الهبوط إلى أعلى…
يحيى علوان
في حُلمي كما في حسرتي، أهبط هبوطَ النِعَمِ أو اللعنات، مدفوعاً بقوةٍ خرافية
لا تُميز ُبين النِعمَة والنِقمَة.
كأنَّ الهبوطَ يُرمّمُ خرابي، يُرتّق ُشروخي ويرصُّ إنكساراتي،
أهبط ُ إلى السماء..
فالصاعدُ يتوق ُ إلى الوصول، أما الهابطُ فلا يُريد الوصول،
كي يبقى يرقص طويلاً في هاوية تستطيل وقد تضيق ُحتى لَتبدو أنبوبَ عواء!
سَفَري في هاوية الجمال عمودي ٌ، مُقمَطاً بالسحاب، حيث لا مكانَ للشجاعة أو الغضب.
وكلما ضاقَ قاعُ الهاوية، إتسعت سمائي الخاصة..!
فأروحُ أتوسدُ خِشخاشَ الكون.
كأني إستوطنتُ الرحيلَ منذ زمنِ “دَقْناوُوس”،
شَرِبتُ زيتَ الوحشةِ الأسود،
وغدوتُ غريباً عنّي .. حتى صارَ للحزنِ سَكراته..
لكن كيفَ لي أُخاطبُ النسيان وأَهمسُ في أذنِ الليل عن نهاراتٍ تخونُ جِلدَها؟!
وكيفَ لي أُطلقُ عصفورةً جديدة من دمِ خطأ قديم، يبدو مثل وردة مجفّفَة؟ !
كيفَ يتسنّى لي أَنْ أَحفُرَ بالكلماتِ نَفَقاً للمعاني والمفردات المُسوَّرةِ بالتابو؟!
……………..
شحيحٌ، أو شحيحاً يَبدو، ما تبقّى لي من زَمَنٍ ..!
صديقٌ مُولَعٌ بـ”المستقبلية” و”المستقبليين” قال لي عبر الهاتف كأنه يؤنبني
:” لكن المستقبل يأتي على كل حال..! الحلم والوقت كفيلان بذلك، لماذا لا تنتظر..؟!”
قولٌ أربكَ لغتي فتكسّرَتْ إبتسامةٌ على شَفَتي.. وإذْ استغربتُ من يقينيَّته السرمدية،
سألتُ بسذاجتي :” لماذا إذن يتأخر بهذا الشكل؟