الحملة الوطنية للدفاع عن الشعب العراقي
د. لبيب سلطان
تندفع الشعوب والمجتمعات والتجمعات عند تعرض سيادتها ومصالحها وحقوقها للخطرالى رص صفوفها وتوحيد كلمتها لمجابهة المخاطر التي تجابهها ، وأولها حق العيش الأمن والكريم والحر في وطنها، واولها ايضا هو مجابهة خطر التسلط العقائدي الأيديولوجي الذي يفرض عقائده على الدولة والمجتمع والسكان بقوة السلاح ويسعة لنظام ديكتاتوري ذو عقيدة واحدة تمارس الأستبداد ومصادرة الحريات والسيطرة على الدولة والمجتمع بكل مكوناته ومؤسساته.
كانت أول مرة تنطلق فيها الحملة الوطنية للدفاع عن الشعب العراقي هي عام 1999 من قبل مجموعة كبيرة من المثقفين المستقلين الوطنيين العراقيين في المنافي من المعارضين للنظام الصدامي الفاشي، وساهمت الحملة ببلورة الصوت الوطني المعارض وتطوير مفاهيم الهوية الوطنية العراقية و المجتمع المدني في العراق بعيدا عن الطروحات المذهبية والعرقية والعقائدية المؤدلجة، وأوصلت الصوت الأحتجاجي الوطني العراقي لكافة المحافل والمنظمات الدولية من خلال ثقل ووزن مثقفيها وثقل الجمعيات الحقوقية والمدنبة المساهمة فيها التي أقامها الوطنيون العراقيون في المنافي. ولم يتوقع أي مثقف ووطني عراقي ،داخل العراق أو خارجه، ان مجتمعنا سيقع من جديد في شباك التسلط والقمع والقتل والأغتيال من جديد، والأنتقال من التسلط والقمع القومجي البعثي الى التسلط والقمع الأسلامجي السياسي بعد سقوط النظام الصدامي، وبعد سن دستور جديد ، وتأسيس مؤسسات ديمقراطية جديدة في العراق كالبرلمان وتقنين حرية الصحافة والأعلام ومفوضية حقوق الأنسان ( وجميعها على يد الأمريكان تحديدا رغم مايدعيه البعض) ، فالجميع كان يفترض ان جميع القوى والتيارات في العراق، وخصوصا الأسلاموية في توجهها السياسي، قد أستوعبت الدرس والثمن الباهض الذي دفعه الشعب العراقي، ،ودفعته هي أيضا ، لتبتعد عن أساليب وممارسات النظام الصدامي الأجرامية، وتلتزم بعد السقوط باسس الحياة المدنية والديمقراطية والمباراة السلمية في عراق مابعد صدام. ولكن كما يحدث مع الأفراد والحركات القصيرة النظر، أنها وقعت في نفس شباكه ،و صارت تقلده في كل صغيرة وكبيرة، وتطبق المقولة المتنافضة أن الضحية يقلد جلاده (طبعا الضحية البليدة المشوهة فقط ). فكما أن صدام قد وضع العوجة وبعثيي التكارتة كمركز حوله وكون منهم (ومن شراء ذمم الأخرين من الساقطين أجتماعيا) أقطاعية خاصة لأدارة الدولة و الممجتمع ، هاهم الأسلامويون ينشؤون أقطاعياتهم على غراره،وهي أقطاعيات عديدة بعد أن كانت واحدة ( حكيمها وصدرها وعامريها وخزعلها وهلمجرا) ومثلها للطوائف والأعراق، وكما أسس البعث عام 1963 الحرس القومي وفصائل الأغتيال “حنين” بعده وفدائيي صدام وهيئة الجيش الشعبي ، هاهم ضحايا الأمس شكلوا فصائلهم المسلحة ووضعوها تحت تمويل الدولة بأسم “هيئة الحشد الشعبي” لتقوم بنفس الممارسات للفصائل الصدامية من ترويع وترهيب للشعب والمجتمع ، وخطف وأغتيال الناشطين والمثقفين والصحفيين والوطنيين والمتظاهرين السلميين ( أكثر من الف شهيد تم أغتياله خلال عام ونصف ولم تتم محاكمة واحدة لحد اليوم)، وكيف تقوم محاكمة وأي قاض أنتحاري سيحكم وهم يهددون ويهينون رئاسات الدولة علنا ( وهو تهديد وأهانة كل عراقي كون المنصب الرئاسي تمثيلي للشعب وليس للفرد بعينه )، وأهانة وتهديد المؤسسات الأمنية والتحقيقية والقانونية وصولا الى الضابط والمحقق والقاضي وشرطي المرور والأعلامي والصحفي . أن كل عاقل يفهم ويرى أن هذه الفصائل قد توغلت ووغت وأوغلت، وهدفها السيطرة على الدولة والمجتمع والمؤسسات في العراق بقوة السلاح وتحت تهديده، والأنكى، أذا كان صدام معزولا اقليميا ، فهذه الفصائل وكتلها تشكل شبكة أمتداد لجمهورية أيران الأسلامية ، لتفرض على العراق نظام الولي الفقيه، أو يكون اداة ضاربة له وتقيم سلطة مناظرة موازية وخانقة للدولة ومؤسساتها وتحت سيطرتها علنا وتحت مرأى ومسمع السلطات الثلاث في العراق وهي لا تحرك ساكنا ( تحت ستار تجنب الأصطدام ،ولا نعلم ماهي مهماها أن كانت لاتعاقب المجرمين والمتجاوزبن على امن المجتمع ومؤسساته والمال العام، فهي كالشرطي الذي يرفض الرد على قاتل او مسلح يهدد ضحياه خوفا من الأصطدام ) . أن هذه السلطات تركت الشعب اليوم وحيدا مفتوح الصدر خالي اليدين ليدافع عن وطنية الدولة ، وعن حقه الأساسي للعيش بكرامة وأمان، وعن الرئاسات والمؤسسات نفسها التي عليها اليوم أن تثبت وجودها وتقوم بمهامها التي اقسمت عليها وهي حماية الدولة والوطن والمواطنين.
