خاطرة من المانيا
حوالي 30 % من مجموع الشعب العراقي يعيش تحت خط الفقر…
فمتى تحصل ثورة التغيير الجذري …؟
د. غالب العاني…
اذا ما علمنا بان خط الفقر الدولي مُحدّد بمبلغ قدره 1.90 دولار للشخص الواحد في اليوم، وذلك باستخدام عوامل تحويل تعادل القوة الشرائية لعام 2011. وتراجع مستوى الفقر العالمي في عام 2015 إلى 10% من سكان العالم، حيث يعيش حوالي 736 مليون شخص على مستوى العالم تحت هذا الخط (استناداً إلى أحدث البيانات المتاحة)..
وانخفض معدل الفقر المدقع في العالم من 10.1% في عام 2015 إلى 9.2% في عام 2017. ويعادل ذلك نحو 689 مليون شخص يعيشون على أقل من 1.90 دولارٍ للفرد في العالم..
فالفقر يعتبر من أكبر المشكلات الاقتصادية والاجتماعية في العالم، إن لم يكن أكبرها على الاطلاق وأكثرها إيلاماً للعقل والضمير الانساني، وأخطرها تأثيراً على الأخلاق والسلوك، وتحطيماً للكرامات والنفوس.. حتى إنه قد نسب لعلي بن أبي طالب
قوله: “لو كان الفقر رجلاً لقتلته…”..
فالفقر يولد الجهل والمرض والجريمة .
ففي عام 2021 دونت وكالة شفق نيوز ان “العراق احتل المرتبة الـ 80 من اصل 194 دولة مدرجة بالجدول من حيث نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي متقدما 30 مركزا نحو الفقر بالمقارنة مع العام 2020 الذي كان يحتل فيه المركز 110”.
فالعراق يحتل الان المرتبة الـ ٨٠ عالميا والسابعة عربيا، بالرغم من اعتبار العراق من اغنى دول العالم الخمسة عشر.. ويعود ذلك لعوامل عديدة في مقدمتها التبعية الاستعمارية وخاصة لدولة الجوار وتسلط الطائفية السياسية حاضنة الفساد المالي والاداري المستشري والارهاب والسلاح المنفلت والمال السياسي والمليشيات الولائية والجريمة المنظمة … وووالخ..
وان مقولة الفقر لا يصنع ثورة وانما وعي الفقر هو الذي يصنع الثورة، ماتزال فاعلة ، اذ ان في مقدمة مهام الحكام الطغاة هي ان يجعلوا ويبقوا الشعوب فقيرة ووعيها متدنيا و غائبا كي تستطيع السيطرة عليها والتحكم بمصيرها فترات اطول.. ففي عام ٢٠١٩ تصدت انتفاضة تشرين المجيدة التي تمثل وتعكس صرخة الضمير العراقي الحي الواعي ضد الفقر والجوع والبطالة وانتهاك مباديء حقوق الانسان السماوية والوضعية وضد التبعية والبطالة وانعدام الخدمات الضرورية الحياتية….
فقد قامت ، وماتزال، تعبر عن مطالب ورغبات الغالبية العظمى من مجموع الشعب العراقي في التحرر والتنمية والحياة الحرة الكريمة… والهادفة لبناء دولة المواطنة المتساوية، الدولة الوطنية الديمقراطية المدنية المستقلة…
لقد قاد الاحساس بالجوع والحرمان والفقر المدقع وتفشي العمالة والتبعية للاجنبي الى تفجير الثورة التشرينية الرائدة، رافعة ومجسدة الشعور بالهوية العراقية الوطنية صارخين:
نريد وطن….
نازل اخذ حقي…
علما بان الاسباب والظروف الحياتية البائسة الحالية في عموم العراق ماتزال قائمة ، بل زادت تفاقما وسوء، كما ان الانسداد السياسي الحالي المخيم على العملية السياسية الفاشلة اساسا، والصراعات المصلحية اللصوصية التي تنخرها وتدفع بعيدا عن التفكير بما يعانيه عامة الشعب العراقي المنكوب…اضافة الى التدخل السافر من قبل اعداء العراق لتغيير منظومة القيّم الاخلاقية والتضامية للمجتمع العراقي وابقاءه متخلفا،
مع بقاء الاوضاع المتردية والبائسة على حالها السيء، فلا استغرب البته بقيام انتفاضة شعبية واسعة مدفوعة برياح تشرينية متجددة، وتكوين حكومة انقاذ وطني عابرة للطائفية السياسية والتدخلات الاقليمية والدولية وتاثيراتها، قادرة على تحرير العراق وتوفير الخدمات والمتطلبات الحياتية ووضع الاسس الحقيقية لبناء دولة المواطنة المتساوية، دولة العدالة الاجتماعية وحقوق الانسان….