<h2 style="text-align: center;"><strong>صَفَحاتٌ من سِفْر الشباب</strong></h2> <h4><strong>د. عدنان الظاهر</strong></h4> <h4> 1 ـ مُقدّمة للرِثاءِ</h4> <h4>أسمعُ أصواتاً شتّى</h4> <h4>توقظُ حُرّاسَ خزائنِ كِسرى</h4> <h4>ومدائنِ " صالحَ " في هورِ الحمّارِ</h4> <h4>يا قومُ جحافلُ هولاكو</h4> <h4>تنصبُ للرائحِ والغادي أفخاخا</h4> <h4>وتطوّقُ بغدادا</h4> <h4>طاوعتُ سماعي أبواقا</h4> <h4>وطبولاً تقرعُ أبوابَ خرابِ</h4> <h4>وتشقُّ البرقَ توسِّعُ أحداقي</h4> <h4>يا ضاربَ عودِ الأخشابِ</h4> <h4>النغمةُ أعلى من دَقّةِ ضربِ المسمارِ</h4> <h4>لا تُصغي لا ترفعُ فوقَ البرجِ العالي أعلاما</h4> <h4>النصرُ قصيرُ</h4> <h4>بَصرٌ يتدّرجُ مسحوقا</h4> <h4>مُشتاقُكَ ملعونٌ مهجورُ</h4> <h4>نوِّغْ لوحاتِ الجهدِ المستوفي أقصى حاجاتي</h4> <h4>ألوانُ اللوحةِ جمهرةٌ تتضاعفُ أكداسا</h4> <h4>ما لي والنزَعُ المتبقي في سقطِ متاعي ؟</h4> <h4>أغرقتُ الديوانَ دموعا</h4> <h4>تتخفّى تهربُ منّي</h4> <h4>شَبَحاً .. رؤيا أشباهِ الموتى</h4> <h4>تفصلُنا ألواحُ زجاجِ</h4> <h4>تعتوتمُ قبلَ غيابِ الأسماءِ وحِدّةِ نورِ الشمسِ</h4> <h4>أنشدُ فيها داري وشميمَ ثيابٍ لا تبلى</h4> <h4>وصفوفَ رفوفِ الأسفارِ</h4> <h4>الذاهبُ يذهبُ رُغْما</h4> <h4>لم يرحلْ ودّعَ مَنْ قبلا</h4> <h4>واستقطبَ آلامَ الدُنيا</h4> <h4>وتحمّلَ عسفَ الريحِ وكَسرِ الباسِ</h4> <h4>صيفٌ يتبعُ صيفا</h4> <h4>أبطأَ أو غذَّ السيرا</h4> <h4>يومٌ يأتي بالبشرى</h4> <h4>أسوأَ ما خطَّ الرسّامُ على سيقانِ البردي</h4> <h4>يحملُ في تابوتٍ نَعْشا .</h4> <h4>2 ـ قوسُ قُزَحْ</h4> <h4>لا ترفعْ رأسكَ قوساً</h4> <h4>قُزحاً وشرارةَ إنذارِ الأوتارِ</h4> <h4>الحُصنُ العالي نفخُ الريحِ العجزى</h4> <h4>صوتُكَ أعلى ... أعلى</h4> <h4>لا تُصغِ حتّى لو قامَ الموتى</h4> <h4>منْ ذا يُصغي والنجمةُ في بُرجِ الذيبِ</h4> <h4>أصواتٌ ترغو</h4> <h4>تتعالى دَقّاً دَقّا</h4> <h4>مثلُكَ لا يتقلّبُ شَكلا</h4> <h4>إرفعْ كأسا</h4> <h4>الشاربُ مخمورٌ كسلانُ</h4> <h4>يركبُ طراودةَ أفراسَ رِهانِ</h4> <h4>صَبرَكَ ما أكبرَ يا ربّانُ</h4> <h4>أمكثُ أو أطفو</h4> <h4>صاحبةُ الحانةِ أدرى بي منّي</h4> <h4>عطشى لشظايا جسدٍ في الخمرةِ مُنحلِّ</h4> <h4>طوْرٌ لا يُشبهُ طورا</h4> <h4>وجسومٌ تمضي .... تتريثُ أُخرى</h4> <h4>الراحةُ في الصامتِ لا يكشفُ سرّا</h4> <h4>طوّقني حتى فاضتْ أنفاسي</h4> <h4>وتزلزلَ بُنيانُ مكاني أيّاً ما كانا</h4> <h4>أبكوني أحياءَ</h4> <h4>وبكوني لمّا غابوا أفلاكا</h4> <h4>آثارٌ منهمْ تبقى</h4> <h4>تحفرُ في الرملةِ أنفاقا</h4> <h4>أُمَي قومي لصلاةِ الفجرِ</h4> <h4>عادَ الراهبُ يحملُ أجراسا</h4> <h4>جرّبَ خابَ وجلجلَ أصداءَ .