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث) (يوسف: 6) أن علم الرؤيا او الاحلام هو اول علم علّمه الله سبحانه وتعالى الى الانبياء والرسل وذلك بعدة اساليب وطرق وكان الترابط بين الرؤيا والوحي اهم تلك الروابط. والاحلام تنقسم الى ثلاثة انواع: الرؤيا الصالحة (الرؤيا الحق) ومصدرها إلهي خالص، وهي تنبأت يختار الله من يختاره من الناس من هو قادر على حملها، والحلم الذاتي الذي يحلم به الانسان ومصدره العقل الباطن والاحلام الشيطانية وهي تنبات ايظا ولكنها باطلة في الشكل العام.
ورسائل الخالق سبحانه وتعالى لانبيائه بالرؤيا الصالحة كثيرة والتي تعتبر جزءا من النبوة كقوله تعالى (لقد صدق الله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام ان شاء الله امنين) (الفتح: 27) وقد تكون الرؤيا الصالحة امر إلهي كقوله تعالى (يا بني إني ارى في المنام إني اذبحك) (الصافات: 102).
والاحلام الشيطانية غالبا ما تاتي على شكل اضغاث والاضغاث في اللغة هي حزمة النبات الغير متساوي من ناحية اللون والنوع والكم والشكل وكما وردت في القران الكريم (وخذ بيدك ضغثا فأضرب به ولا تحنث) (ص: 44) ومن معنى اضغاث احلام جاءت التسمية التي تعني ان الاحلام غير متجانسة اي غير حقيقية وغير جديرة بالاهتمام.
ومن الاحلام الشيطانية ما تأتى على شكل كوابيس وهذه الكوابيس تأتي بسبب الاكثار من الاكل قبل النوم او النوم على جهة الظهر للناس الغير متعودين على النوم على ظهورهم او تعرضهم لضغط نفسي او مشكلة او مشاهدتهم لشيء مرعب خلال النهار فيظهر على شكل كابوس وقد يتصور النائم في بعض الاحيان بان شخصا ما يجلس على صدره او يكتم انفاسه او يخنقه في الوقت يحاول هو النهوض او الصراخ فلا يقدر، واكثر من نصف تلك الكوابيس بسبب الاكثار من الاكل قبل النوم اضافة الى الانشغال لأوقات طويلة بباستعمال الهواتف النقالة والبرامج الكثيرة المتعددة كالفيس بوك والواتس اب وغيرها مما يجعل دماغ الانسان مشوش طول الليل وكذلك استعمال أجهزة الكترونية متعددة تنقل الموجات المغناطيسية الضارة للإنسان .
ومن السنة النبوية فان التصدق بمال او طعام اول ما يجب عمله نهاريوم ذلك الحلم لتدفع بها الاحلام الشيطانية او الغير مرغوب فيها، ومن التقاليد الشعبية العربية كما كانت جداتنا تقول لنا انه يجب يتم سرد الحلم الغير مرغوب فيه في الحمام بصوت خافت لإبطال مفعوله.
والرؤيا الصالحة تكون فقط للزمن المستقبل ولا تكون للزمن الماضي وهذا الزمن قد يمتد من يوم الى اربعين عاما كما حصل لسيدنا يوسف (ع) ونظام الرؤى والاحلام هو نظام روحي واللغة المستعمله فيه هي لغة مشتركة بين كل مجموعة من الناس وهذه اللغة لا تتغير فمنذ بدء الخليقة الى ان يرث الله الارض وما عليها فان تلك اللغة لا تتغير وهي احدى لغات الروح كما يحلو للبعض ان يسميها وفي حين ان لغاتنا المستعملة في النهار فهي عرضة للتطور والتغيير واستعمال اللهجات المتنوعة.
