الأطار التنسيقي الشيعي وقصف أربيل … بيان منحاز لأيران
زكي رضا
لا نريد في هذه المقالة تناول موقف الأطار الشيعي من العملية السياسية، والتي كان أحد أهم أقطابها وهو حزب الدعوة الأسلامية ودولة ما تسمّى بالقانون يشكلّان العمود الفقري للدولة العراقية وهم على رأسها لثلاث دورات متتالية بشكل مباشر، ويؤثران على قراراتها ” الوطنية” بشكل غير مباشر من خلال تواجدهم في البيت الشيعي، كون العملية السياسية والبلاد بشكل عام وصلت في عهدهم الفاسد ولليوم الى الحضيض. الا اننا سنتناول موقف الأطار بكل أطيافه السياسية والميليشياوية من القصف الأيراني الأخير لمدينة أربيل، من خلال البيان الذي أصدره الأطار. على أن نأخذ التفسير اللغوي لبعض المصطلحات التي وردت في البيان، خصوصا وأنّ هناك نسبة كبيرة من المعمّمين ضمن تشكيلات هذا الأطار، وهم يجيدون اللغة العربية بشكل أفضل من غيرهم كونهم يدرسون أصول اللغة والنحو في المراحل الأولى لدراساتهم الحوزوية.
لقد جاء في البيان الذي أصدره الأطار الشيعي تعرّض ” مدينة أربيل الى قصف صاروخي أستهدف احد الأماكن التي تضاربت الروايات حول حقيقتها” مضيفا ” خلص المجتمعون الى ضرورة تقديم الأيضاحات على وجه السرعة من قبل المسؤولين المعنيين وتشكيل لجان تحقيقية برلمانية وحكومية لبيان الحقيقة و(لمنع) استخدام الأرض العراقية للأعتداء على دول الجوار و(عدم السماح) لأي طرف بخرق السيادة العراقية من خلال رفع الذرائع وغلق جميع منافذ التدخلات الخارجية بالشأن الداخلي العراقي “.
المنع وعدم السماح لهما تقريبا نفس المعنى لغويا، الّا أنّ المنع هو الأشّد في حالة التحريم أو عدم السماح أو حتى النهي، لذا نرى أن الله منع الخمر من خلال تحريمه، إذ قال في سورة البقرة “( إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ ). وهذا يعني أنّ التحريم وهو المنع هنا جاء بصيغة الأمر، والّا لكان يستطيع القول بعدم السماح بدل التحريم وهو المنع ايضا. وهنا يكون البيان بصياغته اللغوية علاوة على السياسية يكيل بأكثر من مكيال وهو يدين قصف مدينة أربيل. فالبيان يضع منع أستخدام الأراضي العراقية للأعتداء على دول الجوار، وهو يعني أيران تحديدا وليس غيرها في مقدمته، ويضع قصف أربيل وهي مدينة عراقية في مؤخرة البيان!! مع العلم أنّ الوية ( الوعد الحق) وهي ميليشيا شيعية قد أستهدفت سابقا منشآت حيوية في ابو ظبي بدولة الأمارات العربية المتحدة بطائرات مسيّرة، دون أن يكون للأطار الشيعي موقفا كما موقفها اليوم من القصف الأيراني على أربيل، فهل السماح بأستخدام الأجواء العراقية على عكس الأراضي العراقية لمهاجمة دول أقليمية مسموح به وفق البيان!!؟
ولم يبتعد البيان كما عادة الاحزاب الشيعية للتنديد بأعدام العشرات في العربية السعودية، لكنّه كأطار طائفي لفت في بيانه الى أنّ ” المجتمعين استنكروا جريمة أعدام أكثر من أربعين مواطنا من شيعة القطيف في السعودية مؤكدين أدانتهم هذه الجريمة المخالفة لمباديء الديانات والقوانين والمواثيق الدولية لحقوق الأنسان”!! وهنا من حقّنا أن نسأل قادة الأطار ونحن ندين الأعدامات ليس في السعودية وحدها بل في أيران وغيرها من البلدان، أن كان قتل المئات من المتظاهرين التشرينيين وجرح الآلاف منهم هو من صلب المباديء الدينية والقوانين والمواثيق الدولية!؟ وهل الأغتيالات المنظمة للناشطين العراقيين المطالبين بأصلاح العملية السياسية الفاسدة التي تقودها البيوتات المتحاصصة، وهي أغتيالات تقوم بها ميليشيات شيعية تحديدا، لها علاقة بالدين والقوانين!!؟
وتابع البيان ” أننا في الوقت الذي ندعو فيه المنظمات الحقوقية الدولية الى اخذ دورها الحقيقي وألتزام جانب الحياد وعدم الإنجرار خلف سياسات المصالح الضيقة وتوجيهات الأنظمة الحاكمة، نؤكد ضرورة محاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة وضمان عدم تكرارها”. ومن خلال علاقة القوى الشيعية بأيران، وأصطفاف أربيل الى جانب الصدر والحلبوسي لتشكيل حكومة أغلبية سياسية مثلما يقال، وموقف أيران والأطار الشيعي من هكذا مشروع الذي يشكل خطرا على مصالحهما، فأنّ البيان هو رسالة مبطنة لحكومة كوردستان، واتهامها بالمسؤولية عن قصف أيران لمدينة أربيل..!!