</h4> <h4>3 ـ كُحْلٌ وحنّاء</h4> <h4>هلْ قلبُكَ أرقى</h4> <h4>من نارِ صريحِ الثلجِ المندوفِ صقيعا</h4> <h4>قالتْ لولاكَ لكنتُ الأشقى في الدنيا</h4> <h4>أرملةً ثكلى</h4> <h4>تتعثرُ في الدربِ المرصوفِ تُرابا</h4> <h4>تتكلّمُ والأحجارَ الأثمنَ في دُنيا الأحجارِ</h4> <h4>تتسلى بالتينِ وزيتِ الزيتونِ</h4> <h4>بصمةُ إبهامِ الشكوى اليسرى</h4> <h4>أيسرُ ما فيها سَفَرٌ في نُتفٍ من طينِ</h4> <h4>يحلمُ فيهِ رائيهِ معصوبَ الرأسِ المشجوجِ</h4> <h4>ياجوجاً ماجوجا</h4> <h4>زُبَرٌ وجدارُ حديدٍ منضودِ</h4> <h4>طاويهِ يتفتتُ ياقوتا</h4> <h4>شأنَ المُتحرِّقِ شوقا</h4> <h4>لسماءٍ سقطتْ كِسفاً كِسفا ...</h4> <h4>كيف أواري وجها</h4> <h4>نكّسَ في عَرْضِ المِحنةِ أعلاما</h4> <h4>شخصٌ خصَ ملامي</h4> <h4>جَرَساً دقَّ فأيقظَ مَنْ في بابي</h4> <h4>أهلي كانوا أيقاظا</h4> <h4>شاءوا أنْ يسقطَ فوقي ظلّي</h4> <h4>ويُسلّمَ للغارقِ ميزانَ حسابي</h4> <h4>وجسوراً مُدّت فامتدّتْ</h4> <h4>تاقتْ حَنَتْ أثوابي</h4> <h4>سَلِمتْ عيناها كُحلا</h4> <h4>سَلِمَ الدربُ يُطأطئُ رأسا</h4> <h4>نبأٌ يأتي منها</h4> <h4>يختصرُ الدُنيا قاعاً قاعا</h4> <h4>أينَ منازلُ أهلي</h4> <h4>أينَ الخيمةَ لا تحملُ أجراسا</h4> <h4>ومُقامي لا يسندُ قاماتِ صعودي</h4> <h4>لا يُطفئُ أحزانَ مدائنِ أنفاقي.</h4> <h4>4 ـ ساعةُ ميلادي</h4> <h4>أَحسنتم قالتْ</h4> <h4>ما أَحسنّا ولِمنْ أَحسنّا يا مملكةً غابتْ شمسا</h4> <h4>خلّتنا أقواساً أشباحا</h4> <h4>جَرَشتنا بَعْدَكِ أعلامُ حِدادٍ سودُ</h4> <h4>وأسنّةُ أرماحِ عبيرِ الفردوسِ المفقودِ</h4> <h4>ما أبقتْ للصبيةِ في بيتِ الثكلى أقواتا</h4> <h4>أبقتْ أعواماً عجفاءَ</h4> <h4>ومتاعبَ تتبعُ أتعابا</h4> <h4>شمسٌ تأتي أقسى مِنْ ضربةِ شمسِ</h4> <h4>تخلو من جذوةِ نارِ عيونِ الذئبةِ في غابةِ ليلى</h4> <h4>ما هذا الكونُ المترامي أطرافا</h4> <h4>إنْ لمْ يضمُمْ أوصافكِ وصفاً وَصْفا</h4> <h4>الوِزرُ الأكبرُ أخفى ما عندي من سرِّ البئرِ</h4> <h4>ما أكثرُ دِفئا</h4> <h4>من صدرِ الأمِّ تُداعبُ في مهدٍ طفلا</h4> <h4>أحسنتِ وأنتِ الملآُ الأعلى</h4> <h4>في الدُنيا والأُخرى</h4> <h4>أنتِ الكاملُ في بحرِ خِضّمِ اليمِّ ...