وهذه اللغة على الرغم من انها لغة واحدة الا ان تحليلها وتفسيرها ومعانيها مختلفة من بقعة الى اخرى في الارض كذلك كل عرق او دين له تفسير مختلف والديانات السماوية مختلفة كذلك عن الفلسفات والمعتقدات الدينية فتحليل الرموز لدى العرب المسلمون مثلا يختلف عن تحليلها لدى العرب المسيحيون على الرغم من وقوعهم في نفس البقعة الجغرافية وهم من عرق واحد وكذلك المسلمون من غير العرب الذين يسكنون في اسيا تحليلهم مختلف عن المسلمون من غير العرب الذين يسكنون في افريقيا على الرغم من ان الجميع يشتركون بعامل الدين
اذن هناك قواسم مشتركة تجمع كل مجموعة من البشر تبعا للمنطقة الجغرافية والعرق والدين وكلما زادت تلك العوامل المشتركة كلما تمكنا من تعميم التفسير والتحليل.
والاحلام من ناحية التذكر تنقسم الى ثلاث اقسام، احلام ننساها بمجرد ان نستيقظ من النوم واحلام نتذكرها بعد مرور وقت لا يزيد على ثلاث ساعات (نتيجة لحصول حدث خلال النهار مشابه او قريب من ذلك الحلم) والنوع الثالث الذي نتذكره بشكل كامل.
وأفضل طريقة للاستفادة من الاحلام هي وضع دفتر صغير بجانب السرير يتم تسجيل كل حلم بالتفصيل مع تاريخ اليوم ويتم الرجوع الى تلك الاحلام اسبوعيا وشهريا او عند الحاجة وذلك لتحليلها وتفسيرها في ضوء الاحداث التي تتلاحق بعد رؤيتنا لها ولكي نتمكن من ايجاد تحليل وتفسير ذاتي يعيننا على استغلالها في حياتنا اليومية كواحدة من منافذ الروح الينا في عصر أصبح فيه الانسان ياكل الافكار الجاهزة والاطعمة الجاهزة بنفس الطريقة.
عالم الاحلام /الجزء الثاني
كثيرا ما تعبنا وتحيرنا في تفسير حلم نعتقد ان له من الاهمية ما سيغير حياتنا نحو الافضل او سيجنبنا مخاطر فيما لو توصلنا الى طريقة صحيحة لتفسيره، وللوصول الى ذلك علينا اولا التعرف على الاليات الثلاثة للتفسير وهي: اصحاب القدرات الذاتية على التفسير وهم يمتلكون موهبة ذاتية خاصة كاي موهبة من مواهب الذكاء مثل القدرة على حفظ الارقام او سرعة البديهة او غيرها وهم نادرون جدا وخصوصا في هذا الزمن الذي نحن فيه الان. وهم لا يحتاجون للرجوع الى اي من كتب التفسير سوى الاستماع الى صاحب الحلم مباشرة ودون الرجوع الى معلومة خارجية وهذا المفسر لا يحتاج ايظا ان يعرف صاحب الحلم بشكل شخصي او ان يكون له اطلاع على حياته كذلك ليس شرطا ان يكون من نفس الدين او العرق او المنطقة الجغرافية.
والالية الثانية للتفسير هي الرجوع الى كتب التفسير وما تحتويه من تجارب لمفسرين حقيقيين ولتراكم خبرات متعددة وفي هذه الحالة علينا ان نكون حياديين قدر الامكان في التفسير لاننا لو لم نكن كذلك فاننا سوف نقوم باخذ الايجابيات الواردة في المعاني العامة الواردة في تلك الكتب ونقوم بتفصيل الكلمات مثل عملية تفصيل الملابس علينا وكما يقول المثل الشعبي (يحلم ويفسر) اي ان الانسان يفسر حلمه حسب ما يحلو له.
