من هو البروفسور؟
محمد الربيعي
البروفسور او كما يسمى في العراق “الأستاذ” هو أكاديمي كبير لديه سنوات طويلة من الخبرة في التدريس والبحث. ما يجعله مختلفا ليس فقط بأقدميته ولكن حقيقة أنه أجرى بحوثا قيمة في مجال اختصاصه، وبالطبع يكون في معظم الحالات حاصلا على درجة الدكتوراه وله خبرة بحثية لما بعد الدكتوراه Post-Doctoral بالرغم من ان ذلك ليس بالضرورة القصوى.
البروفسور هو أعلى تقدير من الجامعة بناءً على مساهماته العلمية والاجتماعية. في المهنة الأكاديمية، البروفسور هو أعلى رتبة جامعية. يفترض أنه يتمتع بأكبر قدر من المهارات المتقدمة في مجال تخصصه.
البروفسور يكون بالعادة قد درّس لوقت طويل او باحثا ذا باع كبير. ربما يكون قد ترأس لجانا مهمة، وربما عمل كرئيس لقسمه، وبخلاف ذلك لديه بعض الجاذبية للعمل الاداري والقيادة. نظرا لأنه عمل عادة لمدة لا تقل عن عشرة سنوات أو أكثر، فإنه يتمتع بأقدمية، ولتميزه في مجال البحث يحصل على افضل المساعدين الباحثين ويقدم اكثر الدورات التدريبية المرغوبة.
ويتميز البروفسور بحصوله على اعتراف كسلطة بارزة في تخصصه، وسيكون قد حقق التميز على المستوى الوطني والمستوى الدولي خصوصا في البحث العلمي والابتكار. يقدم البروفسور مساهمات أصلية ومبتكرة ومتميزة في البحث والتدريس وخدمة المجتمع.
تعتمد الدرجات الاكاديمية على البلد والنظام الاكاديمي فهي عموما في بريطانيا:
Lecturer, Senior Lecturer, Reader, Professor
اما في امريكا فهي:
Assistant Professor, Associate Professor, Professor
وهذا الفرق هو ما نلاحظه من تسمية كل عضو هيئة تدريسية في امريكا “بروفسور” بينما لا يطلق اللقب في بريطانيا الا على البروفسور او البروفسور المتمرس. يمكن أن يكون هذا مصدرا لسوء الفهم – ففي المؤتمرات الدولية، على سبيل المثال، قد يفترض من أكاديمي أمريكي شاب أنه يجب التعامل مع أكاديمي بريطاني متميز على أنه “بروفسور”، أو قد يفترض من أكاديمي بريطاني شاب أن الأمريكي الذي يتم التعامل معه على أنه “بروفسور” يجب أن يكون له باع كبير ومتميز جدا.
في جامعتي، على سبيل المثال، يتم تقييم جميع المرشحين للترقية الى بروفسور وفقا للمعايير الثلاثة التالية:
– البحث والمنح الدراسية والابتكار المهني والتميز الابداعي
– التعليم والتعلم
– القيادة والمساهمة في الانتاج العلمي العالمي
تشمل واجبات البروفسور:
– قيادة العمليات الاكاديمية والبحثية وعضوية مجلس الجامعة University Senate.
– يقوم بتوجيه نطاق الكورسات لكل فصل دراسي محدد في مجاله العلمي.
– يضع مخارج التعلم Learning Outcomes ومفردات الكورس ومراجعة وتدقيق ادوار المدرسين.
– يقوم بتوجيه الطلاب الجامعيين والخريجين.
– يساهم في المهام الادارية والتنظيمية على مستوى القسم والكلية والجامعة.
– يقوم بتدريس طلبة الدراسات العليا بالاضافة للدراسات الاولية.
– يحافظ على القيم والاخلاق الاكاديمية.
– يساهم في تدريب وارشاد التدريسيين الشباب وتمكينهم لقيادة المشاريع.
– يساهم بصورة فعالة في المؤتمرات والاجتماعات والورشات الوطنية والعالمية.
اخيرا، لربما من المفيد عقد مقارنة بين مهام البروفسور في الجامعات المتميزة وتلك في الجامعات الناشئة والتي تعاني من ضعف في هيكلها التنظيمي والاداري والاكاديمي كما هي عليه في الدول العربية، ولربما ايضا مقارنة توقعات البروفسور واهتماماته وممارساته في نوعي الجامعات، وهذا ما سنتركه لمقالة اخرى قادمة.
لماذا يفتخر اساتذة الجامعات بمهنتهم؟
أ.د. محمد الربيعي
منذ كتابتي لمقالي “من هو البروفسور؟” (1) وقبله “ما الذي يجعل الاستاذ مميزا؟” (2) وصلني العديد من الردود الايجابية من الاصدقاء والمتابعين، بعضهم يطلب المزيد من مثل هذه الكتابات حول هذه المهنة. فكرتُ كثيراً في الموضوع فراقت لي فكرة ان اكتب حول السعادة التي يكتسبها الاستاذ الجامعي كونه مربي وتربوي وعالم وباحث ومبتكر في نفس الوقت.