</h4> <h4>صبّحتُ فألفيتُ النجمةَ في رأسِ الخيمةِ مِصباحا</h4> <h4> ضوّى قبلي نوّرَ بعدي وأطالَ الإيضاحا</h4> <h4>عَجّلَ في هذي الرؤيا</h4> <h4>مَنْ سَجّلَ إعلانَ النصرِ صبيحةَ عيدِ</h4> <h4>جازَ محطّاتِ الصبرِ الأولى قَفْزا</h4> <h4>وتمهّلَ يطلبُ نِذرا</h4> <h4>هلْ أبصرَ حينَ تولّى خلفَ سحابةِ صيفٍ مُرِّ</h4> <h4>دربَ الهجرةِ في آثارِ قِطارِ الإبلِ</h4> <h4>هل نادى أحياءَ البَرِّ مِراراً مثلي</h4> <h4>الدُنيا مُدنٌ للموتى</h4> <h4>ونواويسٌ جُرْدٌ غبراءُ</h4> <h4>جرّبتُ الميزانَ فأهوى بي</h4> <h4>وسقاني سُمّاً عَذْبا</h4> <h4>يا ساقيَ أحزاني بَلّغْ أهلي أنّي</h4> <h4>أتمارضُ كي لا أشقى</h4> <h4>وبأنّي في جُبِّ البئرِ أخوضُ سرابَ الوهمِ</h4> <h4>بُعدي عنها حوَّلني قَفَصاً من تبنِ</h4> <h4>شَبَحاً لا يقرأُ ما في العينِ</h4> <h4>وجنيناً يصرخُ في بطنِ الأمِّ</h4> <h4>هيّا حانتْ ساعةُ ميلادي.</h4> <h4>5 ـ ماذا يتراءى لي ؟</h4> <h4>مِنْ خلفِ ضبابِ جِدارِ السجنِ العالي</h4> <h4>أتوحدُ فيهِ لأُناقشَ أخطاءَ عبوري جسري</h4> <h4>ــ أعبرُ أكثرَ مِنْ جسرِ ــ</h4> <h4>قبلَ وبعدَ مُعاقرتي شيطانَ الخمرِ</h4> <h4>يتركني أضألَ حتّى من رقمِ الصِفْرِ</h4> <h4>الكوكبُ أحزانٌ في كرِّ دواليبِ العُمْرِ</h4> <h4>أبحثُ عنهمْ علّيّْ ألقاهمْ أحياءَ</h4> <h4>إنْ عادوا عادوا أجداثا</h4> <h4>لا تمشي تحفرُ للباقي أنفاقا</h4> <h4>كنتُ الداخلَ للخندقِ وَحْدي</h4> <h4>أسحبُ أقفالَ حديدِ الرِجلِ</h4> <h4>ألاّ يهربَ منّي ظِلّي</h4> <h4>ليُكلِّمَ أصدائي غيبا</h4> <h4>أَقفلَ بابي لُغماً موقوتا</h4> <h4>جفّفَ دمعَ الشمعةِ في ماءِ القنديلِ</h4> <h4>الساعةُ قبلَ الدقّةِ عرجاءُ</h4> <h4>لا تمشي إلاّ زَحْفا</h4> <h4>تتجنّبُ حفلةَ إعدامي</h4> <h4>إطلاقاتُ الموتِ رصاصُ دِماءِ الجلاّدِ سموما</h4> <h4>أتلفّتُ لا داري لا أهلي</h4> <h4>لا حتّى منخولُ تُرابي...</h4> <h4>6 ـ أينَ أراهم ؟</h4> <h4>أتيمّمُ في مسحوقِ رَمادِ عِظامي</h4> <h4>وأُوجّهُ أمري صوبَ الركنِ الثاوي في بابي</h4> <h4>أسألُهُ فيردُّ بأنَّ مُرادي في مسقطِ رأسِ الشمسِ</h4> <h4>وبأنَّ وجودي في لُجّةِ أحلامِ الغيّابِ</h4> <h4>أينَ أراهمْ ؟</h4> <h4>وارِ أنفاسكَ قبلَ سقوطِ النيزكِ في بُرجِ الأحبابِ</h4> <h4>إسألْ بابَ المسجدِ والنجمةَ في هامةِ حبلِ الإعدامِ</h4> <h4>الحاجبُ أقصاني</h4> <h4>أبعَدني وأهانَ حواجزَ تمتينِ الكِتمانِ</h4> <h4>يا حاجبُ مَهْلاً</h4> <h4>هلاّ أنطقتَ جِدارَ التسليمِ الآلي</h4> <h4>وسحبتَ مقالةَ ما قالَ القوسُ لضربةِ أوتاري</h4> <h4>الصاعقُ أولاني</h4> <h4>وتربّعَ عَرشاً مغشوشاً من قَشِّ الأوباشِ</h4> <h4>إرفعْ ثوبكَ للأعلى</h4> <h4>وتدّفقْ عَصفا</h4> <h4>عصفُكَ مأكولٌ نِصفا</h4> <h4>قالَ وولّى مُبتلَّ الأجفانِ.