هل سيبقى صراع الانتماء والولاء قائم؟
إيلاف العامري
ما هو الإنتماء؟
يُعرف الانتماء لغةً بأنه الانتساب إلى شيء ما.
أمّا اصطلاحاً فهو الارتباط الحقيقي، والاتصال المباشر مع أمرٍ مُعيّن تختلف طبيعته بناءً على الطريقة التي يتعامل فيها الفرد معه، ويعرف أيضاً بأنه التمسك، والثقة بعنصر من عناصر البيئة المحيطة بالأفراد، والمحافظة على الارتباط به وجدانياً، وفكرياً، ومعنوياً، وواقعياً مما يدلّ على قوة الصلة التي تربط بين الفرد، والشيء الذي ينتمي له، سواءً أكان انتماؤه لوطنهِ، أو عائلتهِ، أو عمله، أو غيرهم¹.
وأيضاً المقصود بذلك انتماء الفرد إلى الجماعة. ويرغب الفرد عادة في الانتماء إلى جماعة قوية يتقمص شخصيتها ويوحد نفسه بها كالأسرة أو النادي أو الشركة أو المصنع ذي المركز الممتاز².
الانتماء في علم الاجتماع:
يُراد به النزعة التي تدفع الشخص للدخول في إطار اجتماعي فكري معين بما يقتضي من التزام بمعاييره وقواعده وبنصرته والدفاع عنه في مقابل الأطُر الاجتماعية والفكرية الأخرى³.
أما الانتماء الديني فهو الانـتماء للـدين بـالالتزام بتعليماتـه والثبـات عـلى منهجـه، والانـتماء للـوطن يجـسد بالتـضحية مـن أجـل الـشعب والأرض، تــضحية نابعــة مـــن الــشعور بحــب ذلـــك الــوطن⁴.
الفرق بين الإنتماء والولاء، نحن تحت أي مصطلح نندرج؟
بينا أعلاه تعريف الانتماء، ولكي نجد الفرق علينا أن نعرف الولاء أيضاً.
الولاء:
تستخدم كلمة الولاء للدلالة على الصلات والعواطف (رومانتيكية وقانونية) التي تربط الفرد بالجماعة أو شعائرها أو الإخلاص لما يعتقد الفرد أنه صواب كالأسرة أو العمل أو الوطن, والولاء قد يكون طبيعيا ويجب على كل مواطن نحو السلطة الحاكمة ونحو الوطن الذي يقيم فيه مقابل تمتعه بالحماية والأمن كما قد يكون الولاء محليا أو واقعيا وهو الولاء الذي ينتظر من الأجنبي نحو حكومة البلاد التي أختارها لأقامته⁵.
من خلال المفاهيم نجد الفرق ويتضح لنا ما الذي ارتفع نسبته عند المواطنين العراقيين.
أن الانتماء نكتسبه جميعاً كوننا ولدنا في العراق أو البعض الذين نشأوا هنا، لكن الولاء فهو شيء نوجههُ إلى شيء آخر سواء كان وطن أو جماعة ننتمي إليها أو شخص ما.
إلى الآن نستنتج أن كلنا ننتمي للعراق لكن ماذا عن الولاء!
للأسف هنا نصل إلى نقطة تسببت بأضرار كثيرة للبلاد ولنا لأن ليس كل من ينتمي إلى العراق يكرس ولائهُ للعراق فقط، كل فئة تخرج منها مجموعة توجه ولائها للشرق أو الغرب تارة والجنوب والشمال تارة أخرى لأنها تجد أن هذهِ الجهة تنفعها أكثر من وطنها سواء كان النفع معنوياً أو مادياً أو موافقة معها دينياً أو قومياً.. إلخ.
ما الذي يعزز الإنتماء والولاء للوطن؟
هناك عوامل كثيرة تعزز الرابطة بين المواطن ووطنه، لكن هذهِ العوامل تميل إلى توفيرها لجهة الدولة التي تمثل الوطن.
١_ توفير عنصر الأمن والحماية للمواطن وماله وأسرته.
٢_ تعريف المواطنيين بقيمة وطنهم الحضارية منذ الطفولة لكي يعملون على بقاء مكانة وطنهم ورفع شأنه مستقبلاً.
٣_توفير البيئة المعيشية المناسبة للأسر.
٤_العمل على تحسين الأوضاع الاقتصادية لكي لا يكون الشعب في حالة عوز وبالتالي يصعب تدارك الأمور التي ستحدث.
٥_احترام الحريات كافة من قبل الدولة أو الشعب.
هذهِ العوامل وغيرها أن توفرت زاد إستقرار الفرد وبذلك يصعب ميل ولائه لغير وطنه.
في وضعنا الراهن أن نسبة وجود هذهِ العوامل وغيرها ضئيلة جداً، وهذا الشيء يمثل خطراً على البلاد.
هل نحن قادرون على إظهار هذهِ العوامل بعد اختفائها نسبياً؟
الطريقة الوحيدة لإعادة هذهِ العوامل وتقوية رابطة الشعب والوطن هي تكاتف جميع أبناء الشعب أو أغلبهم والتعاون للقضاء على كل ظاهرة تنخر في الشعب والوطن وتجعلهما ضعيفان، أن التعاون يجب أن ينهي كل الظواهر التي تفتك المجتمع ويجب على المواطنين أن يعيدوا حساباتهم ويفكرون قليلاً بوطنهم وإصلاح شأنه بدلاً من الالتجاء إلى الغير لتحسين الظروف، فنحن قادرون على إصلاح وطننا بأنفسنا أن وعى الجميع على أنفسهم وعلى تركهم للعراق بدلاً من بناءه.
على كل واحد منا النظر إلى نفسه ليرى أي جهة يغالي في حبها والانحياز لها، ونسأل أنفسنا هل نقدس وطنناً واحداً أم أن هناك من يقاسم العراق بالتقديس، هل ننحاز لجهة خارج البلاد لأنها فقط مثل ديننا أو مذهبنا أو قوميتنا بينما يجب علينا ترجيح العراقي قبل أي تصنيف أو مسمى اخر.
لنرجع إلى عراقيتنا حتى لا يضيع الوطن من بين أيدينا بشكلٍ نهائي.
*أن الولاء في هذا المقال لا يشير إلى أي مصطلح سائد أو فئة معينة بل القصد منه هنا معناه اصطلاحاً بشكل يشمل كل المواطنين بدون استثناء.
المصادر:
¹موقع موضوع.
²د. أحمد زكي / معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية / ص٣٩ .
³الانتماء والولاء والمواطنة/ جريدة الرياض.
⁴السجل العلمي لمؤتمر واجب الجامعات السعودية وأثرها على الشباب من الاحزاب والانحراف /المجلد الخامس/ الانــتماء إلى الــوطن وأثــره في حمايــة الــشباب مــن الانحراف / د.بدر علي العبدالقادر / ص١٥٦٢.
⁵د. أحمد زكي / معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية / ص١٦ .