فيلم ” مسز تشاترجي ضد النرويج ” تسلط الضوء على سلبيات نظام حماية الطفل في النرويج
Film Mrs Chatterjee vs Norway
علي المسعود
لا يعد إجراء سحب أطفال العوائل المهاجرة أمرا جديدا في الدول الاسكندنافية، شأنها في ذلك شأن معظم الدول الأوروبية الموقعة على اتفاقيات أممية لحماية حقوق الطفل، لا يقتصر تطبيق هذا الإجراء على الأسر المهاجرة، بل يشمل عائلات من كافة شرائح المجتمع الاوروبي ممن “يثبت سوء معاملتها لأطفالها “، لكن القضية برزت بشكل واضح في السنوات الأخيرة. ويفسر البعض أسباب تصاعد الحديث عن قضايا سحب الأطفال مؤخرا بارتفاع عدد الأسر اللاجئة إلى أوروبا من مجتمعات متباينة، إضافة للفجوة الثقافية والاختلافت الجذرية في أساليب تربية الأطفال وهذه مجرد مقدمة للقصة الحقيقية التي تشكل الأساس لفيلم” السيدة تشاترجي ضد النرويج “.
الفيلم من إخراج “أشيما شيبر” يستند اإلى القصة الحقيقية لساجاريكا تشاكرابورتي وزوجها أنوروب وتدور أحداثه بين النرويج والهند . يركز على أم شابة (أعيدت تسميتها ديبيكا تشاترجي ولعبت دورها راني موكرجي) التي تبدو أنها سعيدة بزواحها من أنيرود (أنيربان بهاتاشاريا) ومسؤولة على رعاية طفليها الصغيرين . لكن عائلة تشاترجي تخضع لمراقبة خدمات رعاية الطفل النرويجية (بارنيفرنت) المشار إليها في الفيلم باسم ” فيلفريد ” . فيلم “السيدة تشاترجي ضد النرويج” حكاية أم مهاجرة هندية شنت معركة حضانة لمدة عامين (من 2011 إلى 2013) ضد حكومة النرويج لاستعادة حضانة ابنها وابنتها وتعمدت المخرجة في الفيلم تغيير أسماء الأشخاص الحقيقيين . شاركت المخرجة شيبر وسمير ساتيجا وراهول هاندا في كتابة سيناريو الفيلم . عندما انتشرت قصة ساجاريكا تشاكرابورتي في وسائل الإعلام منذ أكثر من عقد من الزمان ، كانت ساجاريكا وزوجها أنوروب يعيشان في النرويج في ذلك الوقت وجدا نفسيهما موضوعا لعناوين الصحف التي تروج للممارسات المرفوضة مع الاطفال ، وحكاية فصل الاطفال عنهما من قبل خدمات حماية الطفل الصارمة في البلاد على أساس أن ساجاريكا كانت أما غير صالحة ، ومن خلال الأسباب التي قدمت في بعض ادعاءاتهم التي ظهرت في الصحافة التي عكست جهلا واضحا بالثقافة الهندية ، بعد ذلك بدأت معركة طويلة لسنوات ، أولا مع السلطات النرويجية وبعد ذلك مع زوجها وعائلته بعد أن تخلى الزوج أنوروب علنا عن زوجته في مرحلة ما .
يبدأ الفيلم بمشهد تظهرالسيدة ديبيكا تشاترجي (التي لعبت دورها راني موكرجي) وهي تركض صارخة باكية من منزلها في ستافنجر في النرويج خلف سيارة منظمة الرعاية التي (خطفت الاطفال) . وتطارد سيارة الأخصائيين الاجتماعيين النرويجيين الثلاثة العاملين في فيلفريد ( خدمة رعاية الطفل الوطنية في النرويج ) الذين أخذوا طفليها ، ابنتها شوتشي البالغة من العمر 5 أشهر التي تعيش مع مرض التوحد (التي تلعبها إيرها علي) وابنها شوبا البالغ من العمر 4 سنوات (الذي يلعبه يوفان فانفاري) ، ولإضافة المزيد من الدراما ولجعل ديبيكا تبدو أكثر إثارة للشفقة ، تسقط في الشارع بينما يسرع الأخصائيون الاجتماعيون . يكشف فيلم “السيدة تشاترجي ضد النرويج” كيف ولماذا فقدت ديبيكا وزوجها أنيرودها تشاترجي (الذي يلعبه أنيربان بهات شاريا) حضانة أطفالهما.