</h4> <h4>7ـ مع الوالدة في بيروت</h4> <h4>[ 1965 ــ 1966 ]</h4> <h4>هل تأتي</h4> <h4>لتزورَ مرابضَ قريةِ مِحرابي</h4> <h4>فصّلتُ مُقامي فيها فصْلاً فصْلا</h4> <h4>ونشرتُ ثيابي لصدى أهوائي حَبْلا</h4> <h4>ضمّتني غُصُناً في قبرِ</h4> <h4>وبكتني برّاً في بحرِ</h4> <h4>ومطاراً لعهودٍ طالتْ ... أفنتني ... كادتْ</h4> <h4>من ثُمَّ رأيناها رأيَّ التُفاحةِ في العينِ</h4> <h4>شَبَحاً أسودَ في ظلِّ جِدارٍ مُنهارِ</h4> <h4>صَرَختْ ثم انهارتْ</h4> <h4>جمّعتُ الأنفاسَ ولمْ تنهضْ</h4> <h4>مَنْ ينهضُ والصوتُ العالي مأزومُ</h4> <h4>يترددُ في مركبِ نُوحٍ في عَرْضِ اليمِّ</h4> <h4>أُمّي ! آهٍ أُمّي آهٍ أُوّاها</h4> <h4>خَفتَ الصوتُ ومرَّ المركبُ مرَّ الوهنِ</h4> <h4>هل بقيتْ بيروتُ كما كانتْ</h4> <h4>وكما شاهدتُ خطوطَ النملِ على رملِ الأهلِ ؟</h4> <h4>بيروتُ حنينُ الناقةِ للحِمْلِ</h4> <h4>حَمَلتني من بهوِ الطبِّ لبارِالجنِّ</h4> <h4>شقَّ البدرُ جناحاً</h4> <h4>يحملُ أُمّي بَرْقٌ من جُندِ</h4> <h4>وحلولِ الجسدِ النازلِ في ليلةِ قَدْرِ</h4> <h4>قَدَري هذا .. قالتْ نَزَلَتْ تسقيني ماءَ الحُمّى</h4> <h4>وأُعاطيها أخبارَ الجنِّ الحُمْرِ</h4> <h4>تُبعِدُني ... تخشى العدوى !</h4> <h4>بيروتُ مناجلُ عيدِ الإعصارِ</h4> <h4>وبنادقُ شقِّ الأنفاقِ</h4> <h4>تركتني أُحصي أنفاسَ البحريّةِ والطوقً الأمني</h4> <h4>أُخفي دَمْعاتِ الموجِ بحبّاتِ الرملِ</h4> <h4>أسمعُ فيها دقَّ طبولِ حِدادِ الأهلِ</h4> <h4>فأقولُ سلاماً</h4> <h4>تركتني عَظْماً يقرأُ آياتِ الفجرِ..</h4> <h4>أوقفتُ خسائرَ فادحةً</h4> <h4>في قلبِ الإعصارِ الضاربِ في سوءِ الظَنِّ</h4> <h4>طارَ صوابُ الجاني والسادرِ في أنصافِ الحَلِّ</h4> <h4>والغافي تحتَ الظُلّةِ في قيلولةِ عِزِّ الصيفِ</h4> <h4>ما يعني شأني للضاربِ طُنبورَ أخاديدِ النسيانِ ؟</h4> <h4>هيّا .. نبدأُ عصرَ التجديفِ المُرِّ</h4> <h4>لا بحرٌ يبدأُ فينا لا ريحٌ لا قوسٌ لا بحّارُ</h4> <h4>مِجدافُ البحرِ يُعطِّلُ موجاتِ الريحِ</h4> <h4>أشرعةُ المدِّ قِصارُ ...