المـارد العظيم
يحيى علوان
لأميرتي ، أَفزَعها قَصفُ رَعْـدٍ ، قُلتُ :” نامي ، حُلوَتي ، نـامي !
فأهلوكِ وأَهلُ بلادِ الشام ينامـونُ على – موسيقى – قصفٍ حَيٍّ ومُفخّخاتٍ ، عميـاء ،
يموتونَ كيفَما لا يشاؤون .. بنيرانٍ صديقة ! أو كــ collateral victims
جنازاتٌ تهرَبُ خَوفَـاً من – الحَفّـار –
حتى راحـوا يَستريبون الهَـدأَةَ …!!
إحضني أَرنبَكِ ، يا نـدى ، دقّـاتُ قلبه ستأخُذُكِ إلـى عوالـمٍ تفرحينَ لـها..
نامي ، دَعي الأنغـامَ ترقُص فوقَ أوتارِ قيثارتكِ…
نامي ، سأندفُ الحروفَ ، أَتسلّى بقنديلِ الظلمة ،
أَهُشّ الأشباحَ والجنيّات عنكِ ،
حـرامٌ عليَّ النـومُ ، والصمتُ حـلالٌ ، هذه الليلة ، يا نـدى ! “
* * *
لَمّـا تنطفيء الأحـلامُ ، تَغدو الأوهـامُ دانِيَةً !!
سأَوُقِظُ مـارِدَ العِشقِ العظيم ،
أَستنطِقُه عن أَسرارَ النَـايِ ..
وعمّـا تَحلُمُ بـه المرايـا ..
أُذَكّره ، كي لا ينسى .. إِنْ هَدَّه الوَسَنُ ، أو جَفـاهُ الغَفوُ ،
بأَنَّ حدودَه السماءَ مُسَيَّجَةً بغًنَجِ الصبايا ..
أُغـويه أَنْ يُقَطِّرَ ، من جنـاحِ الفَراشِ ، النـدى ،
يغسلَ جُفونَ النرجس ، فينهضُ ساحِـراً “ملفوفاً زاهيـاً ” ..
أَحثُّ الخطوَ مُعتَمراً دهشتي بضوضـاءِ جسدٍ ، هَيَّجَ لَوعَتي ، فرُحتُ أتَلوّى ،
أَغزلُ صوفَ اللهفَةِ فـي مهرجـانِ عِشقٍ أَخرس ..
هيَ ” السالب ” في ” موجب ” تَوقِ المغناطيسِ للتوازنِ مع ذاتـه ، كـي لا تَخْرَبَ
الدنيـا .. دونهـا لـن تثمُرَ سنابل الإفتِتـان ..
أُسائلُ ماردي ما الذي يُنبِتُ الزهرَ فوقَ الصخر ..!
تُـرى ماذا يُغـوي الزهرةَ ، بجذورها النحيلة ، أَن تُعانِقَ الصخرَ ؟
أتُراها دَوّخته بشذاها فتشبَّثَ بهـا .. ؟!
* * *
ما بكى نصفُ البحر نصفَه الآخرَ، بحرٌ عداه !!
عَـلَّ الماردَ يوقف قِطـارَ الزمنِ ، نَخطِفُ منه مـا تَيَسَّرَ ، كيْ لا نَتنَفّسَ ريحَ
البارودِ ورصاصٍ وفيرٍ يُعَفِّنُ الروحَ إِنْ أَفلَتَ الجَسَد..!!
في الصحـو كُنّـا نهجـوا صَدَأَ أحـلامِ الليلِ ،
وفي الليلِ نستهجنُ أحـلامَ اليقظة !!
أهِـيَ لَعنَـةُ الأحلام أم الحالمين ..؟!
* * *
غاباتٌ مُبَلَّلَةٌ بالمطرِ ، تُرضِعُ الظلمـةَ .. تحرُسُ ذكرياتنـا ، كالقمَر شاخَت ،
أَتكونُ مجرد نقطة سَكرى ، سَقَطَتْ سهواً ، أو صدفة .. ؟!
لكنها تَستحضرُ معنىً آخر ،غيرَ مقصودٍ …؟!
