الانتخابات وما أدراك ما الانتخابات في العراق!
مصطفى محمد غريب
تتخلل الانتخابات البرلمانية منذ البداية مشاكل متواصلة، وهذه المشاكل منحصرة بالانتخابات نفسها بسبب القانون الانتخابي الجائر الذي ساهم بالاستيلاء على أصوات الناخبين من قبل قوى متنفذة مهيمنة على السلطة، كما ساهم من يشاركون فيها وبخاصة القوى المتنفذة سياسياً وأمنياً ومالياً ومن هنا يبدأ الموضوع المشكلة الذي يشار لها قبل أو بعد أي انتخابات حصلت في السابق.
ففي المجال السياسي، والمالي، والأمني نلاحظ كالتالي
1 ــــ استغلت أحزاب الإسلام السياسي الدين الإسلامي بوجهتين طائفية وحزبية سياسية فنقلت الدين من الروحانية والتعبد والتقوى إلى العمل السياسي المخادع الملموس للفوز بكل الأحوال اعتماداً على التجاوزات والتزوير والتزييف واستغلال المرجعية الدينية وأماكن العبادة والفتاوى وإحضار أسماء الائمة المعصومين والتشبث بملكيتهم دون غيرهم والضغط على مئات الآلاف من المواطنين بالأخص الشيعة حول ظهور المهدي والجنة والنار….. الخ
2 ــــ الجانب المالي الذي يعد بمليارات الدنانير العراقية أُستخدم بدون معرفة أو الكشف عن مصادره وكيف تم الحصول عليه إلا اللهم البعض منه جزء من المال العام استخدم هذا المال في شراء الذمم وتوزيع الهدايا العينية من توزيع “البطانيات إلى الأدوات الكهربائية والنقدية وغيرها” والوعود بتوزيع البيوت والأراضي، كما صرف على الجبروت الهائل من الإعلام المدفوع الثمن بما فيه وسائل الإعلام الحكومية الرسمية التي استغلت من قبل المسؤولين الحكوميين المنتمين لقوى صاحبة القرار، بينما تحجب تقريباً هذه الوسائل على الكثير من الأحزاب المشاركة في الانتخابات
3 ــــ الجانب الأمني كان أكثر تأثيراً على المواطنين بشكل مباشر، فالاضطراب الأمني والخلل في الأجهزة الأمنية كان عنصراً مساعداً للفساد المالي والإداري، والاغتيال السياسي عبارة عن وسيلة لإرهاب القوى السياسية النظيفة من شيوعيين وديمقراطيين وطنيين ونشطاء مدنيين، وقد مورس الاغتيال السياسي أمام أعين الأجهزة الأمنية ولم تتخذ الإجراءات القانونية من إلقاء القبض على الفاعلين ومسؤوليهم وهم معروفين أيضاً في انتماءاتهم الحزبية والطائفية وارتباطاتهم الخارجية المكشوف عنها الحجاب. واليوم الأربعاء 26 / 5 / 2021 ثبت بالدليل فقد وردت أخبار متناقضة عن اعتقال ثم اطلاق سرح أمر لواء الطفوف في الحشد الشعبي مسؤول عمليات الميليشيات في محافظة الأنبار العراقية الغربية بتهم الإرهاب والفساد وقد انتشرت مجموعات مسلحة ترتدي الزي الأسود قرب المنطقة الخضراء تهدد مصطفى الكاظمي بأطلاق سراحه وأشارت المعلومات انه كان من ” المقربين لقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس”، في المقابل استخدام العنف واطلاق الرصاص على المتظاهرين السلميين في ساحة التحرير مما أدى الى قتل (2 واصابة 150 من المتظاهرين ) وتشير المصادر حول عمليات الاغتيال التي مورست منذ اندلاع الانتفاضة وحتى قبلها الى اغتيال اكثر من ( 70 ) وخطف العشرات من الناشطين وهناك اتهام واضح لميليشيات طائفية موالية لإيران.
