لغة الاغتيال في عهد صدام والاحزاب السياسية الاسلامية بعد2003!!
متي كلو
يقول مثل كيني : إذا كان بالمستطاع أن تشتري القاضي ، فلماذا تلجأ إلى المحامي ؟
اعتقلت السلطات العراقية في فجر يوم 26 أيار سنة 2021، احد قادة الحشد الشعبي”قاسم صالح” بموجب مذكرة القاء القبض الصادرة من مجلس القضاء الأعلى وفقاً للمادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب ولكن تم اطلاق سراحه من قبل المحكمة التي احيل اليها ملف الدعوة من قبل اللجنة التي شكلها مصطفى الكاظمي للتحقيق معه بعد فترة قصيرة ، لعدم ثبوت الادلة وفق ما جاء في البيانات التي نشرت في الاعلام ومنصات التواصل الاجتماعي!!
لا يختلف اثنان بان اي قضية لا تحال الى القضاء من قبل الدولة او القيادة العامة للقوات المسلحة ما لم تكون هناك ادلة دامغة ولا تقبل الشك وخاصة اذا كانت القضية تخص شخصية تابعة لجهة سياسية و”عسكرية” واحد قادة الحشد الشعبي للتحقيق معه ، ولا يشك احد بان مصطفى الكاظمي كان على اطلاع كامل بالادلة لتجعله يامر باعتقاله و تشكيل لجنة تحقيقية مع قاسم صالح واحالته الى المحاكم المختصة، وفور اعتقاله هدد عدد من قادة فصائل الميلشيات التابعة للاحزاب السياسية الاسلامية حكومة الكاظمي واللجنة التحقيقية بالويل واقتحمت هذه الفصائل المنطقة الخضراء وتطويق منزل مصطفى الكاظمي وبعض المؤسسات الحكومية في هذه المنطقة ولهذا تدخلت وضغطت هذه المليشيات لاطلاق سراح المتهم ، لان لو لم تكن تلك الادلة دامغة لما تدخلت تلك الجهات،واصرارها على اطلاق سراحه حتى لو كانت بالقوة وربما فكرت بان تسحب الثقة عن الحكومة عن طريق البرلمان الذي اغلب اعضائه من”الميشليات الحاكمة !!
من خلال المصدر الرسمي الحكومي اتضح للشعب العراقي بان اطلاق سراح قاسم مصلح ليس لعدم ثبوت الادلة كما اشيع لان المصدر الحكومي كان واضحا حيث جاء فيه إن “إطلاق سراح مصلح جاء بسبب ضغوطات على القضاء”، مؤكدا أن “الحكومة قدمت أدلة وتسجيلات تدين مصلح، كما أن هناك اعترافات له (مصلح)، لكن القاضي اعتبر أن كل هذه الادلة غير كافية”!! هل يعقل احد بان الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة يعتقل”احد” بدون ان تكون الادلة دامغة ولا تقبل الشك، ولكن القضاء العراقي اخلى سبيل المتهم”بسبب ضغوطات” والرائ العام العراقي يعلم جيدا من اين جاءت تلك الضغوطات! جاءت من الفصائل الميلشياوية التي تملك السلطة والمال والسلاح والتي تنفذ اجندة الاجنبي و فرض وجوده على الساحة السياسية والاقتصادية ، ولهذا انصاع القضاء العراقي لهذه الضغوطات اي ان فيروس الفساد تسرب بقوة الى الاجهزة القضائية كما تسرب الى مفاصل الحياة الاخرى،ولكي يسدل الستارة على هذه القضية، فاعتقدت هذه الميلشيات بسذاجة ان المخرج بان المتهم كان خارج العراق لابعاد الشبهات حول ذلك ،بالرغم من اعتقال اشخاص اخرين بعد التحقيق مع قاسم مصلح، وسؤالنا هل وجود المتهم خارج العراق ينفي ضلوعه في الجريمة ! هنا نريد ان نذكر القارئ الكريم بان والدة الشهيد ايهاب الوزني عندما اتهمت قاسم مصلح لم ياتي الاتهام اعتباطا بل ما تفوه به قاسم مصلح بتصفية ولدها امام شهود عيان، اليس هذا دليلا باتهام مصلح واحالته الى المحاكم المختصة.
