عراق… أنت الذي، لا ينضب أرثك الثقافي ولن يجف حبر مبدعيك
عصام الياسري
يتضمن أدب بلاد ما بين النهرين القديمة عددا من النصوص المكتوبة بخط مسماري، معظمها مكتوب على ألواح طينية تم التنقيب عنها في مواقع بلاد ما بين النهرين من قبل علماء الآثار من القرن التاسع عشر، وقد تمت كتابتها باللغتين الرئيسيتين لتلك الحضارة، السومرية والأكادية.
وكانت تلك النصوص ذات طبيعة إدارية أو فنية، ويعود تاريخ أقدم النصوص الروائية المعروفة إلى حوالي 3300 قبل الميلاد. وتطور عدد من الأنواع الأدبية من هذه الفترة التي استمرت حتى اختفاء الكتابة المسمارية في بداية عصرنا. لتشمل الأنواع المختلفة، وبعضها خاص بالثقافة، الأسطورة والملحمة، والترنيمة والأغنية، والتاريخي ونص الحكمة. وكما أصبحت النصوص الفنية غير السردية التي كانت مستخدمة في التعلم، مكونا رئيسيا لعلماء بلاد ما بين النهرين. فإن تلك النصوص الأدبية السردية، الشعرية والحوارية، قد أسهمت إلى حدٍ كبير في إنتشار المنتوج الأدبي المعاصر وإتساعة في بلاد الرافدين.
في الثالث من حزيران وصلت إلى أسرة تحرير الصحيفة “صوت الصعاليك” رسالة مذيلة باسم السيدة “إشبيليا الجبوري” جاء فيها: الفاضل رئيس تحرير صحيفة صعاليك تحية طيبة… حصلت على عنوانكم الإلكتروني من إصداركم الأخير، والمنشور على موقع، وعليه أرفق مساهمتي الأول، متضمنة (10 قصص قصيرة ذكية متوالية سردية مؤتمنة في ثلاثة فصول) وعلي موقعكم الموقر. أمله تناسب شروط النشر على موقعك، والتي جاءت بعنوان (التشوق يهفو.!) * كذلك سأرسل عنوانكم، بعد سماحك، إلى أخواتي كل من البروفيسور أبو ذر والغزالي ود. أكد أيضا، لمراسلتكم بنتاجاتهم الأدبية./ مع التقدير
أثارت رسالة الأستاذة إشبيليا اهتمامي البالغ نتيجة طريقة وأسلوب خطابها الذي قل في أوساطنا العربية نظيره… فكتبت لها في ذات اللحظة التالي: الأستاذة إشبيليا الجبوري المحترمة… تحية طيبة وشكرا لرسالتك الموقرة وأيضا المشاركة بهذا النص الرائع والجميل في مضمونه وبأسلوبه الفريد، الذي يبدو لي وكأنه عمل تجريبي مثير للغاية.. عندما قرأت رسالتك قبل أن أفتح المرفق، قلت لنفسي: عشر قصص بثلاثة فصول، يقتضي رصد على مدى 10 إصدارات من الصحيفة مكانا لها… وليكون! رائع… مادة غنية ودسمة بالتأكيد… إذن عليك أن تفتح الملف وترى… كانت مفاجئة إبداعية رحبة يا سيدتي، فشكرا لَك… نأمل تواصلك معنا بما يجود به قلمك من إبداع أدبي… مع فائق التمنيات
تتالت الرسائل والخطابات… القصائد والأشعار… وأصبحت لديّ حجج مقنعة للتحدث عن الأدب في حالة بعض الإنتاج الأدبي لـ “فرائد” من بلاد ما بين النهرين في زمن جف فيه العقل واعتلى الجهل منافذ الحكمة ليسجل ظلامية جديدة في عصر حديث.
في الخامس من حزيران وصلت رسالة مذيلة باسم “أكد الجبوري” جاء فيها: تحية طيبة. وبعد، أرسلت لي أختي الكبيرة (إشبيليا) عنوانكم، ما شجعني، أن أرسل مساهمتي الأولى، بوسم (القنطرة منخفضة! هايكو النينيو ). مع خالص الاحترام… ثم تبعتها في السادس من حزيران رسالة جديدة: تحية طيبة. وبعد، ارفق لحضراتكم مشاركتي هذه المرة ترجمة نص عن الفرنسية يعود لأخي الأكبر (الغزالي الجبوري) بعنوان “آخر المطاف.!”. ومن ثم وردت رسالة ثانية تتضمن: ارفق لحضراتكم مشاركتي هذه المرة ترجمة نص عن الألمانية لأخي الأكبر برفيسور (أبو ذر الجبوري) بعنوان “تحت جدارية رخام.!”. وأخرى ترجمة عن الألمانية نص لأختي الأكبر (شعوب الجبوري) بعنوان “في سعي أنكيدو.!”. ومن باب المرح كتبت لها: قصيدة جميلة يا أكد… شكرا لك ولشقيقتك… لكنك نسيت الصورة. فيما أنكيدو، لم ينس رسم صورة الخلود.
