حكاية لوحة فنية…
غسان يونان
مدينة تـريـر Trier: تقع المدينة جنوبي غرب ألمانيا ضمن مقاطعـة “راينـلاند بفالـز” التي عاصمتها مـايـنز “Mainz”.
كما وتقـع تـريـر عند ملتقـى الدول الثلاث: ألمـانيـا، فرنسـا ولوكسـمبورغ في منطقـة خضـؤاء جميلـة,
يبلـغ عـدد سـكانها ما يقـارب المائـة ألف نسـمة ممـا يجعلهـا رابع أكـبر مدينـة في الولايـة، وتصنف تـريـر بأنهـا أقـدم مدينـة فـي ألمـانيـا ويتم اسـتضافة مهرجـان “Brot und Spiele” فيهـا.
ولا ننسـى أيضـاً بأن المدينـة هـي مسـقط رأس الفيلسوف الألمـانـي كارل مـاركـس.
تـاريــخ تأسـيـس المدينـة:
تم تأسيس المدينـة من قبل تربيتـا “Trebeta” مـن آشـور ويقـال أن والـدي تربيتـا هم نيـنوس وهو ملك آشــوري والأم هي زوجـة نيـنوس السابقـة سـميرأميس.
وحسب الأسـطورة المحليـة التي دونت سـنة 1105م. في كتاب “أعمـال الترفريون” (باللاتينية Gesta Treverorum) فقـد بناها تريبيتـا Trebeta الإبن الأكـبر للملك الآشـوري نيـنوس وأمـه الملكة سـميرأميس.
تـزوج الملك الآشـوري نيـنوس من الملكة سـميرأميـس بعـد وفاة زوجتـه الأولـى، وبعـد ممـات الملك نيـنوس حاولت سـميرأميـس بكل الطرق أن تتزوج من تربيتـا، ابن زوجهـا، فرفض تربيتـا ذلك وقرر الهروب إلى خـارج المملكة مع أصحابه وخدمـه.
وكمـا تروى قصص التاريخ أبحـر عبر البحر الأبيض المتوسـط ليبحث عن مكان آمـن، بعـدها قطع أرضـاً قاحلـة وطرقـاً جبليـة وعـرة إلى أن وصل إلى وادٍ محـاط بالهضـاب والجـداول والغابـات.
سـحر بجمـال الطبيعـة هنـاك فقرر أن يبني مدينـة لـه مع رفاقـه على ضفـة نهـر “Mosel” مـوزل أحـد فروع نهـر الـرايـن.
هـذه القصة موجودة ضمن مجموعـة من الوثائق البابوية والقصص ووثائق رؤسـاء الأسـاقفـة للمدينـة،
هـذه المجمـوعـة موجـودة الآن في ثلاث مجـلـدات واسـمهـا باللاتيـني “Gesta Treverorum”. هناك أيضا رسوم فنية نادرة منها لوحـة تـربيتـا، المؤسس لمدينـة منذ 1300 سـنة قبل الميـلاد مع والـده الملك نيـنوس، ملك آشـور، يجلس وسـط عرش ثقيـل.
يحمـل تربيتـا بين يديه وعلى حضنه تمثيلات لمدن كولونيـا، مـايـنز وفـورمـز، علـى فتحـات النوافـذ منـاظر جانبيـة لمدينـتي بازل وسـتراسـبورغ.
فيهـا منـاظر رائعـة تجـذب السـياحـة إليهـا كـ:
كـاتـدرائيـة تـريـر: كنيسـة كاثوليكيـة تعـود للعصر الرومانـي وتعتـبر موطنـاً للكتيبـة المقدسـة…
كنيسـة قسـطنطين: كنيسـة قصـر رومـانـي تم بناؤهـا من قبل الامبراطـور قسـطنطين في بدايـة القرن الرابـع.
كـاتدرائيـة القـديس بطرس: وهي أقـدم كتاتدرائيـة في المديـنـة، تم إدراجهـا سـنة 1986 ميلادية بأنهـا جـزء من التراث العالمي لليونسـكـو.
فبعـد أن اسـتجمعت كل هذه المعلومـات القيمـة بالإضافة إلى مقاطع للفيديو متوفرة على الـ YouTube لمقابلات مع علماء آثار ألمـان، قررت وزوجتي أن نزور المدينـة عن كثب ونتعرف إليهـا أكـثر وأكـثر وإلى عمق الحضارة الآشـورية التي وصلت إلى أوروبا، أمضينـا يومنـا بالكامل في المدينة نتنقل بين شـوارعهـا الجميلـة ونزور كاتدرائياتها ووسـط مدينتهـا الممتلـئ بالسـياح والألمـان حيث كانت فعـلاً من أروع الصور وأجملهـا.
إنتقلنـا بعـدهـا إلى المتحف، هدف زيارتنا الرئيس، حيث كان علينا المرور أولاً أمام تمثال الفيلسوف الألماني كـارل مـاركس.
دخلنـا المتحف الرائع التنظيم، وليس غريباً على الألمان كل هذا التنظيم في حياتهم، دخلنا القسـم المختص بتاريخ المدينة ومؤسسها “Trebeta” وكان فعلاً مداة للفخر والاعتزاز حيث أن التاريخ الأشـوري بكل مقوماته مصان بأيادٍ أمينـة في ألمانيا وغيرها من الدول الغربية التي تقدر التاريخ بكل ما لهذه الكلمة من معنى وليس كما هو حاصل ومنذ مئات السـنين في بلاد ما بين النهرين من تزوير للحقائق وتطهير عرقي للشعب الآشوري الأصيل في العراق وتدمير آثاره، أي الحجر والبشر.