لذلك أود في هذه المقالة أن أشارككم الرأي الشخصي لأساتذة من مختلف انحاء العالم حول عملنا، ومهنتنا، وكيف نرى أنفسنا. هذه مقتطفات من آرائهم:
– نحن نتعلم كما نعلِّم. يتطلب التدريس تحسينا مستمرا للعقل. هذا كافي ليبقيك شاباً على الاقل عقلياً.
– إنها متعة المعرفة والرضا بالنفس من خلال إعادتها بطريقة راقية لما تعلمته. وتعرفت عليه فتكسبك روح التحدي المتمثل في اكتساب معرفة جديدة واعادة نقلها.
– أحب التدريس لأنه يمنحني فرصة للتفاعل مع العقول الشابة. انه يضعك في البيئة المناسبة، وبين العلماء، والأنشطة الأكاديمية والثقافية ومجموعة كاملة من الطلاب الشباب المتحمسين.
– في الواقع انا أشعر بالارتياح لكوني أستاذاً بسبب “السعادة” التي أحصل عليها عندما أغادر الصف بعد كل محاضرة جديدة!
– كونك أستاذاً أمراً رائعاً وطبيعيا، إنه لقب مرغوب فيه وأنا فخور به لأنني عملت بجهد وحصلت عليه.
– دائما اسأل نفسي كم انا محظوظ، فهل يمكن لأي شخص أن ينال مثل هذا الاحترام في أي مهنة أخرى؟ انها مهنة من أنبل المهن في هذا العالم.
– في بعض الأحيان يذكرك احد طلابك القدماء بعبارة أو إجابة أو تشجيع منك. هذه مكافأة كبيرة تشعرك بالسعادة.
– عندما أشعر بالمرض ، أقوم بحشد بعض القوة لالقاء المحاضرات. بعد ساعة واحدة أحصل على طاقة متجددة. أنا سعيد لكوني مدرس.
محفزات كافية
– اخترتُ التدريس كمهنة في عام 1968.. وما زلت أحب مهنتي، التدريس.
– تمنحك ساعة في غرفة الصف مع طلاب متحمسين محفزات كافية لمواجهة -المشكلات.
– اليوم أكملتُ أكثر من 40 عاما في هذه الوظيفة وما زلتُ معجباً بقراري. عندما ينظر الطلاب إلى عينيك ويستمعون إليك، تشعر بالرضا والارتياح.
– إنه عمل شاق ، لكني أحبه أكثر من أي وظيفة أخرى حصلت عليها من قبل.
– أشعر أنني قدمت مساهمة صغيرة ولكنها ذات قيمة مضافة للمجتمع.
– وظيفتي هي مساعدة الآخرين على الرؤية والعمل سياسيًا لتحقيق قدر من العدالة الاجتماعية والتحول.
– شغفي هو العمل مع طلابي في بيئة مختبرية. يعمل العديد من طلابي السابقين في الصناعة وهذا ما يجعل وظيفتي جديرة بالاهتمام.
– الشيء الآخر الذي يجعلني أشعر بالرضا هو أنني أستمر في الالتقاء بطلابي ومن الجيد جدا معرفة أن معظمهم قد وجدوا وظائف جيدة جدًا.
– جاء ارتياحي في جزء كبير منه “كعامل تغيير” في حياتهم.
– أشعر أنني أقوم بتكوين ممرضات جدد وأبدأ بهن بشكل مناسب. أنا فقط أحب التدريس. عندما أتوقف عن حب ما أفعله ، سأتوقف نهائيا.
– كل عام وكل فصل هو بداية جديدة. أحب ما أفعله في الصف. الطلاب المتميزون هم النتائج النهائية لأساتذة اليوم. – كطالب كنت أقرأ لاجتياز امتحاناتي الخاصة ، لكنني الآن أقرأ لأضمن نجاح طلابي بجدارة!
– من الرائع أن تشعر أنك حقا تساعد الناس وتؤثر في حياتهم.
– أشعر دائمًا بالارتياح في كل مرة أقوم فيها بتدريس طلابي ، فنحن جزء من مستقبلهم لأننا موجودون لدعمهم ومساعدتهم.
– أكثر ما أستمتع به هو رؤية طلابي يبتهجون عندما “يحصلون على الشهادة” ومشاهدتهم يصبحون محترفين في مجال اختصاصهم.
– أحب التأثير الذي تركته على “أطفالي”.
بعد هذا الايجاز لاراء نبذة من اساتذة الجامعات العالمية سيكون مفيدا ان نتعرف على آراء اساتذة الجامعات العراقية فيما يخص التحديات التي يواجهونها في عملهم، وما يشعرهم بالسعادة والفخر في تأدية واجباتهم، في ظل ظروف العمل الضاغطة واحيانا غير الملائمة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