سنجار.. حقائق “خفية” تحت صراع “الفصائل والاقليم”
نينوى – العالم الجديد
غطت “الخلافات السياسية” على حقيقة ما يجري في قضاء سنجار غربي نينوى، فبين نفي لنشاط حزب العمال الكردستاني (PKK) فيه من قبل قياديين بالحشد الشعبي، وبين تأكيد كردي لسيطرة الحزب التركي المعارض على القضاء ذي الأغلبية الأيزيدية، تستمر محاولات تركيا العسكرية داخله للتخلص من جيوب المعارضة المسلحة هناك.
ويقول آمر تشكيلات الحشد الشعبي في سنجار محمود الاعرجي في حديث لـ”العالم الجديد”، إنه “لا وجود لحزب العمال الكردستاني في قضاء سنجار، ولا يوجد له أي تنظيم أو مقر، ولكن لا أنفي وجود فكر للحزب داخل القضاء كما هو الحال مع فكر داعش الموجود أيضا”.
ويضيف الاعرجي، أن “من يوجد في سنجار هم عراقيون وضمن المؤسسة الامنية الرسمية، ويتقاضون رواتبهم واوامرهم بشكل طبيعي من الدولة، والحديث عن وجود عناصر في حزب العمال غير صحيح”.
ويتابع ان “هؤلاء مقاتلون عراقيون من السكان الايزيديين الذين قاموا بمقاتلة داعش واصبحوا ضمن الحشد العشائري ضمن فوج النصر المبين، وليسوا من أفراد حزب العمال الكردستاني، وهم من يوجد على الارض الان، إضافة الى تنظيمات سياسية ستشارك في الانتخابات المقبلة”.
ويبين أن “أغلب ما يصدر من إشاعات مغرضة هو من قبل حكومة إقليم كردستان الذي يريد أن يصور سنجار على أنها بؤرة لحزب العمال الكردستاني، ولكن الواقع عكس ذلك”.
وفي التاسع من تشرين الاول اكتوبر الماضي، وقعت الحكومة الاتحادية في بغداد مع حكومة اقليم كردستان اتفاقا وصف بـ”التاريخي” حول سنجار، اذ تضمن اخراج كافة الفصائل وعناصر حزب العمال الكردستاني منه، واخضاعه لسيطرة القوات الامنية الاتحادية، لكن هذا الاتفاق لم يطبق على ارض الواقع بسبب فشل بغداد واربيل بتنفيذه نظرا للتحديات التي واجهتهما على ارض الواقع.
سلسلة الاحداث امتدت الى العاصمة التركية أنقرة، حيث كان رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، قد أبلغ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال لقائهما في أنقرة في 17 كانون الأول ديسمبر الماضي، بعجزه عن تنفيذ اتفاق بغداد– أربيل للسيطرة على سنجار وطرد عناصر حزب العمال الكردستاني منها، ومنح الضوء الأخضر لأردوغان بالدخول الى سنجار، تحت مظلة تحالف الناتو، تحسبا لردود أفعال سلبية من قبل الفصائل المسلحة، في حال دخول تركيا بمفردها لسنجار، وذلك بحسب مصادر دبلوماسية كانت حاضرة للقاء الذي جرى في أنقرة، وتخللته مأدبة فاخرة على أنغام الطرب العراقي التراثي.
وهذا ما كشفه اردوغان في مؤتمر صحفي له بتاريخ 22 كانون الثاني يناير الماضي، خلال اجابته على سؤال حول العمليات العسكرية في سنجار “لدي عبارة أقولها دائما: قد نأتي على حين غرة ذات ليلة، هذه هي خلاصة الأمر”.
الى ذلك، يكشف آمر لواء 30 بالحشد الشعبي في سنجار شعيب أبو ياسين، في حديث لـ”العالم الجديد”، عن “تواجد عناصر حزب العمال الكردستاني في جبل سنجار وليس داخل القضاء”.
