عادل حبه ـ لماذا هذه النفرة تجاه رجال الدين، ولماذا حدث ذلك في إيران؟
موقع “راه توده” الإيراني- ترجمة عادل حبه
تمت المصادقة على إجراء انتخابات مجلس الشورى في دورته الحادية عشر بشكل كامل وبهندسة كاملة، وخرجت من جرة مجلس صيانة الدستور هذا المجلس الذي اعتبره المرشد أنه مجلس ثوري، علماً أن غالبية الشعب لم تصوت له ولا يعيروا أية أهمية له. وحتى الآن، وبعد مرور ما يقرب من 11 شهراً من تشكيله، لم ينجز هذا المجلس شيئاً سوى التخريب والمواءمة مع حكومة الظل.
إن مناقشتنا ليست سوى تكراراً للقضايا المذكورة أعلاه وتقريباً جميعها، والجميع على دراية بها بهذا القدر أو ذاك. والنقاش يدور حول أنه لا يمكن لأية حكومة أو أن تدير ظهرها قبال ما يحدث في شوارع المجتمع. وحتى في ذروة ديكتاتورية الشاه، كانت هناك آهات رتيبة في مجلس الشاه والتي تحولت إلى صرخة في عام 1978 وخاصة في عام 1979. هذا هو أحد الأسباب والحجج التي دفعتنا إلى المشاركة في الانتخابات، حتى في الانتخابات الأكثر انغلاقاً والأكثر رقابة. وقد رأينا كيف تأثر داخل المجلس في دورته الحادية عشر، بأشكال مختلفة، بالأزمة العامة في البلاد والاحتجاجات المتواصلة للشعب، وإرتفعت أصوات مؤيدة للشعب. هذه الرتابة في الأصوات لا تنعكس ولن تنعكس في ظل جلبة اليمين الرجعي الذي دخل المجلس، لكن هيمنة الأصوات الأجادية لا يمكن أن تستمر في حال استمرار حركة التغيير الشعبية.
بهذه المقدمة نود أن ننشر مذكرة نائب المجلس”محمد تقي أكبر نجاد” الذي حاصره المتظاهرون عن غير قصد أمام البرلمان هذا الأسبوع. وكتب قائلاً:
“عقدنا امس اجتماعاً في مجلس الشورى الاسلامي. وكانت الساعة حوالي الثانية عشرة عندما وصلنا إلى باب المجلس. وعلى خبلف بعض الحالات السابقة، كانت هذه المرة البوابةمزدحمة حيث تجمع الناس. بالطبع، كان معظمهم من الرجال والنساء العجائز. كانت الشرطة حاضرة والوضع تحت السيطرة.
لم يكن هناك سوى ملا واحد في هذا الحشد، وكان هذا الرجل هو أنا. كانت هيأتي تبدو كعضو في المجلي. سألت رجلاً عجوزاً من بين المحتشدين بلطف: لماذا أنتم مجتمعون هنا؟ لكني لم أكن أعلم أنني أشعلت مستودعاً للبارود جراء هذا السؤال!
بدأ الرجل العجوز الحديث وقال أننا متقاعدون عسكريون ونعلم. أقر مجلس الشورى منذ عشر سنوات قانوناً يقضي بمساواة رواتبنا برواتب العمال، ولكن هذا القانون لم ينفذ حتى الآن.
في هذا الوقت، تقدمت امرأة تبلغ من العمر 55-60 عاماً ، كانت في حالة صدمة ولكنها لم تفقد الأمل، وسألت بحدة: “هل أنت عضو في المجلس؟ قلت لا. أنا مراجع مثلك! قال: يا سيدي، بلله عليك هل تستطيع الوصول إلى هؤلاء وتقول لهم: كنت مخطئة فذهبت إلى سلك التعليم. كان علي الذهاب إلى دار الشحاذين والمتسولين! أخبر السيد خامنئي، أخبر الرئيس، أخبر أي شخص يمكنك الوصول إليه، نحن حقًا مقطوعين. لا نريد هذه الثورة. نحن متنفرين منكم أيها الملالي!”.
ثم إنبرى رجل ملتحي طويل القامة في منتصف حديث السيدة، وبينما كان غاضباً من الكلمات التي خرجت من لسانه ، استقام وبسط يديه يميناً ويساراً ، كما لو كان يتجادل. قال: “كنت فخوراً بكم يوماً ما”. رأيت رجل دين في الشارع وقبلت يده. لكن الآن لست فخوراً بكم، لكني أمقتكم. أنا أكرهكم. سيدي، أنا أكرهكم. لقد جلبتم لنا كل هذه المصائب.
لم يكمل الرجل العجوز كلامه، وإنبرت امرأة تبلغ من العمر 60 عاماً وقالت بفخر على بعد خطوتين: حجي، يا سيدي ، ضع رداءك في الصندوق، الناس متعطشون لدمكم !!!. استمعت بهدوء إليها وأعربت عن تعاطفي معها.
قدم رجل عجوز حاملاً بضاعته وصادف هذا المشهد. لبضع لحظات، استمع إلى كلمات إحدى النساء المتظاهرات التي واجهتني بالصراخ، وبنظرة مثيرة بدت وكأنه يسخر منها، التفت إلى السيدة وقال: “مع من تتحدثين !” هل تعتقدين أن هذا الرجل سيقدم العون لك!! وذهب!
لقد غلبت الحدة والعصبية على المتظاهرين لدرجة أنهم قد يهاجمونني إذا أخطأت، وعلى سبيل المثال ، فقدت أعصابي أو تلفظت بكلمات تتعارض مع كلامهم. وبعد أن ودعتهم وابتعدت، قلت لنفسي:
عجيب !! إلى هذه الدرجة بلغت كراهية مواطني العاصمة تجاهنا ؟! إنهم يكرهوننا لدرجة أنه حسب المرأة المحتجة يجب أن نضع عباءاتنا في التوابيت ؟!
الله أعلم، في تلك اللحظة إنقبض صدري، ورحت أصرخ في دواخلي:
لماذا لا يريد كبار القوم والحوزة أن يصدقوا مقدار التعب الذي أصاب الناس؟! كيف يغضون الطرف عن كل هذه الآلام ويسهل عليهم تجاهلها جميعا ؟! لماذا لا يريدون الإحساس بالخطر الكبير الذي يتهدد الثورة والبلاد؟
بالأمس شعرت بكل ما في داخلي أن صبر الآخرين قد نفد، نعم ، الفقر والفساد والدعارة واليأس سيهدد مستقبل الثورة والبلد، وهذا هو سجل أداء مسؤولي النظام الذي دام أربعة عقود.
حقا لماذا يكرهوننا؟! ”
حقاً قال الأمام محمد الباقر” لا أخاف على أمتي من حاكم مستبد، بل أخاف على أمتي من أئمة ضالين “