” الوقت الضائع “!
يحيى علوان
إنتهت ..
إنتهت ..
إنتهت “اللعبة”!
لمْ يبقَ لي إلاّ “اللعب بالوقت الضائع”!
عَلّقتُ سلاحي على سِدرةٍ عتيقة ..
……………….
لا بطولةً،
لا بَراعةً ، أو فِطنةً أنّني أحيا !
سأَنكَبُّ على “مؤجّلاتي ” ، فلا وقت للتبذير !
إنتهت اللعبة !
إنتهت !
لم تَعُد هناك فرصة أخرى ..
* * *
لمْ يَتسنَ لي أنْ أُهنِّأ أُمي بسلامتي معطوباً ..
كلُّ مَنْ حَوْلي هَنَّأني على “السلامة” المنقوصة !!
لكنني بقيتُ سيّدَ ذاتي ،
لا أنسى ولا أَتذكّرُ الماضي إلاّ حينَ يَشرَقُ الهواءُ بغبار “الآنْ”!
لمْ أُسائل نفسي لماذا أحتفي بصداقةِ اليومي ،
وأَنتشي بالنَزرِ المُتاح !
ربما أكونُ أرجأتُ إستذكارَ “المَلاكَ” إيّاه كي أُموِّهَ ما إستبطنتُ من حُطامي !
وأَعرفُ أَنه ساديٌّ مراوغ ،
يقضمُ “رأسمالي”/ أصدقائي من حولي .. واحداً ، واحداً لينفَرد بي !!
أَتُراه خائفاً مِنّي ؟.. أَنا المعطوب ..؟!
* * *
هلْ يَمرَضُ مَلاكُ الموتِ مثلما نَمرَضُ ..؟!
أَيُصابُ بالأنفلونزا ، وفقدان الذاكرة (ألزهايمر) أو يدَخَلَ “الكوما” ..؟!
إذا كان كذلك .. لنْ أَدعو له بالشفاءِ والعافية ،
كي أَكتُبَ نَصّي الذي أَحلَمُ به !
فَبِيْ شَبَقٌ إلى ما لستُ أَعرِفُ ..
وأُريدُ أنْ أحيا وأنساه !
……………………
كلُّ ما في الأمر أَنّي أُصدِّقُ حواسّي ، بأَنَّني لمْ أَزَلْ أَحيا ..
أتأبطُ ظِلِّي كي لا يتعثَّرَ فوقَ رصيفٍ مَجدورَ الوجه ، فينكسَّرْ ،
لمْ يأتِ موسمُ “القِطاف”،
لمْ يأتِ ،
لمْ ..!
وساعتي لمْ تَحِنْ بعدُ !
* * *
وسطَ ضوءٍ نحيلٍ يَخبِزُ الليلَ ، نَجوتُ مصادفَةً ،
حاولتُ تعديلَ مسيرتي ، كيف ما أَشتهي !
إذْ ما كُنتُ لأكونَ لو أَنَّ الموتَ لم يكنْ عشوائيا ،
إختطفَ أخَوَيَّ الأصغرين قاسم ورسول !
يزورني في المنام ، دون دعوة ، ويقولُ :
” ما نسيتكَ ، لنْ تَفلِتَ منّي ، وإنْ نَجَوتَ بضعَ مرّات !”
فأقولُ له : ” غَلبتُكَ يا موتُ غير مرة ! أما تستحي ؟!”
* * *
ما كنتُ لأحيا لو أنَّ الرصاصةَ الغبية لم تُخطيء مسارها بعشرينَ درجة ،
فتَستقرَّ في ركبتي مرتين :
في ساحة السباع وفي كردستانْ.
………………..
ما كُنتُ لأَحيا لو لمْ أُشاغل ضابط الجوازات صالح منهل- زميلي في المتوسطة –
فلو أَلقى نظرةً على قائمة ” الثلاثونَ المُبشّرونَ بجهنم “*لَرُحتُ بشُربة ماء !!
……………….
ولا كُنتُ سأحيا لولا جَلَبَةٍ قام بها اليمنيون الجنوبيون في مطار الكويت ، دفاعاً عنّي،
يومَ أرادت مخابرات جارهم الأكبر إختطافي !!
………………
ما كنتُ لأحيا في قصر النهاية، لو لمْ يكتشفوا أنني لستُ يحيى بابان **!!
………………
وأخيراً .. ما كنتُ لأحيا لولا فَزَع صديقي د. إلياس البطل لما إكتشف بأن لديَّ سرطانٌ
فأرسلني إلى المستشفى فوراً !!
* * *
ما يُنسيني الموعد مع “المَلاك” إياه ،
بُنيَّتي ندى ، شَغَفي بزهرةٍ يانعةٍ شقَّت الجدار لتعرضَ فِتنتَها ،
هَوَسٌ بالطبيعة ..
كثرةٌ من الكتب تنتظر القراءة ،
وبلسم الروح موسيقى وأعمال فنية .. وكــاس!
كلُّ هذا يبقيني أُناطحُ الموتَ ..!!
———————————–
* المقصود قائمة بثلاثين إسماً من المثقفين صدرت أوامر من مركز النظام عام 1978 بمنعهم من السفر وجرى تعميم ذلك إلى دائرة الجوازات والمطارات والمنافذ الحدودية ، وقد ضمت القائمة زهير الجزائري ، نبيل ياسين ، فاطمة المحسن ، فالح عبد الجبار وكاتب السطور وغيرهم مما لا أتذكر الآن .
** يحيى بابان واحد من نشطاء القيادة المركزية ، زميل لي في أتحاد الطلبة . كان يدرس في كلية الإقتصاد والعلوم السياسية عام1969.