الدروس التي لم نتعلمها من العراق
غزو العراق .. الصدمة والرعب
ميشائيل هيرش
ترجمة: علي عامر
“الحرب معلم صارم”، كتب ثوسيديديس قبل ما يقرب من 2500 عام. ومنذ ذلك الحين، سعت الدول الكبرى في كثير من الأحيان إلى أن تتعلم الدروس من الحروب، التي شنتها، وخاصة الحروب السيئة أو الغبية. لكن لا يمكن أن يقال هذا عن الولايات المتحدة، التي غزت العراق في يوم الأحد قبل 20 عاما. (في 19 مارس 2003 ابتدأت الحرب الجوية “الصدمة والرعب”).
وبالنظر إلى تبعياته على المدى البعيد، كان غزو العراق واحدا من التوجهات الاستراتيجية الخاطئة، ذات العواقب الأكبر في تاريخ الولايات المتحدة. ومع ذلك، لم تجري مناقشة أسباب ذلك إلا بشكل قليل جدا، ولماذا. فإن ما حدث قبل عقدين من الزمن ليس درسا في التاريخ على الإطلاق، بل هو جزء من فصل متميز في الأحداث الجارية.
الغطرسة والمبالغة في غزو العراق – وهو تكرار لاحق ل “التهور الطائش”، الذي نسبه المؤرخ اليوناني ثوسيديدس إلى اليونانيين المحرضين على الحرب في البيلوبونيس – لا زالت نافذة حتى اليوم ومؤثرة على عصرنا. أدت الآثار المترتبة على غزو العراق إلى تقليص دور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط بشكل كبير، وفتحت مؤخرا الطريق أمام توسط الصين في التقارب بين إيران والمملكة العربية السعودية. إن الاستهداف غير الضروري للعراق – واستنزاف الموارد الأمريكية وعجز التركيز، الذي نتج عنها – مهد الطريق لفشل واشنطن في أفغانستان، الذي دام 20 عاما، مما جعل الرئيس الأمريكي جو بايدن ذليلاً، عندما سحب جميع القوات الأمريكية بشكل متهور، معلنا في أغسطس 2021 أنه يضع حدا للجهود الأمريكية “لإعادة تشكيل دول أخرى.”.
وعكست كارثة أفغانستان بدورها صورة من الضعف المذعور، الذي يبدو أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتن قد استمد منه تشجيعا زائفا بغزو أوكرانيا. (في خطاباته، استشهد بوتين أيضا بغزو العراق لتبرير غزوه). كشف الإخفاق التام لغزو العراق، الذي خلقته الولايات المتحدة بنفسها، عن الضعف العسكري الأمريكي، وبينت لبقية العالم كيف يمكن التفوق ومحاربة، ما كان يعتبر ذات يوم قوة عظمى، لا يمكن الانتصار عليها. ويمكن الادعاء، إنه من خلال الدور الذي لعبه في تشويه سمعة المؤسسة السياسية في واشنطن، قد غيرت السياسة الأمريكية وفتحت الطريق أمام الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وانعزاليته الجديدة “أمريكا أولا”. كان التداعي المحلي الآخر للحربين في أفغانستان والعراق، الذي لم يحظ بانتباه كافي، هو أنهما فاقمتا بشكل كبير أزمة المخدرات في أمريكا، حيث أفرطت مؤسسة شؤون المحاربين القدامى، التي دائماً غير مهيئة بشكل جيد، في وصف الفنتانيل والعقاقير الأخرى للجرحى والمصابين بصدمات نفسية.
إذن، هل نتج أي شيء جيد من حرب العراق – درس أو درسين جديرة بالاهتمام؟ نعم، لكنها ليست مشجعة بشكل كبير. في الواقع، وجدت دراسة للجيش الأمريكي أن “إيران بعزمها وسياستها التوسعية تبدو كأنها المنتصر الوحيد” في هذه الحرب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* FP- March 17 2023
The Lessons Not Learned From Iraq
Foreign Policy السياسة الخارجية