فترة حكم الأسلاميين على وشك النهاية
حيدر الصراف
بعد انحسار المد القومي و فشل مشروعه في تلبية طموحات الجماهير العربية في التنمية الأقتصادية و الأصلاح السياسي و الأجتماعي و كذلك تطلعات تلك الجماهير في تحقيق الشعارات التي رفعتها الطغم العسكرية القومية في تحرير (فلسطين) و أقامة الدولة المستقلة و كان الفشل الذريع الذي منيت به تلك الأنظمة القومية القمعية و لم تحقق من الشعارات التي رفعتها و تبنتها هي ذاتها شيئآ يذكر فكانت البطالة و انعدام فرص العمل و الأزمات الأقتصادية و الأجتماعية و بدلآ عن تحرير فلسطين استطاعت (اسرائيل) من احتلال المزيد من الأراضي العربية ترافقت تلك الأخفاقات القومية مع أنهيار المنظومة الأشتراكية و تفكك الأتحاد السوفييتي الى مجموعة من الدول المستقلة و انتهاء مرحلة المعسكر الأشتراكي و ما تلاه من هزيمة و انكفاء للأحزاب الشيوعية في العالم و في المنطقة .
امام خلو و فراغ الساحة السياسية من القوى القومية و اليسارية و كذلك القوى الديمقراطية و التي كانت مهمشة و محاربة صار المجال مفتوحآ و ممهدآ امام القوى السياسية الأسلامية و التي دعمت و قويت خصوصآ بعد الثورة الأسلامية في ايران و استطاعت تلك الأحزاب و الحركات الأسلامية بشقيها الشيعي و السني من الأستفادة من الثورة الأيرانية و اطروحاتها العابرة للطائفية في الأستحواذ و الهيمنة على الشارع الجماهيري في الكثير من دول المنطقة و كانت القوى الأسلامية قد طرحت نفسها البديل المنقذ من الأزمات السياسية و الأقتصادية و الأجتماعية التي خلفتها الأنظمة القومية من خلال تبنيها لشعار (الأسلام هو الحل).
لقد استطاعت قوى الأسلام السياسي من السيطرة و الهيمنة على المشهد السياسي في العديد من الدول العربية و الشرق اوسطية و ان كان بشكل متفاوت فأذا ما استثنينا ايران و السعودية ذات الأنظمة الأسلامية ( الراسخة ) فأن سيطرة الأسلام السياسي و من خلال الأحزاب الأسلامية السنية و الشيعية على مقاليد الحكم في العراق كان واضحآ و ان كانت هناك مشاركة من احزاب علمانية لكن السيطرة و السطوة كانت للأحزاب الأسلامية و كذلك كان المشهد السياسي في مصر حين فاز (الأخوان المسلمين) في الأنتخابات العامة و تمكنوا من تشكيل الوزارة و الفوز بأغلبية المقاعد في (مجلس الشعب) و كذلك كانت المشاركة الواسعة للتيار الأسلامي في (تونس) في ادارة الدولة و كان للتيار الأسلامي وجودآ قويآ مؤثرآ في غير تلك البلدان ايضآ .
لم تستطع الأحزاب الأسلامية من ايجاد الأدوات و الحلول للمشاكل الأقتصادية و الأجتماعية و التي تعصف بالبلدان في الشرق الأوسط بسبب فقدان تلك الأحزاب للبرنامج و النظرية العلمية في ادارة المشاكل و الأزمات التي تنخر المجتمعات في المنطقة و اعتمدت فقط على سيرة (السلف الصالح) في الحكم دون ألأخذ بالأعتبار المستجدات و المتغيرات التي حدثت و ان كان بشكل بسيط انطلاقآ من المقولة ان احكام (القرآن) تصلح لكل زمان و مكان لذلك لم تستطع هذه الأحزاب و الحركات الأسلامية من ان تكون البديل الناجح لا بل ادخلت البلدان التي وقعت تحت هيمنتها الى المزيد من الأشكالات و الأزمات الى حد الحروب الأهلية الطائفية كما حدث و سوف يحدث .
