غروب مرعب يتسلل بسيوله الحمراء فيقتحم فوضى جنون حجرتي الصغيرة .
تجرني تلك السيول الى قاع الفرات البعيد الدامي على اسكات هديره واجباره على الشيخوخة المبكرة ، روحي تتعفر بطينة الحرّي وافكاري مشغولة بالعطش وهي تحاور شفتاي المتشققة من اليباس بعد ان يئست كل محاولات الأرتواء من حفنة ماء في هيجان اعصار وانا أمد راحتي بين تجاعيده التي تشبه تجاعيد وجه جديالعتيق وهو يصرخ مناديا جدتي من البعيد كي تُسرج شموع الخضر المزينة بالآس والبخور على ظهره المنحني علّه يفيض ويوقف ذبح نوارسه وغزالاته التي تتقافز جوعا بين ضفافه التي لوثها الكدر ..
على تجاعيد طينة الحري اليابس ينبطح الحراس سكارى بخمرة السلطة الأبدية ،، ذاتهم الذين تفحصوا آخر القصاصات السرية الآمنة في قعر نهديّ المتكورتان وهم يستعرضون انتصاب اعضائهم غارقين لأحاسيس العرض السري لتلك القصاصات وارضاء ذلك العضو الشامخ بذكورية الآلهة .
احاول ان اغطس بجسدي الناحل في متعرجاته اليابسة حالمة بعناقيد ديس العنز وهي تتدلى على ضفائري الغجرية في بستان جدي العتيق المنبطح بظلاله على مويجاته القلقة من عواء ذئاب الليل المفترسة ، بستان تحرسه آلهة مسوسة منخورة حين كان يربط السماء بالأرض مسكونا بالأسرار قبل ان تعوي الرياح الصفراء وتعلوا المآذن لتسرق السكينة وتُمزِق ذلك الصمت العنيد فتتبخر منه الحياة ..
تزاحم نخيل بستان جدي برحية يتوضأ بخمرة خَلالِها المنقوع كل فجر فيصلي بصمت ويرفع مخالب راحتيه ليشق السماء ويقتطف شرارة فرح الآلهة كي يُبخّر جلبابه بتوهجُها ليملأ ملاذه القدسي الذي سقاه بعسل الأمنيات المعجون بالمطر والأغاني كي ينتشي .
جذوع برحية جدي هي الشاهد الوحيد على النهر وهو يموت غرقا وكربُها يؤرخ سواد التأريخ الموشوم بحاكايات الفخاتي وهي تعصر وجعها على الجريد في يباس الفصول ..
لا زال جدي ينتظر زعيم الديكة كي يفتتح الفجر بوصلة من صيحاته التي بحت معلنا شروقا لشمس قد تأخرت وان موعد الأستيقاض قد حان .. اما جدتي هي الاخرى ترقب فرس نهرها يصل الخضر لتوفي النذور بالحناء والملبس .. .. … …….. (تعال العين الك تربى .. ظلام وجيتك گمره .. تعال وعندي سوالف .. اسولفها لك واحچيها )