وقاحة السفير الأيراني في بغداد وخيانة شيعية للعراق
زكي رضا
من المفروض أنتخاب عنوان غير العنوان اعلاه للمقالة هذه، أو على الأقل أستبدال كلمة شيعية بكلمة أخرى. كأن نقول أحزاب أو منظمات أو مؤسسات دينية أو مراجع دينية أو حشد، لكننا بالنهاية سنضع كلمة شيعي خلفها ، وهذه حقيقة لا نستطيع نكرانها مطلقا. سيقول البعض أنّ ( خيانة شيعية) تعني بالأضافة الى ما ذكرناه أعلاه الجمهور الشيعي!! وهنا يكون هذا البعض قد أرتكب خطأ فادح، فالجمهور الشيعي بغالبيته وليس بأجمعه طبعا هو كما باقي جماهير شعبنا، يعاني من الجوع والفقر وأنعدام الخدمات والأمان والفساد وغيرها، الّا أنّه لا يعرف طريق الخيانة. فهذا الجمهور بعيد عن مراكز أتخاذ القرار، وقد خرج في أنتفاضته يريد أستعادة وطن أصبح وليمة لجهات عدّة. والجمهور الشيعي وهذه حقيقة معروفة للجميع، رفع رايات التغيير في أنتفاضته التشرينية المجيدة لوحده، بعد أن كان الصمت يخيّم وقتها على الجماهير الأخرى التي تدفع كما الجمهور الشيعي أثمان باهضة نتيجة نظام المحاصصة الطائفية القومية. قد يبدو هذا الحكم قاسيا كثيرا، لكنّه حقيقي وأقرب الى الواقع، ليس لأنّ الجماهير غير الشيعية لم تساهم في الأنتفاضة، بل كون هذه الجماهير تعرف جيدا أنّ الساسة الشيعة وهم من يخونون العراق علنا كما ساسة المحاصصة الآخرون، كانوا سيجّيرون ومن ورائهم أيران مشاركة المحافظات الغربية والشمالية على أنّها مشاركة بعثية. وبالحقيقة فأنّ الساسة الشيعة لم يكونوا بحاجة الى هذا الأمر ليقوموا بقتل المئات من المنتفضات والمنتفضين، وهذا ما لمسناه من خلال تعامل ميليشياتهم التي كانت تدار من غرفة عمليات أيرانية مع الأنتفاضة والقسوة المفرطة في قمعها.
بعد فشل جميع الحكومات التوافقية في بناء نظام سياسي عقلاني يأخذ مصالح شعبنا ووطننا كهدف يجب الوصول اليه لأنقاذ ما يمكن أنقاذه، فأنّ تشكيل حكومة أغلبية سياسية هو الضمان الوحيد لفرملة بعض الجرائم التي أرتكبها نظام المحاصصة بجميع أقطابه، نقول بعض جرائمه كون جرائم نظام المحاصصة وأحزابه لا يمكن حصرها ولا حلّها حتى بحكومة أغلبية سياسية من القوى التي كانت جزء من نظام فاسد وقاتل، لكنّها بالتأكيد تعتبر خطوة أولى لهدم نظام المحاصصة الطائفية القومية، أن صدقت نوايا من يتصدى لهذا الأمر.
ككل مسعى لتشكيل حكومة بالعراق وبعد كل أنتخابات، يصطدم تشكيل هذه الحكومات باللاءات الحزبية والفئوية. وهذه اللاءات لا تأخذ مصالح شعبنا ولا حتى ناخبي تلك الأحزاب بنظر الأعتبار. فالناخب العراقي ومنذ أوّل أنتخابات، تعامل ويتعامل معها بسذاجة غريبة. فعلى الرغم من عدم وفاء أي حزب سياسي من أحزاب السلطة لشعارته وبرامجه هذا أن كان لديها برامج أصلا، نرى الناخبين يصوّتون لأحزابهم الطائفية والقومية، ليكتشفوا بعدها وكما كلّ مرّة من أنّ هذه الأحزاب مستمرة في سرقتهم وحرمانهم من حياة تليق بالبشر. هذا الأمر أي تشكيل الحكومة بهذه الصورة والأصرار عليها من قبل حيتان الفساد، لا تُفسّر الا كونها وقاحة ما بعدها وقاحة، كون تشكيل الحكومة وفق السياقات القانونية وسقوفها الزمنية وموادّها الدستورية، هي ملزمة للمتصدين للشأن السياسي، هذا أذا أعتبرنا أركان المحاصصة أحزاب سياسية وليس عصابات مافيوية، وأجزم من خلال تجربة ما بعد الأحتلال السياسية لليوم من أنهم أقرب الى المافيات من أي وصف آخر.
الحقيقة المرّة التي علينا التعاطي معها في بلادنا اليوم هي أنّ السفير الأيراني بالعراق السيد أيرج مسجدي، هو بمثابة المندوب السامي البريطاني الذي حكم العراق بدايات تشكيل الدولة العراقية أي السيد بيرسي كوكس، وموظفّي سفارة بلاده هم المستشارين للوزراء والحكومة العراقية. فهذا السفير يتدخل وأمام مرأى ومسمع جماهير شعبنا والعالم، في تشكيل حكومة العراق الذي يبدو أن لا سيادة له بنظره، وأعتقد من أنّه محق في هذا الأمر لحدود بعيدة. كونه يعرف جيدا مع أي شكل من أشكال الساسة يتعامل، ويعرف جيدا أنّ ما يقوله هو أمر سيأخذ به ساسة العراق عاجلا أم آجلا، ليس لوقاحته وهو يهين نظام سياسي يقول الدستور من أنّه نظام ديموقراطي حين يقول أنّ ” الدعوات للأغلبية الوطنية محل تقدير لكنّها لن تكون ناجحة الا في البلدان المؤسساتية والديموقراطية، لا اقول لا توجد ديموقراطية في العراق الا أنّ الوقت لم يحن بعد لحكومة الأغلبية في العراق، لذا أرى أنّ التوافق هو الحل”، ليضيف قائلا أنّ ” التجارب من عام 2003 حتى الآن تقول أنّ التوافق هو المسهّل للوصول الى التعاون ، لأن الجميع يشعرون بالمشاركة ونحن نرى أنّ التوافق هو الأنسب وما أقوله أقتراح وليس تدخلا”!! نقول ليس لوقاحته وهو يصرّح بهكذا تصريحات، بل لخيانة الساسة العراقيين وأنبطاحهم أمامه وأمام بلاده، وفي مقدمة هؤلاء الساسة هم الساسة الشيعة وزعماء العصابات الشيعية المهيئة دوما لأغراق الشوارع بالدماء بأشارة واحد من السيد السفير أو أي معمّم أو سياسي أيراني في أيران، حتى وأن كان مدير ناحية في منطقة نائية فيها. كون الخيانة والذل والشعور بالنقص هي السمة الحقيقية للقيادات الشيعية العراقية أمام الأيرانيين
أنّ عدم ردّ ” ساسة” العراق على تصريحات السفير الأيراني وتدخله بالشؤون الداخلية لـ “بلادهم”، وعدم دعوته الى وزارة الخارجية لتسليمه بيان أستنكار على ما جاء في تصريحاته، لا تفسّر الى بخيانة هؤلاء ” الساسة” للعراق أرضا وشعبا..
السيدات والسادة المتحاصصون: لافرق بين خيانة الضمير وخيانة الوطن، وأنتم بارعون في الحالتين.