والالية الثالثة للتفسير هي اللجوء الى شخص اخر يعرفنا ويكون مطلع على حياتنا ونظمن فيه الحيادية نحونا ويقوم هذا الشخص بالاستعانة بكتب التفسير ايظا ويكون عقلانيا ولا يعطي للموضوع أكثر من حجمه، وهذه الطريقة هي أفضل طريقة للتفسير وذلك لأننا وبالتناوب سوف نقوم بتفسير احلام ذلك الشخص ايظا مما يكسب الطرفين خبرة لا يستهان بها لفك الرموز والمتابعة اليومية معنا.
ونتيجة للفراغ الروحي والديني الذي تعيشه المجتمعات الغربية وغلبة المادية على الحياة الروحية فقد تشكلت مجموعات روحية ذلتية (عائلية على الارجح) يتم التداول بالظواهر الروحية المتعددة وخصوصا الاحلام، صحيح ان تلك التجمعات لا تستند الى مرشد ديني او روحي خاص مما قد تقع في الخطا والخرافة او الانحراف عن الهدف لكن الخبرات التي يتم اكتسابها من المعايشة والاستمرارية ومع نفس المجموعة هي خبرات ليست قليلة ولا يستهان بها وتقوم بتنمية مهارات الجميع.
والاحلام تاتي لكل الاعمار حتى قبل سن البلوغ وهذا ما حصل مع سيدنا يوسف ( ع ) عندما حلم بعمر اربعة سنوات, ووقت الحلم ليس محددا فيمكن ان نحلم في اي وقت من اوقات الليل لكن احلام الفجر تكون اكثر تذكرا وذلك لانها اخر الاحلام , حيث تبدا عملية الاحلام منذ اللحظة الاولى التي نغط فيها في النوم وقد يحدث ان نستيقض نتيجة لصوت نسمعه في الغرفة او خارجها ونتذكر بدايات حلم فنستغرب مما حصل ومن السرعة التي بدات فيها عملية الاحلام لكن الذي حصل طبيعي وما دمنا قد بدانا في النوم وبدانا في الاحلام فلن تتوقف عملية الاحلا الى ان نستيقض في صباح اليوم التالي واذا كانت الاحلام مزعجة فاننا عندما نستيقض نشعر بتعب وكاننا لم ناخذ كفايتنا من النوم. وفترة القيلولة إذا كان الانسان قد نام وهو لم يتناول كمية كبيرة من الطعام فانه سيتذكر احلامه.
وبما ان الاحلام غالبا ما تكون على شكل رموز فنحن نحتاج لفك تلك الرموز فكيف يمكننا من ذلك والتعرف على فهم الية التفسير:
قد ياتي الحلم بالمقلوب – اي قد نرى شخصا يرقص في المسجد وتفسير ذلك انه يتوب او نراه ميتا فذلك يعني ان حياتا جديدة قد كتبت له.
وقد ياتي الحلم بالأسماء، فلو كنت مريضا وحلمت ان صديقك او اخوك (الذي اسمه سعيد في الواقع) يطعمك طعاما شهيا فمعنى ذلك ليس سعيد الذي في الواقع بل معنى الاسم، اي ان خير دواء لمرضك هو السعادة.
وقد تاتي الرمزية في الحلم وهي باب كبير واسع كالسمك والماء والاسد والاماكن وغيرها الكثير وهذه الرمزية الاكثر اختلافا بين الشعوب والثقافات والاديان والمواقع الجغرافية.
وقد ياتي الحلم داخل الحلم – قد يحلم البعض بانه نائم ويحلم وهو في الواقع نائم ويحلم وهذا يعني بان روحه لم تغادر المكان وبقيت في جسده او قريبة منه او رجعت بسرعة اليه (لأسباب ما زالت مجهولة الى الان) او انها تحوم حول المكان وهذا التداخل لا يعطينا صورة واضحة عن الحلم ولا نتمكن من الوصول الى طريقة او اسلوب للتفسير وهذا الحلم ليس سهل التفسير وفيه مداخلات واخطاء كثيرة.