تصاعد شغفي واهتمامي مستواه، ليس من باب الفضول، إنما لما أثارته هذه المشاركات الإبداعية القيمة والمثيرة… لخمسة أفراد من عائلة واحدة من الجنسين، ذكوري ونسوي، وبأعمار مختلفة، من تفكير ومراجعات تاريخية. فقلت لنفسي: ما شاء الله، عائلة كلها، مبدعون، وأيما مبدعين. وذهبت إلى أبعد من ذلك فكتبت ل “أكد” التالي: لا اعرف يا أكد، أية وسيلة ستمهد لي سبيل المعرفة!! أنها المفاجئة تلو الأخرى… قصائد، أسماء، أماكن وأزمنة تحيّر. أبو ذر يفترض أن يكون مذكرا، فيما أنك تأنيثه… هل من شرح مضاف للإجابة على سؤال فضولي: أين يتواجد أفراد العائلة؟ أنت كما فهمت موجودة في طوكيو، والبقية؟. وكمْ من لغات تتكلمين… الأجدر، أقول، تتكلمون؟… طبعا أنا أتشرف بهذه المواهب العراقية ويسرني نشر جميع القصائد في العدد القادم، ولربما هناك مفاجآت… لا أعلم!! مع بالغ التمنيات.
في السابع من حزيران وصلتني رسالة من أكد؟. لا أعرف بماذا أصفها.. الأستاذة أم الكاتبة أم الشاعرة! أم المترجمة!…انها لورطة غير منتظرة جاء فيها: الفاضل عصام الياسري المحترم/ تحية طيبة. وبعد، إجابة،،
نعم، بالتأكيد أخي أبو ذر، يكتب بالمذكر ليس (أختي)، إلا أن السهو في الطباعة. لا غير. متأسفة.
جميعنا من مواليد بريطانيا، ولدنا وترعرعنا ودرسنا وعملنا في بريطانيا من أب عراقي الجنسية وأم بريطانية/ إنكليزية (رحمهما الله). اللغة الأم إنكليزية والثانية عربية.
أما بخصوص اللغات الأخرى: أنا حال إخوتي يتكلمون ويكتبون ويقرءون لغات متعددة بطلاقة ك (الفرنسية، الألمانية، والأسبانية والإيطالية، واليابانية) وبالنسبة لي أقل مستوى بالنسبة للغة الصينية والروسية (لكنني مواظبة على ضبطهما أكثر).
بالنسبة للأعمال فنحن نعمل حول العالم، وبحسب تخصاصاتنا العلمية، وبمراكز أبحاث وجامعات ومراكز الاستشارات بهيئات ومؤسسات دولية (أوربية وعبر البحار).
شكرا للسؤال، وإن كان لديكم أي استفسار، يرجى التفضل به، لي مباشرة، أو بواسطة أختي الأكبر إشبيليا، لأن هي المشرفة عني، مباشرة، وفق الهيكل التنظيمي العائلي، وكل منا بحسب التسلسل الهرمي، تتوزع المسؤولية الاجتماعية والإشراف، حتى أختنا الأكبر شعوب لكل أفراد الأسرة. مع خالص الاحترام/ أكد
على ما يبدو، أن الأدب في بلاد الرافدين لا زال حيويا ويشكل مظهرا من مظاهر التقليد الذي تطور تدريجيا وأصبح أكثر انتشارا، ليس في بيئة أدبية محددة، أو زمان محدد، إنما حيث تستمر التقاليد الأدبية التي يعود تاريخها إلى أزمنة بعيدة جدا. إذ كان لهذا الإنتاج الأدبي الذي نشأ في العصور القديمة وكانت بلاد النهرين أول من كتب الأساطير حول نشأة الكون، وخلق الإنسان، أو الطوفان، وملحمة جلجامش، أكثر الحالات نموذجية. تأثير مهم للغاية على رسم الخريطة الثقافية وبالأخص أدب الشعر والرواية واتساع حجم روادها في بلاد ما بين النهرين حتى هذا العصر.