كذبة (إسقاط النازية في أوكرانيا) كمبرر للحرب !
الكاتب : دانيال فيرجارا
ترجمة : محمد ناجي
قدم فلاديمير بوتين عدداً من المبررات لإضفاء الشرعية على حربه التوسعية في أوكرانيا . أحدها هو اتهام أوكرانيا بوجود نظام نازي يعرض الروس للإبادة الجماعية . الادعاءات سخيفة وليس لها أساس في الواقع . تحدثت (إكسبو) مع الباحث (بير أندرس رودلينج ) وذكر أن بوتين يتبع تقليداً للكرملين في الإشارة إلى خصومه على أنهم فاشيين .
ربما يكون هناك قلة ممن يأخذون كلمات فلاديمير بوتين على محمل الجد ، وأن روسيا ، التي احتجزت أمس الآلاف من مواطنيها بسبب احتجاجهم على الحرب غير الشرعية ، ستكون حصناً ضد الفاشية والنازية ومن أجل الحرية . ومع ذلك ، عندما غزا البلد المجاور ، أعلن أنه سيوقف الإبادة الجماعية للروس وخلع النازية من أوكرانيا . اتهامات بوتين تحمل بداخلها تناقضات .
– الأمر بهذه البساطة ، ها هو المستبد يبدأ حرباً عدوانية ويختلق سبباً لإعلان الحرب . الحجج التي يطرحها متناقضة . فمن ناحية ، الأوكرانيون ليسوا شعباً حقيقياً ، ولكنهم كيان اجتماعي ، وأوكرانيا هي في الواقع أراضي روسية تخلى عنها لينين . إذن وفقاً لبوتين ، فالأوكرانيون روس . لكنهم من ناحية أخرى ، متهمون بارتكاب إبادة جماعية ضد الروس . هذا يقودنا إلى طرح السؤال : إذا كانت إبادة جماعية يرتكبها الأوكرانيون ضد الروس ، فهذا يعني أنهم يشكلوا شعباً آخر – إذا لم يرتكبوا إبادة جماعية بحق أنفسهم ، هذا ما يقوله بير أندرس رودلينج ، المؤرخ في جامعة لوند .
أوكرانيا دولة ديمقراطية
على عكس روسيا وحليفتها بيلاروسيا ، أوكرانيا دولة ديمقراطية . الجماعات اليمينية المتطرفة في البلاد ، التي شوهدت خلال احتجاجات ميدان في عام 2014 ، لعبت دوراً مهماً ، لكنها لم تنجح في الاستفادة من اهتمام الرأي العام .
شغل حزب سفوبودا (الحرية) اليميني المتطرف في البداية مناصب مهمة في الحكومة المؤقتة الأولى . لكن في انتخابات ذلك العام ، خرج المتطرفون اليمينيون من البرلمان عندما فشلوا في تجاوز حاجز 5٪ الانتخابي .
– هناك عدد قليل من أعضاء سفوبودا اليوم في البرلمان ، وهم منتخبين من قبل دوائر انتخابية فردية ، وايضا شخص من الحزب الراديكالي . يقول رودلينج إنهم هامشيون للغاية .
– تم انتخاب الرئيس فولوديمير زيلينسكي بنسبة 73 في المائة من الأصوات ، وذلك على أساس برنامج غير أيديولوجي بالكامل . لديه أجندة ضعيفة تميل نحو الرغبة في الانضمام إلى الناتو ومحاربة الفساد . هذا ما يقوله من حيث المبدأ . ولا يوجد أي تلميح للنازية في برنامجه . كما أنه يتحدث الروسية وينحدر من أصول يهودية .
مراجعة التاريخ الأوكراني
ومع ذلك ، هناك مشاكل في أوكرانيا مرتبطة بمراجعة التاريخ حول الحرب العالمية الثانية .
– لديهم أبطال ورموز تاريخية من ثلاثينيات واربعينيات القرن الماضي من منظمات وأشخاص ارتكبوا جرائم قتل جماعي للبولنديين واليهود ولم يتم التعامل مع هذا التاريخ . أيد سلف زيلينسكي ، بوروشنكو ، التأريخ التحريفي الذي أضفى الشرعية على اليمين المتطرف . المفارقة هي أن إعادة تأهيل اليمين المتطرف تمت من قبل سياسيين كانوا ديمقراطيين ومؤيدين للغرب .
تقليد اتهام المعارضين على أنهم فاشيين
إن كون ذلك من شأنه إضفاء الشرعية على حرب بوتين هو أمر مثير للسخرية ، كما أن مصداقية مناهضة الكرملين للفاشية ، أقل مايقال عنها انها متدنية . حرباً بعد اخرى ، حاول الكرملين إضفاء الشرعية عليها بادعائه الوقوف في وجه الفاشية . الشيء الجديد في خطاب بوتين هو أنه يتحدث عن النازية . لم يفعل ذلك قادة الاتحاد السوفياتي . كان السبب أن الاشتراكية القومية تحتوي على مفهوم الاشتراكية .
– خلال الحقبة السوفيتية ، تحدثوا عن فاشيي هتلر . وكانت الاشتراكية القومية كمفهوم قريبة جداً منهم ، أما بوتين فهو ليس بحاجة إلى إضفاء الشرعية على الاشتراكية ، لذا يستخدم مصطلح النازية ، كما يقول بير أندرس رودلينج .
– تستخدم كلمة فاشية على نطاق واسع في روسيا . اعتقد النظام السوفيتي أن جدار برلين كان بمثابة “سد ضد الفاشية” ضد الغرب . عندما غزا الاتحاد السوفييتي تشيكوسلوفاكيا في عام 1968 ، كان ذلك مرة أخرى بحجة الدفاع عن نفسه ضد الفاشية . عندما قاموا بغزو المجر ، كان ذلك أيضاً كرد فعل عنيف ضد الفاشية . يعود هذا إلى الوراء إلى ما قبل الحرب العالمية الثانية ، ويتابع : هناك تقليد لوضع الختم الفاشي على كل ما لا يحبونه .
لا يخاطب بوتين جمهوراً في العالم الخارجي فحسب ، بل يتحدث أيضاً إلى شعبه . تستند الدعاية في روسيا منذ سنوات إلى تصوير فلاديمير بوتين على أنه القائد العظيم الذي يحارب الفاشية . لكن القول بأن الحرب ضد أوكرانيا هي عملاً معادياً للفاشية هو ، بالطبع ، كذبة دعائية محضة .