سوادُ الصندوق
عدنان الظاهر
[[ الرحمةُ لوالدتي ]]
لا أتكلّمُ بالصوتِ العالي
خَشيةَ أنْ أوقظَ تحتَ الصخرةِ مَن ناموا قبلي
مَلكوتُ الغيبةِ مأوى سلواهمْ
أتردّدُ لا أَنبسُ أكبو
أنصبُ أوتارَ الحَسرةِ في البيتِ الخالي من أهلي
أُوقدُ مِصباحَ الضوءِ العالي
أطردُ ذؤبانَ طلوعِ الفجرِ
لا فجوةَ بين الشمعِ ومجرى الدمعِ
لا نزعةَ لا فرحةَ أُنسٍ فيها
يهواها ثَمِلٌ لا يفقهُ مغزاها
أتملّى فصلَ الوصلِ ومُعتلِّ الوصفِ
أوقدُ نفسي قنديلا
أُقسِمُ بالعُزّى واللاتِ
أني صلصالٌ مفخورُ
أنفخُ في مزمارِ السحرِ طويلا
تنقلبُ الدُنيا في ثُقبِ المزمارِ سعيرا
أتفتّتُ أحجاراً صُمّا
وأعدّدُ أسفاري سِفْراً في سطرِ
لأعودَ كما شاءَ الظلُّ الماشي نحوي
أتكوّمُ عنقوداً عُنقودا
وأُديرُ الطْرفَ الساهي تمثالا
أحزنُ لا أكشفُ للواشي سرّا
وأفكُّ القيدَ المُشتدَّ وأصرخُ : يا أُمّي !
هل كنتُ هُناكَ قريرَ العينِ
أمْ كنتُ الراكبَ وسواسا
والصوتُ الغضُّ سريعُ العدوى ؟
سافرْ واعبرْ حدَّ الفُوضى
الرِحلةُ مِنطادُ الأشواقِ العُليا
صوتُكَ يسألُ مَنْ ألقى في البئرِ حِجارةَ سِجّيلِ ؟
أزعمُ أنَّ الحتفَ تحرّفَ ألقى
من أعلى الشُرفةِ منديلا
هل هذا تأويلُ الرؤيا
كلاّ …. هذا إعصارُ اللولبِ مُلتفّا
بعدَ الموتِ وقد عانتْ بعد اللقيا ما عانى
لا يرضى أنْ يبقى نجماً يدّلى دمعا
والغائبُ ما غابَ ليبقى كأساً صِرْفا
عينوني ضاقت أنفاسي صدْرا
طفّوا شمعاتِ القادمِ ليلا
ذهبتْ مَنْ قالتْ ما قالتْ
غابتْ تحملُ سِرّا
ساحتْ في لُجِّ البحرِ الطامي
تتمرّدُ كالضاربِ عيناً بالأخرى
لا أطلبُ رحمةَ مملكةِ الجنِّ
أقصدُ ممشاها فوقَ السورِ المستورِ
ومُحالٌ ألقاها
فالجمرُ بِساطُ خطاها
والدربُ المُرُّ رمادُ
لا أتركُ أمري للجنِّ وطغيانِ الظنِّ
أمري صُندوقٌ أسودُ مقفولُ
سرٌّ مُستعصٍ والقولُ قليلُ
فيهِ الآمرُ والناهي سيّانِ
والحُرٌّ الحُرُّ جبانُ
ويمامُ بريدِ القفصِ السرّي
ما راحَ ولا ردَّ جوابا
يا لعذابِ حِسابِ عظامِ الصدرِ
لاحقَ بيتاَ بيتاً حرَّ الجمرِ
دلّوني هل مِنْ حلِّ ؟
راحت … ألقتني حجراً في بئرِ …
أتأقلمُ لا أمنعُ أكتافي من حملي
الجوُ الخانقُ أشباحٌ تمشي في ظلّي
تجترُّ حديثَ الكاهلِ للكهلِ
توقدُ شمعاتِ حِدادِ الدمعِ على أهلي
يا مَنْ أدميتَ وعالجتَ جفونَ الراحلِ بالرملِ
لا تسألْ هل للأزمةِ من حلِّ
الأزمةُ لا ترفعُ من شأني مِثقالا
لا تُحصي أيامي
تركتني أتصيّدُ سهواً ما يأتي
سنةً بعد الأخرى
( يا حاديَ ) أعراسِ العيسِ الظمأى
هل مِنْ حفنةِ ماءٍ من أجَلي ؟