لم تستطع الأحزاب و الحركات الأسلامية و بالأخص تلك التي تمكنت من استحكام القرار السياسي من استيعاب جميع مكونات الشعوب المتنوعة في المنطقة نظرآ لطبيعة تلك الأحزاب و الحركات الدينية الأسلامية البحتة الغير قابلة لأستيعاب الآخر المخالف دينيآ او مذهبيآ لذلك بقيت في قوقعتها الدينية و لم تستطيع ان تمثل مصالح و طموحات ابناء الشعب جميعآ بمختلف انتمائاتهم الدينية و المذهبية و بذلك حكمت على نفسها بالأنعزالية و العنصرية ما ادى بالمجثمع الى حافة الحرب الأهلية حين نادى البعض من تلك الأحزاب بفرض (الجزية) على غير المسلمين من المواطنيين الذين لا يريدون التخلي عن دياناتهم و اعتناق الأسلام .
بعد الأخفاق المريع في ادارة الدول التي استولى عليها الأسلاميون بدأت الجماهير اليائسة من سياسات الأنظمة السابقة بالتخلي عن الأحزاب الأسلامية الحاكمة حينها اسقطت الجماهيرالمنتفظة يساندها الجيش نظام (الأخوان المسلمين) في مصرو هاهي الجماهير المتظاهرة في ساحات الأعتصام في العراق تتهيأ للأجهاز على سلطة الأحزاب الأسلامية و ازاحتها من المشهد السياسي بعد ان اذاقت الشعب العراقي الويلات و الأهوال من الأزمات حين تبؤ السراق و الحرامية و الجهلة و الأميين مناصب الدولة الرفيعة و كذلك كان الحكم الفاشي في ايران يتعرض الى محاولات الأسقاط و الأطاحة به لولا آلة القمع الرهيبة و كان النظام الفاشي في السعودية قد استبق الأحداث بأجراء ترقيعات و تغيرات في بنية النظام المتزمتة و المتخلفة و كذلك يعاني حكم (الأخوان المسلمين) في تركيا من عزلة جماهيرية و نقمة شعبية واسعة و كانت الأطاحة برموز حركة (النهضة) الفرع التونسي للأخوان المسلمين مؤخرآ و ليس آخرآ في سلسلة الأطاحة بأنظمة الحكم الأسلامية .
لقد فقدت الأحزاب الأسلامية مصداقيتها و فقدت شرعيتها و شعبيتها بعد ان عجزت من الأيفاء بتعهداتها في ايجاد الحلول للمشاكل و الأزمات و بقيت تتشدق بالشعارات و الآيات القرآنية و الأحاديث النبوية و لم تقدم للجماهير الفقيرة سوى الأدعية و حسن العاقبة فيما (الدعاة) في تلك الأحزاب و شيوخها كانوا يتنعمون بالترف و رفاهية العيش و كانوا ممن (يشهد) لهم بالسرقات و نهب المال العام و هكذا كانت مرحلة هذه الأحزاب و الحركات و التي هيمنت على اكثر من دولة في الشرق الأوسط و شمال افريقيا من اكثر المراحل تخلفآ و انحطاطآ و فسادآ حتى فاقت تلك الأنظمة القمعية و الأستبدادية القومية التي سبقتها و التي اقامت حكمها و سلطتها على انقاض تلك الأنظمة كما حدث في العراق من احتلال امريكي و اسقاط النظام السابق او من خلال الأنتخابات كما حصل في تركيا او في تلك الأنظمة القديمة الفاشية الجاثمة في السعودية و ايران او من خلال الهبات الجماهيرية الغاضبة كما حدث في مصر و كما فشلت الأنظمة القومية اليسارية هاهو المشروع الأسلامي في الحكم يمنى بهزيمة ساحقة تستحق من قادته تصحيح الكثير من الآراء و المفاهيم الجامدة و المسير مع الحداثة و الدييمقراطية و احترام عقائد و أديان الآخرين و التنازل عن مفهوم ملكية الحقيقة المطلقة و أقصاء المخالفين .