على حافة الرصيف 15 ابريل 2022
عصام الياسري
في 9 نيسان / ابريل 2003 اقدمت الولايات المتحدة الامريكية بالاتفاق مع المملكة المتحدة “بريطانيا” على تشكيل تحالف دولي ضم اكثر من 70 دولة منها دول عربية لغزو العراق واحتلاله وكان للبلدان التالية دور مشارك بشكل مباشر من خلال توفير الجيوش والمعدات وتقديم الدعم اللوجستي والاستخباراتي وفرق الاستجابة الكيميائية والبيولوجية، اضافة للدعم السياسي: استراليا، بلغاريا، لاتفيا، التشيك، الدنمارك، هنغاريا، ايطاليا، اليابان، لتوانيا، هولندا، الفلبين، بولندا، البرتغال ورومانيا وسلوفاكيا واسبانيا وتركيا واوكرانيا. وكانت قوى عراقية معارضة “مجموعة مؤتمر لندن” وما تلاه، تنسق مع وكالة الاستخبارات الامريكية بهذا الشأن وكان لها حضور لوجيستي فعال “تزويد الحلفاء بالمعلومات واعمال الترجمة والنشر والارشاد” خلال عمليات الغزو ومن بعده. فيما بارك بعض المحسوبين على المعارضة واصحاب الرأي والفكر والمعتقد، مثقفون وإعلاميون، يساريون وديمقراطيون وليبراليون، الغزو، واعتبروه “تحريرا”. الانكى ان بعضهم ذهب لسفارات الولايات المتحدة مع باقات ورد ليقدم التهاني والتبريكات، ومن ردد علنا بان جزمة جندي امريكي أشرف من مليون عراقي. بهذا المستوى من الصفاقة الذهنية والعقلية والرذالة الاخلاقية هرول الكثيرون للسفارات العراقية لاعلان جهوزيتهم لتقديم الخدمات للمؤسسات الاستخبارية الامريكية في العراق مقابل حفنة دولارات.
إن حكومتا الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا اللتان انتهكتا القانون والشرعية الدولية بشنهما الحرب على العراق واحتلاله تحت ذرائع واهية، اخطرها كان أكذوبة وجود سلاح دمار شامل، قد مارستا العديد من المزاعم والأكاذيب على العراقيين، بحجة تحقيق الديمقراطية والعدالة الإنسانية في العراق، بنفس الطريقة التي شرع فيها كل من بوش وبلير الحرب وارجاع العراق الى القرون الوسطى وساحة لتصفيات الحسابات، جاعلين البلد “مفرخة” لامراض مزمنة منها السرطان، بسبب بقايا سلاح دمار استعملوه في حربهم لتحريرالعراق.
اليوم والعراق يدخل العام التاسع عشر لغزوه، والشعب العراقي لازال يعاني من الحيف والويلات والمجاعة والبطالة وافتقار أبسط مقومات الحياة، ومن شتّى أنواع الظلم والتمييز الطائفي والدمار المنظّم وعلى جميع المستويات، بدءاً بالمحاصصة الطائفية والفئوية وانعدام الخدمات والبطالة، وانتهاءً بنهب ممتلكات الدولة وقوت الشعب والفساد المالي والإداري. ناهيك عن تعرض المواطنون لأساليب الارهاب والاعتداءات والخطف وعمليات المداهمة والتفتيش التي تقوم بها ميليشيات الاحزاب المنظمة وقوات الشرطة ورجال الأمن. وبالاضافة إلى حرمان المجتمع من تقرير مصيره وبناء مستقبله السياسي والاجتماعي والاقتصادي بنفسه، فأنه يعاني من فقدان الأمن والاستقرار وعدم توفر الماء الصحي والغذاء والدواء والكهرباء.
وبات الوطن مهدداً بالتقسيم والتهميش والفقر الاجتماعي، فيما تهيمن الزمر الحاكمة على مقدرات الشعب وثرواته، حتى زادت أموالها الشخصية، ففتح ممثلو السلطة العراقية حسابات مصرفية في الداخل والخارج وبمبالغ طائلة مسروقة كلّها من أموال الشعب العراقي. كما أنهم استولوا على ممتلكات الدولة والشعب، وسجلوها بأسمائهم وأسماء ذويهم. وتوقف إعمار البلاد وأصيب النشاط الاقتصادي والزراعي بالشلل التام، واتسع حجم البطالة، وشاع القتل الطائفي والعنف الاسري وتفاقم عمليات الانتحار والادمان على المخدرات. وانتشرت ظاهرة اغتيال العلماء وأصحاب الرأي والكفاءات، ودمّرت الثقافة العراقية تماماً، وصارت عصابات السلطة الحاكمة تتاجر حتى بالآثار. ويتعرض المطالبين بحقوقهم الطبيعية المشروعة التي تكفلها الشرائع والقوانين، في أكثر من مكان وموقع إلى “عنف الدولة” الذي تمارسه قوات الشرطة ومليشيات أحزاب السلطة الحاكمة وبكل اساليب القمع والارهاب دون احتراز أو مراجعة. كما يتعرض المتظاهرون في كاقة محافظات العراق بغض النظر عن أجناسهم وأعمارهم، باسم الديمقراطية والحرية الزائفة!، إلى مضايقات متعددة الأشكال تجاوزت انتهاك القيم الإنسانية والأخلاقية والعدالة، فيما المحررين من قمع نظام ديكتاتوري، اصبحوا قامعين للإنسان في العلن .