هل تجميل المرأة ، وليس العنف ضدها ، هو ما يشغل اللجنة العليا للفتاوى الإسلامية في إقليم كوردستان ؟
فتوى جديدة
أصدرت اللجنة العليا للفتاوي الاسلامية في اقليم كوردستان اليوم 28 تموز2021 فتوى تحرم فيها عمليات التجميل التي تشمل تصغير وتعديل الانف ورفع الشفاه والوجنات والعمليات التجميلية الأخرى في جسد الإنسان ، على أعتبار انها عمليات شيطانية تدل على عدم الرضا بخلق الله ويعتبر القيام بها تمادياً على هبة الله. استندت اللجنة العليا للفتاوى الإسلامية في كوردستان في فتواها ، على كثرة حالات الطلاق وتمرد الزوج او الزوجة على شريكه الاخر ، بسبب أعمال التجميل. في الوقت ذاته اكدت اللجنة العليا للفتاوي المذكورة امكانية اجراء عمليات التجميل الضرورية في الانف او الفم او اي مكان آخر في الجسم ان كان سببها تشوهات خلقية ولادية أو نتيجة لحوادث حرق ، فترى ذلك مسموحا وليس حراما. كما اكدت اللجنة العليا على ضرورة التزام مراكز التجميل التي انتشرت بصورة كبيرة في كافة ارجاء كوردستان ببنود هذه الفتوى حيث اصبحت اعمال التجميل تهدد استقرار العلاقات العائلية والاجتماعية ، كما اوعزت اللجنة العليا بحث الاطباء المتخصصين في مجال التجميل بضرورة التوقف عن اجراء مثل تلك العمليات التجميلية وتحريمها نهائيا.
اننا في هيئة الدفاع عن اتباع الديانات والمذاهب في العراق نرى اصدار هكذا فتاوى تدخل في الحرية الشخصية التي يكفلها الدستور ووسيلة لإثارة الفتنة في مجتمع متعدد القوميات والديانات ، وخاصة ان مضمون هذه الفتوى تتعارض وتتنافى مع تأكيد حكومة الاقليم في نهجها ومراعاتها للوائح وقوانين في مجال حقوق الانسان ، وتدخل واضح في الحرية الشخصية وخاصة المرأة وحرية المجتمع، انها دعوة مبطنة للتجاوز على النساء من اتباع الديانات غير الاسلامية، وإن إصدار هكذا فتوى يسهم في زيادة العنف الذي يمارس في العراق ضد مراكز التجميل والعاملين فيها، ناهيكم عن تأثيرات هذه الفتوى على عيادات ومراكز الاطباء المتخصصين وتوابعهم من العاملين معهم والأدوية والمعدات المرتبطة بهم
ومن المؤسف ان اللجنة العليا للفتاوى الإسلامية في كوردستان تشغل نفسها بقضايا هامشية وشخصية تاركة ما هو اهم وأعظم يمس الانسان وكرامته ، متناسية مهامها الاساسية ودورها في تحريم ما يتعارض مع مبادئ الاديان السماوية والكتب المقدسة في محاربة آفة الفساد المستشري وسرقة المال العام والغش والكذب وانتشار تجارة وتعاط المخدرات. كنا نتمنى ان تتحول جوامعنا ومساجدنا الى اماكن ومراكز معالجة المدمنين ومتعاطي المخدرات واحتوائهم وتتعهد بمعالجتهم من اجل حماية المجتمع من أبشع خطر يهدد مستقبل الشباب والأمن الاجتماعي والاقتصادي الوطني. كان الأولى باللجنة العليا للفتاوى الإسلامية في كوردستان ان تلتزم بمشاريع مجتمعية وخيرية يعود ريعها الى العوائل المتعففة … وغيرها من الامور الجوهرية ، فالمجتمع في إقليم كوردستان مليء بالمشاكل والاخطار المجتمعية التي أساسها بدع دينية مشوهة بحاجة الى إعادة صياغتها بما ينسجم مع خلق مفاهيم المحبة والسلام والاعتراف بالآخر واحترامه والتعايش المدني ، والالتزام بالقوانين وتطبيقها دون التجاوز على الاخر لأي سبب كانللاسف لم نرى من اللجنة المذكورة تحركا او فتوى بتحريم ضرب النساء وقتلهن وحرقهن بل تغض النظر عن هذه الجرائم وتركز على عمليات التجميل.
إن الأمانة العامة لهيئة الدفاع عن أتباع الديانات والمذاهب في العراق تنتظر موقفا رسميا واضحاً من حكومة الاقليم وردا مدنياً علمانيا يتماشى مع افكار ولائحة حقوق الانسان في الموقف من هذه الفتوى وما يماثلها وما يعتبر تدخلاً في الحريات الشخصية. كما تنتظر الأمانة من الهيئة المستقلة لحقوق الانسان في إقليم كوردستان موقفا حازما من هكذا فتاوي تتعارض مع مبادئ الحريات الشخصية —
الامانة العامة لهيئة الدفاع عن اتباع الديانات والمذاهب في العراق
28 تموز 2021