ومن هنا نستدل على قضية خطورة اجراء الانتخابات تحت طائل الميليشيات المسلحة والمنفلتة وهذا الأمثلة هي من عشرات الأمثلة الممكن ذكرها، بهذا أصبح الحديث عن الاستقلالية والنزاهة عبارة عن تصريحات إعلامية هدفها ذر الرماد في العيون ففي كل مرة تعاد أسطوانة النزاهة والعدالة وفق قانون انتخابي عادل إلا أن النتيجة بقت نفسها بدون أي تغييرات طفيفة وهي تخدم بالأساس القوى المتنفذة التي لا ترغب بالتغيير والإصلاح وقد دخل البعض منها على خط انتفاضة تشرين والمنتفضين السلمين وراحوا يتبارون بالحديث عن العدالة والتخلص من المحاصصة وضروريات النزاهة وحتى الحديث عن ميليشيات جاءت من المريخ!!وكل المطالب التي طرحتها البعض من القوى المتنفذة وهي معروفة، فقامت هذه القوى المحتالة بخلط الأوراق والتعتيم على الأهداف المبيتة في استمرار هيمنتها على السلطة مثلما كانت تصريحات البعض من القادة السابقين الذي يحاولون تغيير الوقائع وتحميل الأخطاء والمطبات والسرقات وسوء الإدارة الى هلاميين نافين مسؤوليتهم عنها!! ، وتبقى النزاهة الحرة هدف مقدس لدى القوى الوطنية الديمقراطية وانتفاضة تشرين المجيدة وكل المتظاهرين السلميين وعدالة مطالبهم المشروعة الذي أكدها رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي ” الانتخابات المبكرة طُرحت من قبل الانتفاضة كوسيلة للتغيير. والتغيير غَدَا ضرورة لأن البلد في أزمة عميقة” وواصل رائد فهمي تأكيده ” وجاءت انتفاضة تشرين، والناس انطلاقا من المطالب الحياتية والخدمية والاقتصادية توصلوا الى استنتاج كبير: نريد وطن”. بدون هذه النزاهة والوصول للقتلة المجرمين من ميليشيات طائفية مرتبطة بالخارج وتقاد من قبل البعض من المسؤولين المعروفين فلن تكون هناك نزاهة ولا عدالة في الانتخابات القادمة لكن نجد أن ذلك من الصعوبة تنفيذه في الظروف الراهنة وتداعيات المرحلة واستمرار الاغتيالات المباشرة وغير المباشرة، يؤكد فهمي ” نقول أننا لن نشارك في الانتخابات إذا كانت كل العوامل غير متوفرة” ونحن نتفق معه في مجال عدم تنفيذ المطالب المشروعة التي طرحت من قبل القوى الوطنية والديمقراطية وانتفاضة تشرين المجيدة حيث يشير فهمي ” قد تكون هناك قوى تعمل على زعزعة الاستقرار لأجل منع إجراء الانتخابات، لكن هذا ليس هدفنا، نحن نعمل من أجل انتخابات حرة ونزيهة وشفافة ونضغط من أجل تأمين هذه الانتخابات. لكننا لن نكون طرفا يسهم في تهيئة سيناريو يعيد انتاج الوضع القائم. بل سنطالب ونعمل من أجل توفير الشروط التي تحدثنا عنها. لذلك نقول بوضوح إن الغاء تعليق مشاركتنا يتوقف على توفير هذه الشروط” المفوضية العليا المستقلة للانتخابات تواجه مشاكل عديدة فيما يخص خططها لتوجيه دوائرها نحو الاستعداد لأجراء الانتخابات البرلمانية التي قرر تاريخها 10 تشرين الأول 2021 في أجواء مشحونة بالتهديدات المسلحة من قبل ميليشيات عضو مهم في الحشد الشعبي وهذه ليست المرة الأولى وبالتأكيد لن تكون الأخيرة، لقد أصبح الحديث عن الانتخابات الحرة والنزيهة لكثر ما تكرر شجن الملايين من العراقيين المتطلعين لإصلاح حالهم وأوضاعهم والعبور لشاطئ السلامة والأمان والتخلص من التدخلات الخارجية والعمل من أجل الاصلاح والتغيير بطرق سلمية ووفق انتخابات حرة ونزيهة بعد معاناة ( 35 ) عاماً من الحكم الدكتاتوري وحوالي ( 18 ) عاماً من سقوطه واحتلاله وفرض المحاصصة الطائفية وهيمنة أحزاب الإسلام السياسي وبخاصة الشيعية وحلفائها ثم تهديدات الميليشيات المسلحة التي راحت تعبث بأمن واستقرار البلاد والمواطنين وتتحدى الحكومة المركزية في فرض ما تريده وتخطط له.. المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وبيانها عن جهوزيتها لا يوفي بالغرض لأنها معرضة للتهديد والوعيد والخرق من قبل القوى المتنفذة وميليشياتها المسلحة وهذا يعني بالقلم العريض ” الأمن الانتخابي بمفاصله المختلفة” حسبما جاء في بيانها 22 أ أيار / 2021 حيث تؤكد في البيان على أنه ” من المسؤوليات الكبرى للحكومة التي وظفت لأجله كل جهود الوزارات والجهات المعنية لتحقيقه وتوفير الأجواء المناسبة لإقامة الانتخابات، وما تشكلت على أساسه اللجنة الأمنية العليا للانتخابات وفق الأمر الديواني رقم ٣٥ “
ـــــ لكن ما هي الإجراءات الحكومية في إلقاء القبض على لجان الاغتيالات واعضائها المجرمين ومن يدعمهم داخلياً وخارجيا لنشطاء مدنيين يتم اغتيالهم بسبب مطالب طرحها المنتفضون وانتفاضة تشرين المجيدة؟
ــــــ ما هي الإجراءات القانونية لتقديمهم الى القضاء والكشف عن أسمائهم وانتماءاتهم الحزبية وارتباطاتهم الخارجية؟ هنا بيت القصيد وإلا ستكون الانتخابات والمفوضية عبارة عن شاهد زور لخداع المواطن العراقي حول الانتخابات وما أدراك ما الانتخابات في العراق!