نشاهد بين حين واخرمقابلات ولقاءات تلفزيونية مع عدد من المحللين السياسيين في الشان العراقي وتكرار قولهم”لا نشك بالقضاء العراقي”!! ولكن اتضح وثبت قطعا بان القضاء العراقي اخترقه الفساد من كافة جوانبه، وان هؤلاء الذين لا يشكون بعدالة القضاء العراقي هم من المتملقين والكذابين والمنافقين، لان عندما نقول بان الفساد اخترق كافة مفاصل الدولة فان القضاء احد مفاصل الدولة واصبحت الاحزاب السياسية الدينية العراقية وميلشياتها تسيطر على القضاء سيطرة تامة تماما كما كانت اجهزة المخابرات العراقية و الامن الخاص في العهد البائد تسيطر على قرارات المحاكم وتختال المعارضين في الداخل والخارج!!
المعيب والمخجل بان يصدر بيان من جهة رسمية بان الادلة التي قدمتها الحكومة لا تدين المتهم، ولكن اذا لم يكن هو الذي قام بتصفية الوزني وفاهم الطائي، اكيد احد ازلامه، وكما نعلم بان جميع رؤساء العصابات في العالم تختال وتصفي الاخرين عن طريق ازلامها وليس بالضرورة ان تكون هي المنفذة، وسؤالنا هل ان صدام حسين اغتال حردان التكريتي في الكويت عام 1971 بيده ام عن طريق ازلامه ؟ هل طرق صدام حسين باب دارالقيادي الكردي صالح اليوسفي ليسلمه طرد بريدي لينفجر بعد ثواني ويقع صريعا في منزله ؟ هل قام صدام حسين باغتيال المعارض طالب السهيل في لبنان من مسدسه ام عن طريق ازلامه !!هل ذبح صدام حسين فؤاد الركابي بسكين في سجن بعقوبة ام عن طريق ازلامه! هل اغتال صدام حسين عبد الكريم الشيخلي وزير الخارجة الاسبق، ام عن طريق احد ازلامه عام 1980 وهناك اسماء كثيرة اغتالهم ازلام النظام السابق ومنهم محمد باقر الصدر عام 1999 وناصر الحاني وزير الخارجة الاسبق والمئات من الشيوعيين والبعثيين المناوئين للسلطة انذاك.
ان لغة الاغتيال كانت لغة التعامل في النظام السابق مع المعارضين وكل من ينادي بالحرية ولهذا نرى ان الاساليب التي استخدمها صدام حسين لتصفية معارضيه، فان احزاب السلطة العراقية بعد 2003 تستخدم نفس الاساليب وربما ابشع واكثر قسوة، وخاصة مع الاعلاميين والنشطاء في ساحات الاعتصام و شباب ثورة تشرين الخالدة لاسكاتهم وانهاء ثورتهم وعشرات من الاعلامين والنشطاء.
ان اساليب القمع التي تمارسها الاحزاب السياسية الاسلامية العراقية بحق الاحرار من ابناء الشعب العراقي لم تعد تنطلي على احد والحقائق اصبحت واضحة للجميع، بانها المهيمنة على الساحة السياسية والاقتصادية ودور الحكومة ليس سوى تنفيذ اجندات هذه الاحزاب، وتصريحات ووعود مصطفى الكاظمي الكاذبة المتكررة نتج عنها ازمة ثقة بينه وبين الجماهير العراقية التي كانت تنتظر منه العمل من اجلها ولكن الكاظمي اصبح حاله كحال اي نائب فاسد في برلمان مزيف ، ولكن لا زالت تلك الجماهير تعول على استمرار انتفاضة شباب تشرين ليقتحموا “الخضراء” كما اقتحم شباب رومانيا مقر رئيس البلاد نيكولاي شاوشيسكو عام 1989 واللبيب بالإشارة يفهم !!
mattikallo@hotmail.com