لقد حان اليوم موعد المجابهة الوطنية العراقية مع قوى الردة واللاوطنية التي تعمل على تفكيك الدولة العراقية وأغتيال ماكسبه شعبنا من حقوق بعد سقوط الديكتاتورية ، ولن نسمح بتكرار قيام ديكتاتورية جديدة مؤدلجة على يد فصائل مسلحة وأحزابها وكتلها بولائاتها اللاوطنية .
أن أولى واجباتنا كمثقفين ووطنيين مستقلين عراقيين وجمعيات وتجمعات وروابط وطنية ومدنية، هو رص صفوفنا ورفع صوتنا ، داخل العراق وفي المنافي، لنضيفه لأنتفاضة تشرين العظيمة ، وندعم ثوارها وكل الوطنيين بكل الوسائل حفاظا على بلدنا ومجتمعنا وثقافته ووحدته الوطنية وحقوق شعبنا أمام هذه الهجمة البربرية من هذه الكتل والفصائل المسلحة التابعة لها تحت مظلة هيئة الحشد الشعبي .
أن الحملة الوطنية للدفاع عن الشعب العراقي هي منبر مفتوح لكافة الوطنيين ولكل المؤسسات والتجمعات والأتحادات المدنية والمهنية لأيصال صوتنا وكلمتنا وموقفنا وتوحيد مبادراتنا التضامنية والأحتجاجية من تظاهر وتنظيم عصيان مدني وغيرها للدفاع عن كرامتنا ومستقبل بلدنا وحقوقنا الوطنية والأساسية كعراقيين.
لقد كانت باكورة نشاط الحملة الجديد أصدار مذكرة ونداء وطني لجمع 100 الف توقيع للمطالبة بحل هيئة الحشد الشعبي والفصائل السلحة على الرابط التالي
https://ehamalat.com/Ar/sign_petitions.aspx?pid=1155
كما وتخطط الحملة القبام بنشاطات وأعتصامات متعددة واصدار مذكرة وطنية لجمع ألتواقيع ونشاطات دولية للمطالبة بكشف قتلةالمتظاهرين السلميين وبالمحاكمة العلنية لهم وللمسؤولين عن أغتيال النشطاء والوطنيين والأعلاميين خلال وبعد تظاهرات أنتفاضة تشرين الوطنية المجيدة.
أن حجم التجاوزات والأعمال الأجرامية وممارسات الفساد السائدة التي ستغلق أبواب الأنتخابات القادمة أمام الشعب لقول كلمته وفق الدستور وتحت تهديد السلاح والأغتيالات والمال الفاسد، وضعف الدولة ، لايترك المجال لأجراء أنتخابات نزيهة، و الظرف والوقت لايسمح بعد اليوم بالتهاون مع القتلة والعصابات المسلحة التي يزداد توغلها وأيغالها في الأجرام والفساد ومصادرة الحقوق والهوية الوطنية ولسيطرة على مؤسسات الدولة في العراق يوما بعد يوم .
لابد من وقوفنا جميعا ورص صفوفنا وتقوية أواصرنا وتنظيم أعمالنا لأيقاف العصابات المسلحة من السيطرة علينا وعلى مقدراتنا وكرامتنا ومستقبل بلدنا، وهذا هو هدف وجوهر أعمال ونشاطات الحملة الوطنية للدفاع عن الشعب العراقي.
د. لبيب سلطان
للأتصال بالحملة الوطنية والأطلاع على ميثاقها المراسلة الى: inc2021us@gmail.com
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*** تنويه : تجدر الاشارة الى ان بعد انقلاب 8 شباط 1963 الفاشي ، تحركت قوى المعارضة التقدمية والوطنية العراقية ومنظمات الطلبة العراقيين والنخب الثقافية والسياسية في الخارج لتحشيد الراي العام العالمي للتضامن مع الشعب العراقي ، نتج على اثره تشكيل “لجنة الدفاع عن الشعب العراقي” ترأسها شاعر العرب الكبير المغفور له محمد مهدي الجواهري .. اصبحت عالمية بعد انضمام العديد من الشخصيات السياسية والثقافية والفنية العالمية اليها ومنهم : الكاتب الفرنسي بول سارتر و سيمون ديبوار والفيلسوف البريطاني رسل والموسيقار اليوناني الشهير ميكيس تيوداراكيس والعديد من السياسيين منهم كرايسكي وبالما .
مدونة الصعاليك