منتدى بغداد للثقافة والفنون ـ انفجار مستشفى ابن الخطيب
مثالاً جديداً للاستهتار بأرواح المواطنين من قبل الفئة الحاكمة في العراق
قد يبدو للوهلة الأولى بأن الانفجار في مستشفى ابن الخطيب في المدائن في محافظة بغداد، الذي ذهب ضحيته أكثر من ثمانين قتيلاً وأكثر من مئة جريحاً، حدث صدفة بسبب خلل فني، كما هو الممكن له أن يحدث في أي بلد في العالم، أو بسبب تسيب من قبل الطاقم الفني في المستشفى، لكن من يعرف الأوضاع السياسية في العراق يدرك تماماً بانه نتيجة منطقية للتراكمات الناجمة عن سياسة السرقات المنظمة والإهمال المتعَمد وحتى الاستهتار بأرواح المواطنين العراقيين.
ومن سخرية القدر أن تمر في هذه الأيام الذكرى الثامنة عشر لغزو الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها للعراق، الذين وضعوا الأسس للنظام الطائفي التحاصصي السائد في عراق اليوم ومهدت بهذا الطريق لوصول الفئة الحاكمة إلى السلطة وسيطرتها على شؤون العراق. وكان هذا النظام هو القاعدة التي اعتمدت عليها الأحزاب الحاكمة لنهب خيرات العراق، الذي كانت نتيجته المنطقية الإهمال الكامل لحاجات الشعب، بما فيها البنية التحتية والخدمات العامة والقطاع الصحي. بل ركزت الفئة الحاكمة ولا زالت تركز كل الجهود على تثبيت سلطتها، مستغلة الدين كوسيلة لتضليل الجماهير وللوصول إلى أغراضها. وفي هذا السياق نريد التذكير بالكوارث المتتالية، التي تصيب الشعب العراقي، مثل الهجمات المستمرة للقوى التكفيرية على الأحياء السكنية، والتردي المتصاعد لمستوى المعيشة لقطاعات واسعة من الشعب العراقي، التي تعاني ليس فقط من عدم توفر الخدمات، وإنما كذلك من ارتفاع الأسعار وتخلف في دفع الرواتب للموظفين والمتقاعدين. هذا في الوقت الذي يزداد فيه ثراء الطبقة الحاكمة بشكل ليس له مثيل في العالم، حتى صار يضرب المثل بالفساد الإداري في العراق.
وهذه هي الأسباب الحقيقية، التي دفعت بالجماهير العراقية إلى الانتفاضة ضد الفئة الحاكمة مطالبة بإلغاء النظام الطائفي التحاصصي ككل وبإقامة نظام ديمقراطي يعتمد مبدأ المواطنة. وما كان رد فعل الفئة الحاكمة إلا سياسة القمع والتنكيل، التي تنفذها ليس القوى الحكومية فقط وإنما المليشيات المسلحة الموالية لإيران.
أن حادثة مستشفى ابن الخطيب تبين مرة أخرى صحة وأحقية مطالب الانتفاضة، التي تدعوا إلى أجراء انتخابات حرة ديمقراطية تحت أشراف الأمم المتحدة، يسبقها سن قوانين ديمقراطية للأحزاب وللانتخابات، تضمن مبدأ النزاهة والمساواة، وإلى ضمان الحماية الكافية للمشاركين بالانتخابات من أشخاص وأحزاب بحل المليشيات المسلحة وحصر السلاح بأيدي الدولة.
اننا في الوقت الذي نعرب فيه عن خالص التعازي والمواساة لاسر الضحايا والجرحى الأبرياء وبالشفاء العاجل لكل المُصابين الذين تعرضوا للحادث المفجع.. نطالب الحكومة ومجلس النواب بتشكيل لجنة محايدة ومتخصصة للتحقيق بأسباب وقوع الحادث واتخاذ الإجراءات اللازمة ومحاسبة المقصرين ومن يقف ورائهم.
منتدى بغداد للثقافة والفنون
29/4/2021