بعد أكثر من ثلاثة اشهر من التوقف الإجباري بسبب الاضطرابات السياسية، عقد البرلمان العراقي جلسته الاولى يوم الاربعاء 28 ايلول في ظل اجواء متوترة في جميع المحافظات العراقية ابرزها في العاصمة بغداد. شهدت تجديد الثقة برئيسه محمد الحلبوسي “تحالف السيادة” الذي قدم استقالته في وقت سابق بناء على اتفاق بين شريكه الكردي مسعود البرزاني “الديمقراطي الكردستاني” والإطار التنسيقي ضمن لعبة سياسية انتهازية قذرة، “مناورة” لا تخلو من اغراض ومصالح شخصية وحزبية ضيقة، على حساب مصالح وطموحات المجتمع العراقي ومصالحه الوطنية. وكانت قوى “الاطار التنسيقي” التي شكلت ما يسمى “بائلاف إدارة الدولة” بالاتفاق مع “السيادة والديمقراطي” وبعض القوى البرلمانية الانتهازية، قد قدمت العديد من التنازلات الدستورية والمالية والادارية والجغرافية والقانونية الخطيرة لصالح كل من الحلبوسي “السنة” وبرزاني “الكرد” على حساب المصالح العليا للشعب والوطن.
وكان الجمود السياسي في البلاد قد ادى إلى عدم تشكيل حكومة قادرة لحلحلة الازمات المتراكمة بعد فوز “التيار الصدري” بالاغلبية وإلى أعلان الصدر اعتزاله وعدم مزاولة النشاط السياسي واقتحام انصاره في أواخر تموز مجلس النواب في اعتصام استمر أسبوعا، مطالبين باجراء انتخابات جديدة وحل البرلمان. وبلغت الاحتجاجات ذروتها في اشتباكات بين انصار الصدر وجماعات شيعية منافسة موالية لإيران من جهة، والجيش العراقي من جهة اخرى، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 50 شخصا وإصابة المئات من المواطنين الابرياء. وكانت أعنف اشتباكات شهدها العراق منذ ثلاث سنوات بسبب الخلافات بين الكتل الشيعية المتنافسة على السلطة.
وبالتزامن مع بدء الاجراءات الأمنية، تجمع مئات التشرينيين وأنصار الصدر في ساحة التحرير منذ الليلة التي سبقت إنعقاد الجلسة، وازدادوا مع النهار وحاولوا العبور إلى المنطقة الخضراء صباحاً لكنهم بعد أن تجاوزوا الحاجز الأول عند جسر الجمهورية تراجعوا قليلاً تحت تأثير الاجراءات الأمنية التي اتخذتها قوات الأمن والشرطة.
ان اقدام الزعيم الشيعي مقتدى الصدر على سحب نواب كتلته، كان خطوة خاطئة غير محسوبة، استراتيجيا وتكتيكيا، وضعت العراق والعراقيين امام ابواب جهنم. وكان عليه ان يدرك، بأن منافسيه بارعون المناورة والاحتيال وسيطرت المال والنفوذ، قادرين على تحشيد الولائيين والانتهازيين من عملاء ومنافقين واللعب بمقدرات البلد والتنازل عن مصالحه. للبقاء باي ثمن في السلطة والمحافظة على مؤسسات الفساد الاقتصادية لمواجهة القانون.
نعم كان عليه ان لا يخطو هذه الخطوة من باب المناورة وعامل الزمن كي لا يتعرض ويعرض المجتمع لمثل هذه المحنة في ظل انعدام المعايير الوطنية عند منافسيه من ملته وحلفاء الامس الذين غدروا به وبالعراق!. في الوقت نفسه، ان فشل الصدر في تأمين أغلبية لانتخاب رئيس ثم تشكيل حكومة دون المعسكر الشيعي الموالي لإيران. ليس من الواضح إذا ما أعيدت الانتخابات ستتفير النتيجة بشكل كبير.
من ناحية أخرى، وبينما الصراع على السلطة يتصاعد والصدر يعتمد على الشارع لتحقيق اهدافه، بيد أن معارضوه يصرون على تشكيل حكومة توافقية تقوم بتعديل قانون الانتخابات وتغيير المفوضية. سقطت العديد من الصواريخ على المنطقة الخضراء شديدة التأمين خلف العديد من الجرحى، فيما تواصل إيران على مدى أيام قصفها الصاروخي وبالطائرات المسيرة على العديد من المدن والقرى شمال العراق بينها أربيل راح ضحيته العشرات من المواطنين الابرياء بين قتيل وجريح.