التقلب في الحلم – قد يحلم البعض ثم سرعان ما تتقلب تلك الرموز كان يرى امه تتحدث اليه ثم تتحول امه الى امراة اخرى مجهولة او معروفة من قبله او الى شيء ما مثل الشجرة المثمرة او الطائر وهذه الحالة هي حالة التشابك بين الرمزية والمباشرة في الحلم اي بين الرؤيا الصالحة التنبؤية وبين الرؤيا الصالحة الرمزية وقد يكون التشابك بين الاحلام والاضغاث وهنا يصعب الوصول الى معيار معين للتفسير.
ومما يفسد الحلم ويبطله (اضافة الى الحلم الذي يعني الاحتلام الجنسي) هو رؤية الدم في الحلم وقد اجمع معظم المفسرين على ذلك في حين اثبتت الابحاث والدراسات الحديثة ان سبب فساد الحلم وعدم امكانية تفسيره هو ان رؤية الدم غالبا ما يكون بسبب اختلاف ضغط الدم في جسم النائم مما يجعله يحلم بالدم يظهر فجأة على مسرح الحلم مما يغير مجرى الحلم باتجاهات عضوية وليست روحية.
كيف تبرمج الدماغ ليحلم حسب ارادتك؟
لقد تم التوصل الى أفضل وأسرع طريقة لبرمجة الدماغ للتحكم بنوعية وموضوع الحلم وذلك بعد عدة تجارب واختبارات من قبل اطباء نفسيين وباحثين ورجال دين وروحانيين وهي كما يلي:
بما ان مستوى الاحداث في الدماغ تتمثل بمستوى يشبه الانحراف المعياري الاحصائي من ناحية قوة الحدث الذي يعطيه حيزا اكبر في الدماغ وعمقا اكبر في الذاكرة لذلك فان اكبر واقوى الاحداث التي تمر بنا خلال اليوم تكون اكبر واقوى الاحلام ونقوم بتذكرها , لذلك فنحن لو اردنا ان نحلم ببلد معين او بموضوع معين فما علينا سوى ترديد اسم ذلك البلد او اسم ذلك الموضوع ( على ان لا يتجاوز ثلاث كلمات ) نردده قبل النوم ونستمر في ترديده ومحاولة استحضار صورة لذلك البلد الى ان نغط في النوم فان ذلك البلد او الموضوع سيكون اقوى واكبر موضوع واخر موضوع دخل الدماغ وحفر اعمق في الذاكرة وكان اخر شيء فكرنا فيه ورددناه , لذلك سوف نحلم به ونتذكر ذلك الحلم بشكل جيد . وأفضل القادرين على النجاح في هذه الطريقة هم الاشخاص الذين يمتلكون تركيزا اعلى من غيرهم سواء كان ذلك التركيز طبيعي او بالتدريب. وخلال مسيرتي التدريبية فقد لاحظت بعض المتدربين لديهم قدرات تركيز عالية طبيعية ما ان يأخذوا مبادي التركيز الأساسية حتى تبرز مواهبهم المتعددة وغالبا ما تكون أعمارهم فوق سن الأربعين.
وبما ان احداث اليوم لها انعكاس كبير على الاحلام فان الذي يفرح ويكون سعيدا خلال اليوم يحلم بانه يطير ومن هنا جاءت المقولة الشعبية (طاير من الفرح).
وللطيران اضافة الى ذلك معاني متعددة في الثقافات المختلفة وفي كتب التفسير لكن اكثرها اهمية هو من يحلم بتكرار بانه يطير وذلك لان ذلك الشخص سيكون شخصا مميزا عن الاخرين.
انا شخصيا في معظم الأحيان عندما استيقظ من النوم خلال الليل للذهاب للحمام مثلا وقد أكون في حلم معين ما ان اعود للفراش حتى أكمل نفس الحلم. وقد اسمع أصوات في داخل او خارج الغرفة وانا احلم فتدخل تلك الأصوات الى الحلم وهنا طبعا يفسد الحلم ويسير في اتجاه اخر.