من يتحمل حقا مسؤولية ما حدث للابرياء في منتجع سياحي في شمال العراق؟
عصام الياسري
سؤال: هل ستحقق تكلفة الغارة الجوية التركية على منتجع سياحي في المنطقة الشمالية من العراق هدف أردوغان؟. وهي تكلفة باهظة يجب أن تنسحب على قواته العسكرية وبالدرجة الأولى على الحكومة التركية بشكل مباشر. رئيس الوزراء العراقي الذي يقوم بتصريف الأعمال مصطفى الكاظمي صرح بعد الكارثة: الحكومة العراقية طلبت من تركيا الانسحاب من الأراضي العراقية. السؤال المهم: ما هي مصادر القوة التي تمتلكها حكومة الكاظمي أو غيرها لتحقيق ذلك؟، ولماذا لم تات المطالبة في وقت سابق؟. الحقيقة، إن الرقعة السياسية لدى صاحب القرار العراقي منذ 2003 غير متوفرة بالحجم الذي يريد الكاظمي تسويقه الآن. ولا نعرف لماذا لم يبدأ ومن سبقه بالجانب العملي، وهو الأوفر حظا لخروج أي تواجد أجنبي. إيقاف كل أنواع التعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية، ومنع استيراد المنتوجات الزراعية والصناعية من تركيا أو غيرها من الدول التي تقوض مصالح العراق وتؤذيه، لحفظ وصيانة حقوق العراق ومصالح أهله وأهمها منسوب حصص العراق من المياه الذي يشكل عصب الحياة وتأمين الزراعة والصناعة العراقية لاطعام الشعب .
نعم، ربما سيكون للقصف على منتجع سياحي في إقليم كردستان شمال العراق بالقرب من الحدود التركية، والذي أسفر عن مقتل 8 أشخاص وإصابة 23 بجروح خطيرة، كارثة سياسية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لها تداعيات كبيرة. لكن العمليات التركية عبر الحدود العراقية والتي تسبب بوجودها وما زال منظمة حزب العمال PKK تحدث يوميا إلى حد كبير. وربما يشكل أيضا ضربة قوية لحملة أردوغان للانتخابات الرئاسية المقبلة. بالإضافة إلى أنها ستشكل عاملا لتأجيل ما تم نشره منذ شهور في وسائل الإعلام عن غزو محتمل لشمال سوريا. إن ما حدث من هجوم صاروخي على منتجع سياحي عراقي ذهبت ضحيته العديد من الأبرياء بطريقة همجية بشعة، يدعو القانون الدولي محاسبة حاكم تركيا الوحيد الذي قدم نفسه، في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية، على أنه “إرهابي”. إنه من الصعب تخيل، من أن أردوغان سيتخلى عن سياسة المواجهة التي ينتهجها من أجل البحث عن حلول سياسية مع الأكراد وجماعات المعارضة الأخرى خارج البلاد، وان لا يسند ظهره إلى الحائط فيذهب للهجوم عندما يجد أسبابا جديدة كتعاون بعض الميليشيات العراقية التابعة لأحزاب السلطة مع منظمة حزب العمال وتوسيع عملياتها العسكرية هناك. مما جعل وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو لأن يصرح مؤخرا، (إن أحدا لن يملي كيف ستحارب تركيا الإرهاب).
في قتالها ضد ميليشيات حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية، تهاجم تركيا بانتظام مناطق في العراق وسوريا. وتعتبر وحدات حماية الشعب الكردية جماعة إرهابية وفرعا من حزب العمال الكردستاني المحظور، الذي يقاتل من أجل الحكم الذاتي الكردي في تركيا. فيما تعتبر الولايات المتحدة وحدات حماية الشعب حليفا في قتالها ضد ميليشيا داعش الإسلامية. في اجتماع طهران مع رئيسي الحكومتين الإيرانية والروسية، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خططه لشن هجوم جديد على وحدات حماية الشعب الكردية. وأشار إلى أن هجوم مايو في سوريا كان الهدف منه هو إنشاء منطقة بعمق 30 كيلومترا لمكافحة التهديدات الإرهابية حسب ادعائه.
بعد أيام من القصف التركي على منتجع في إقليم كردستان شبه المستقل، أوعزت وزارة الخارجية التركية الهجوم إلى أعضاء جماعة حزب العمال الكردستاني. فيما تواردت الأنباء عن هجوم صاروخي ثان استهدف قاعدة عسكرية تضم جنودا أتراكا في شمال العراق. المصادر أكدت بان صاروخ سقط مساء الأحد قرب مخيم مليكان بناحية بعشيقة قرب الموصل دون وقوع إصابات خلال الهجوم الذي يعد الثاني من نوعه في الأيام الأخيرة. كما أفادت بأن جماعة مقاومة تُدعى سرايا أولياء الدم أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم في مقطع فيديو نُشر على الإنترنت. وبحسب ما ورد قالت الجماعة أن هذا جاء ردا على القصف التركي الأخير، كما حذرت من أنها ستنقل المعركة إلى الأراضي التركية.
السياسيون العراقيون يصرون على أن الهجوم نفذته القوات التركية وأنهم مسؤولون عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف المدنيين العراقيين. وزير الدفاع العراقي جمعة عناد يقول: إن “تركيا استغلت الحرب ضد إرهابيي داعش لغزو العراق” لتكثف من أعمالها العسكرية. كما وإن أنقرة تجاهلت الدعوات العراقية لسحب قواتها من معسكر ميليكان، مشيرا إلى أن القوات التركية تقدمت 20 كيلومترا في عمق شمال العراق. وأشار إلى أن بغداد اقترحت على تركيا إقامة مراكز تنسيق في ديار بكر والموصل، لكن “فوجئنا بالقصف التركي دون أن ينسق الأتراك معنا”، في إشارة إلى هجوم دهوك؟؟.
يشتبك مسلحو حزب العمال الكردستاني- مع القوات التركية في جنوب شرق تركيا والمناطق التي يسيطرون عليها في شمال العراق بإستمرار. فيما ينفذ الجيش التركي بانتظام هجمات على مواقع حزب العمال الكردستاني داخل العراق دون موافقة الدولة كما تزعم الحكومة العراقية. لكن على ما يبدو أن الاتهامات المتبادلة بين كلا الطرفين التركي والعراقي، على قدر حجم الكارثة الصاروخية، غير متوائمة. فالسلطات العراقية تلقي باللوم على تركيا، فيما تنفي أنقرة الاتهام. لكن مجلس الوزراء العراقي عقب اجتماع طارئ له، دان بشدة الهجوم وطالب في الوقت نفسه، استدعاء القائم بالأعمال العراقي من أنقرة للتشاور. فيما افترضت وزارة الخارجية التركية في بيان لها: إن مثل هذه الهجمات نفذتها “منظمة إرهابية”، لكنها لم تقدم أي معلومات عن مصدر الهجوم. وبحسب مصادر كردية، فإن القصف الذي ذهبت ضحيته مجموعة كبيرة من السياح العراقيين الذين كانوا متواجدين في الوقت الذي كان أعضاء تابعون لحزب العمال الكردستاني متواجدين في موقع التنزه الشعبي نفسه، مما أدى إلى مخطط القصف من قبل تركيا حسبما أفادت محطة روداو التلفزيونية الكردية.