لا بَلْ قد تُحيلُ الكوكبَ العاطلَ إلى دورانٍ لَـم يَحتَسبْه الفلكيون .. ؟!
أَمْ تُراها مجرد نقطةٍ أيضاً ، تفضحُ البعضَ عندما يشيرونَ يساراً ، لكنهم
ينحرفونَ يميناً .. ؟!!
وعندما تسألُ مستغرباً ، يأتيكَ الجوابُ جاهزاً ..” ثمةَ ضرورات عَمليَاتية .. أنت
لا تفقَهُها …! متى تَرعوي عن وَلدَنَتِكَ ؟! نحنُ نوازنُ شَهدَ التأمُّل بجرعةٍ من
خلِّ الممارسة/ إقرأ براغماتية رخيصة / حتى يستقيم المُرتجى .. !!”
أَجرني من التَعِلاّتِ ومن أَسرارِ البئر.صَرَختُ بداخلي ” يا سائس الـ Big Bang إِنْ كُنتَ وعـاءً ، فلا تَغُصَّ بمائيَ الحَنظل ” !!
………………………
سأنتَسَبُ إلى ريـحٍ نَشوزٍ ، تُصفِرُ ، كي تُبَدِّدَ وحشَتَها ،
فرُغمَ كوني ” عاطِلٌ ” ، لَـمْ أقرعْ الأجراسَ بعدُ ..!!
إعتقني أيها المـارد ، فقد سبقتني نقطةٌ تُريدُ أَن تحَطَّ على “عرشٍ ” لافتة ،
فَتُخسِرَ المعنى !
إعتقني ، أيها الوسيم ، فأني في سباقٍ مع الريحِ ، كي لا تستوي تلكَ النقطة
فوقَ الراء ، فتغدو كُفْـراً ..!!
أو نَقّني من شوائبِ الوهم ، كي يألَفَ الثوبُ جَسَدي ، فأعود إلى سَوِيَّةِ سيرَةِ
المعِنى … إلـى نَفسي !
أعرِفُ أنه يَسيرٌ على كُثرٍ أَن ينفخـوا في مزاميرِ التبرير، عند إختلالِ المعنى
وتيه المقصود !
سأشربُ نصفَ كأسي ، كـي يظَلَّ نصفـه ملآنـاً .. فلا أُتَّهمَ بالتشاؤم ..!!
وأدنـو من الخوفِ ، أُصافِحـه ، أُشعِلُ سراجَ الفضـولِ ، أجوبُ الأزقَّـةَ ، مُقتفيـاً أثَـرَ
الحُلُمِ ..! لأنّنـا ما فُطِمنـا بعدُ من متعـةِ الدهشَةِ ..
لا نَرضـى أَنْ يكـونَ الحاضر عبـداً لمستقبلٍ مؤجَّلٍ على مذبـحِ “التصابـر” والأمل الخامِل ..!!
فبعدَ أَنْ تَعَتَّقَ الوجعُ فينـا ، سألبَسُ قِنـاعَ الجَلَدِ والتماسك ، حتى لا أُظهِرَ أَلَمِي ..
أُحاذِرُ تعاطُفَ الآخرين ، كـي أُجَنِّبُهم مِحنَـةَ إختبـارِ صِدقِ العواطف ..!!
* * *
حبلٌ “سِريٌّ” شَدَّنا بقوَّةٍ لأُمِّنـا وبنفسِ الحبلِ شَنَقَتْنا ، فأَضحينا رُكناً صغيراً للتَعازي في مِيتَةٍ لَـمْ نَمُتهـا !!
أو كالثَيِّباتِ يَختَزِلنَ لُغَةَ الصـلاةِ يَعتَصرنَ جُمّـارَ الجسَدَ العانِسَ…
تُرى ما الذي إجتاحنا ، حتى نَسبيَ أسرارَ الصمتْ …؟!
أنكونُ شَمَمنا رائحةً فاتكةً ، فأطلقنا صرخَةً عاريةً ، بَعثَرَتِ الفضـاءَ الهَتوكَ .. ؟!!
لَنْ يعنيني الجـوابُ … إنمـا السؤالُ ..!
طيف