</h4> <h4>قلّبتُ الدُنيا فانقلبتْ بي</h4> <h4>وتقلّبَ جرّاها منظورُ التعبيرِ</h4> <h4>ما كانَ الوزنُ الصافي معروفا</h4> <h4>أو كانَ الدِرعُ الواقي مصفوفا</h4> <h4>وجّهتُ التوقَ لوجهةِ فوجِ التدريبِ الإجباري</h4> <h4>لأُراقبَ ما يجري خلفَ متاريسِ الأنصابِ</h4> <h4>هذا توق الماشي عَكْسَ التيّارِ</h4> <h4>كُفّوا يا ناسُ خذوا رأسي مقصوصا</h4> <h4>الحربُ سِجالُ</h4> <h4>قاصيها أحمقُ دجّالٌ معزولُ</h4> <h4>والنارُ سعيرُ سُعارِ الأبراجِ ..</h4> <h4>جاءتْ تتخطّى ماضي الأشواقِ</h4> <h4>تمشي الدُنيا تتوكّأُ شِبْراً شِبْرا</h4> <h4>تُحصي السيّارةُ أنفاسَ هدوءِ الصدرِ</h4> <h4>تفتحُ أنوارَ الشرقِ مصابيحا</h4> <h4>هل وجدتني أنزلُ مِعراجَ النورِ رويدا</h4> <h4>وأصفُّ الدمعَ شموعا</h4> <h4>لطريقِ العُزلةِ في الدربِ النائي</h4> <h4>صَرَختْ أُمّاهُ تعالوا</h4> <h4>هَفَتتْ غابتْ</h4> <h4>سَقطتْ من بُرْجِ النوءِ العالي</h4> <h4>قَمَراً ينزفُ مخسوفا.</h4> <h4>8 ـ الضوءُ</h4> <h4>الليلُ نهارُ</h4> <h4>أطفأتُ النجمةَ ليلةَ حاقتْ أقماري</h4> <h4>وترصّدتُ القنديلَ وما يتبقّى من دمعِ التأويلِ</h4> <h4>حَطَبٌ في نارِ المندى</h4> <h4>وزهورٌ ينشرُها حبلُ غسيلِ النجمِ الهاوي</h4> <h4>حُبٌّ هذا لهوٌ هذا مولانا ؟</h4> <h4>أرهقني جوُّ ثقيلِ الضوضاءِ</h4> <h4>فقأتْ عيني صُورٌ تهتزُّ كموجةِ أجراسِ الإنذارِ</h4> <h4>خضّتْ عَصباً ينتأُ لا يرعى عَهْدا</h4> <h4>لا يحفظُ للشاهدِ وُدّا</h4> <h4>غَرِقتْ أحواضُ سفينِ المرسى</h4> <h4>وتآكلَ زنجيلُ المرساةِ ونادى فوق الصاري رَبّانُ</h4> <h4>هذا موئِلُ من فارقَ أحبابا</h4> <h4>وتسلّقَ عامودَ الضيقِ يُبعثرُ أوراقا</h4> <h4>يتنفسُّ من سَرَفِ الجمرةِ في عينِ الذيبِ</h4> <h4>تهوى عيني</h4> <h4>تتباطأُ ضَرباتُ الأوتارِ بصدرِ الشوقِ الضاري</h4> <h4>قَدَري هذا</h4> <h4>شأنُ الراكبِ أسواطَ نقيقِ الرَعْدِ</h4> <h4>عَلُّقتُ تباشيرَ الإصباحِ على حرفِ شرابِ الأقداحِ</h4> <h4>أنْ أنهجَ دربَ صحيحِ الأفراحِ</h4> <h4>الصبرُ المرُّ سمومُ الصوتِ الصدّاحِ ...</h4> <h4>الضوءُ مُضِرٌّ جِدّاً</h4> <h4>يتراكمُ جيلاً جيلا</h4> <h4>يتخفّى ما بينَ شقوقِ الجدرانِ</h4> <h4>ويُنيرُ مداخلَ أجوافِ الإنسانِ</h4> <h4>لا ضَجّةَ لا هزةَ سفحٍ مكشوفٍ</h4> <h4>لا علّةَ فوقَ المعلولِ</h4> <h4>لا مأربَ مأمولا</h4> <h4>الضوءُ الساقطُ ينتحلُ الأعذارا</h4> <h4>يستقطبُ رُهبانَ خفافيشِ الليلِ</h4> <h4>لا يسقطُ عفوَ الخاطرِ يستجدي عَطْفَ الظلِّ</h4> <h4>هئّْ للضوءِ الساقطِ نِبْراسا</h4> <h4>جَهّزْ للرحلةِ أبواقا</h4> <h4>وسُرادِقَ للماشي خوفَ الإملاقِ .</h4>