الشاعر الحريب
عبد الاله الياسري
قال رجلٌ غنيٌّ للمسيح:أيّها المعلّم،كيف أكون صالحاً؟ فقال له:إحفظ الوصايا:لاتقتلْ.لا تزنِ .لاتسرقْ …الخ.قال له:هذه كلّها حفظتها.فماذا يعوزني بعد؟ قال له:إِنْ أردتَ ان تكون صالحاً كاملاً،فاذهبْ وأعطِ الفقراءَ أموالَك.فلمّا سَمِعَ ذلك اغتاظ وولّى هارباً .فقال المسيح لتلاميذه: إنّ مرور جملٍ من ثقب إبرة أيسر من أنْ يدخل غنيٌّ الى ملكوت الله.
ــــــــــــــــــــــــــ
تَساوَى العيدُ في المنفَى وحزني
فمـــا أَدري أَأَبـــكـي أَمْ أُغـنّــي؟
أَرَى الأَيَّــامَ قد صارتْ سـهامـــاً
وصـرتُ لرميهـــا مثــلَ المِجَنِّ
وما أَخفيــتُ وجهي في قنــــاعٍ
ولاغيَّــرتُ كالحــربــــــاءِ لــوني
يُكذِّب بالصيـاحِ الديـــكُ صبحاً
فمـا يـومي سوَى ظلمــاءَ دَجْنِ
أُوفّـي الدَّيـنَ بالدَّيـنِ اقتـراضــاً
وأَرجــــعُ مُوفيـــاً دَيــني بدَيــنِ
أُجـاهـــدُ كادحـاً صبحـاً وليـــلاً
وإِنّي ــ رغــم ذا ــ صِفْـرُ اليدينِ
ظننتُ المــالَ بالجـدِّ اكتسـابــاً
وكـمْ قـد كـذَّبـتْ يُمنــايَ ظنِّي!
وكيـف بجمعِــه سَــطواً بغــابٍ
ومامِنْ مخلـبٍ عنــدي وقـرنِ؟
أَرَى كـلَّاً يُــريــــدُ دمي ولحمي
ولا أَقــوَى عليـــه.فيــا لَـوَهْني!
أَأَبْــدِلُ كَـونيَ البشـريَّ وحشــاً
وأُغْرَى بالدمـــاء لشـبْعِ بطني؟
وأَشري صــدقَ أَفعـالي وقولي
بتــدليــــسٍ لتُـجَّـــــارٍ ومَيـنِ؟
أَلا يـاقلبُ ســـاعـدْني ثبــاتــــاً
ولاتسـمــعْ إِلَى ما قـــالَ جُبني
ولاتَبِعِ الضميـرَ بكسبِ سُحتٍ
ولا حُبَّــــاً لإيــثــــــــارٍ بضِغـنِ
مُحيــطٌ بي ذوو الأَمــوالِ لكنْ
غريـبٌ بينهـمْ مثل (الحسينِ)*
لصوصٌ ماعليهــم من رقيـبٍ
وكـــمْ عَيــنٍ علَى عَـفٍّ وأُذن !
أَســـارقُ أُمّــةٍ يَبـقَى طليقــــاً
وســـارقُ خبزةٍ يُلـقَى بسجنِ؟
إِلَى مَ أَظلُّ (سيزيـفَ) المُعنَّى
أَنوءُ بصخـرةٍ لي فوق متني**
وفـي كفـيَّ أَغـــــلالٌ لعَسْـفٍ
وفي قدميَّ ســلسـلـةٌ لغَبـنِ؟
أَجاب بداخلي الإِنسانُ: قـاوِمْ
ولاتَــخضـــــعْ لإِذلالٍ وهَــونِ
وقفْ جبــلاً بمعُتـركٍ لفكــــرٍ
وضِئْ نجـمـــاً بـآفــــاقٍ لفــنِّ
ولاتطمـعْ بعيـشِك فـوق زهـدٍ
فإِنْ تقنــعْ فإِنَّ الزهــدَ يُغـنـي
فكـمْ مُثرٍ تَسـجَّى قبـل موتٍ!
وذي تــرَفٍ تَـوارَى قبـل دفنِ!
إِذا رضيتْ عقـولُ المالِ يومـاً
عليكَ فلستُ منكَ ولستَ منّي
فيـاليـت التجــــارةَ مَعْ كـلابٍ
فتُخلصَ لي الودادَ ولــم تَخنِّي
أَلوذُ بـصدقِهـا من كذبِ إِنْـسٍ
فتغمـــرُنـي بــألــــطافٍ ومَـنِّ
تَشــوَّهَ طيـنُ آدمَ مـن صــراعٍ
لــه نَــزفٌ يسـيـــلُ بكـلِّ ركـنِ
أَلا هل يَرعوي الخصمانِ يوماً
ويَنعـمُ مَـن أَخافـــــاه بأَمـنِ؟
ويُلقي المديَـةَ الجـــزَّارُ سلماً
ولايَـلـقَى لحـقـدٍ مِـن مِسـنِ؟
وتُمسي الأرضُ آمنــةً كطيــرٍ
طليـقِ الجنـــحِ راضٍ مُطمئِنِّ
ويَغسلُ قبـحَ ماضيهـا سـلامٌ
بــإِبــــداعٍ لإصلاحٍ وحُســــنِ
من قصيدة”الشاعر الحريب”/عبدالاله الياسريّ
ـــــــــــــــــــــــــــ
*هوالحسين بن علي بن أبي طالب.رفض أن يبايع يزيد,وأبَى أن يستسلم للجيش الأمويّ؛فقُتل في 10 محرم 61 هـ.
**سيزيف هو رمز الشقاء الإنسانيّ في الميثولوجيا الإغريقية.