ويوضح أبو ياسين، أن “المتواجدين داخل القضاء هم ما يعرف باليبشة (وهو فصيل ايزيدي مسلح مرتبط اداريا وماليا بهيئة الحشد الشعبي)، وضمنهم عناصر اجنبية من حزب العمال، ولكن بغطاء من اليبشة، إضافة الى وجودهم في الجبل ومحيطه ومنطقة خاصور في سنجار وتنقلهم وحركاتهم بغطاء من اليبشة”.
ويبين أن “حزب العمال لا يأتمر بأوامر رئيس الحكومة ولا بأي مرجع أمني عراقي، حيث لهم قيادات وقرارات خاصة بهم”، متابعا أن “التهديد الامني الذي يشكله هؤلاء (اليبشة) هو في حال تحرك الجيش العراقي لبسط القانون في القضاء فانهم سيواجهونه برد فعل، وهذا يأتي بسبب ما واجهه أهالي سنجار من ويلات إبان سيطرة عصابات داعش وتزامن ذلك مع تشكيل قوة ايزيدية بتدريب من حزب العمال لمواجهة داعش، ما منح اليبشة ثقة كبيرة بين الاهالي”.
وعقب تصريحات اردوغان، والعمليات العسكرية التي انطلقت منذ مطلع 2021 في شمالي العراق لملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني، المصنف كتنظيم ارهابي بالنسبة لتركيا، توجهت العديد من الفصائل المسلحة الى سنجار، في وقت منعت بعض القوات الايزيدية في القضاء دخول الجيش العراقي له وهاجمت عجلاته.
الجانب الاخر
وفي وجهة نظر مغايرة، يشير القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني ماجد شنكالي في حديث لـ”العالم الجديد”، الى أن “تصريحات المسؤولين في سنجار لا تتعدى إخفاء الحقائق ولا تمت للواقع بصلة”.
ويوضح شنكالي، أن “حزب العمال الكردستاني موجود في سنجار ولديه قواعد عسكرية وبالتاكيد هناك الكثير من مقاتلي الحزب من العراقيين، انتموا للحشد الشعبي والقسم الاخر وعدوهم بضمهم للحشد العشائري، ولكن قادتهم من الشيشان وتركيا وروسيا وغيرهم، وهم من يقودون هذه الفصائل غير المنضبطة”.
ويؤكد أن “عناصر حزب العمال الكردستاني منتشرون في سنجار، ويخطون لجعل القضاء جبل قنديل ثانية”، متسائلا “أين كان من ينكر وجودهم عندما قاموا بخطف نقيب في الشرطة الاتحادية وضربه، قبل أن يحاصرهم الجيش العراقي ويحرره منهم”.
وبشأن المقاتلين المنضوين في الحزب الكردي التركي المعارض، يلفت الى ان “هؤلاء انتموا للحشد الشعبي ويستلمون رواتبهم من الهيئة، ولكن قياداتهم الاصلية غير عراقية، لذلك فانهم في الحقيقة جزء من حزب العمال”.
ويشير الى أن “لهؤلاء أنفاقا صنعوها في سنجار، حيث انهم يخططون للبقاء إلى الابد هناك”، منوها الى أن “القرار والامر في سنجار هو لحزب العمال وبالتعاون مع بعض فصائل الحشد الشعبي خاصة الموالية لإيران”.
وفي نهاية شباط فبراير الماضي، تبادل السفيران الإيراني والتركي في العراق الهجمات الاعلامية على خلفية التدخل في سنجار، وكاد الأمر يتطور الى أزمة دبلوماسية.
ويشكل قضاء سنجار، الموطن الأصلي للمكون الإيزيدي في العراق، نقطة خلاف كبيرة، بل ونقطة صراع داخلي ودولي، بداية من صراع اقليم كردستان والحكومة الاتحادية عليه عقب تحريره من سيطرة تنظيم داعش، الى اتخاذه من قبل حزب العمال الكردستاني المعارض لتركيا مقرا له، فضلا عن انتشار عدد من الفصائل المسلحة فيه، كما أن سماءه ليست له، فقد باتت ملكا للطائرات الحربية التركية التي تنفذ طلعات مستمرة.