ديبيكا وأنيرودها كلاهما جاءوا من الهند لاجئين لكن أطفالهما ولدوا في النرويج. يعمل الزوج أنيروديا في منصة بترولية في النرويج وأغلب الوقت يكون خارج البيت ، في حين تكون الزوجة ديبيكا ربة منزل رغم مؤهلها الجامعي وتفوقها في بلدها الأم . وديبيكا التي تستخدم يدها بدلا من الملعقة لإطعام الطفل وكذالك الأطفال ينامون في نفس السرير مع الوالدين ، والأم لا تواكب واجبات الطفل المدرسية ، والزوج المسيء المزعوم الذي لا يساعد زوجته في الأعمال المنزلية ، كل هذه الأسباب جعلت من عائلة تشاترجي غير موثوقين بهم وغير مؤهلين لرعاية الأطفال . تصبح الاختلافات الثقافية والممارسات الأبوية المتعارضة تماما العصا التي وضعت بين العجلات . بعد شكوى بشأن العنف المنزلي ، خضعت العائلته للمراقبة من قبل منظمة رعاية الطفل النرويجية ( فيلفريد) . الزوجة ديبيكا ربة منزل وأم لطفلهما الصغير والمرضع ولم تستطيع الأندماج مع المجتمع النرويجي على العكس زوجها ، فهي لا تتحدث النرويجية وتعرف القليل من اللغة الإنجليزية ، وفي المنزل تكون محادثاتهم هي مزيج من الهندية والبنغالية . إنها زوجة هندية تقليدية رغم تملك مؤهل جامعي من بلدها لكنها أرتضت أن تتنازل عن سعيه في إثبات وجودها وأصبحت فقط ربه بيت . زوجها التنفيذي لميناء الشحن أنيربان يعمل ، وهي تبقى في المنزل لتربية الأطفال وتنظيف المنزل وإعداد الوجبات ، وهذه ليست وظيفة الرجل كما يقول الزوج أنيربان . أعتبرت منظمة الطفولة ( فيلفريد ) الأم ديبيكا أما غير صالحة والأب أنيرود زوجا غير نافع .
يلاحظ الأخصائيون الاجتماعيون الذين يقضون شهورا في مراقبة العائلات المهاجرة ذلك، ويتساءلون عما إذا كان هذا هو “اختيار” ديبيكا. يسمعون بأنه مزاجي ويمكنهم رؤية المنزل غير منظم ومزدحما بالألعاب . ونرى أنوفهم ترتفع وحواف أفواههم تنخفض عندما يرون ديبيكا تخلط بعض أطباق اللبن الرائب بأصابعها وتطعمه بنفس الأصابع في فم طفلها البالغ من العمر خمس سنوات . أسوأ كابوس للوالدين عندما يتم التشكيك في عاطفتهم ومهارة الأم كمربية ويتم تدمير قيمتها الذاتية بناء على أدلة تعسفية على ما يشكلك في صدق الأبوة والأمومة ، قد تكون المعايير الثقافية مثل إطعام طفلك بيديك بدلا من استخدام أدوات المائدة ، والنوم المشترك مع الأطفال الصغار ، ووضع نقطة سوداء على وجوههم لدرء العين الشريرة معايير ثقافية بريئة ، لكن هذه الممارسات تعتبر قاسية ووحشية من قبل السلطات النرويجية التي تعتقد أن الأطفال غير آمنين بطبيعتهم في منزل هندي يرعاه زوج أناني وأمرأة بنغالية متخلفة ، إنه لأمر صادم للغاية أن يمارس مسؤولوا رعاية الأطفال في دولة ما الكثير من السلطة لدرجة أن الآباء الطبيعيين في بلد أجنبي يضطرون إلى التخلي عن أطفالهم ومنحهم لعوائل أخرى لغرض التبني . هناك صدمة وكذالك سوء فهم ثقافي ، لعائلة مهاجرة تفشل في التوافق مع موطن الأغتراب وإانتزاع الأطفال من والديهم ووضعهم في دار رعاية . إنها تجربة مرعبة وتتفاقم صدمتهم بسبب الاتهامات الموجهة ضد الوالدين بسبب الممارسات التي تعتبرها العائلات الهندية “طبيعية”. ولكنها تطبع الاشمئزاز والدهشة على وجوه نساء رعاية الطفل مما يبرز الهوة الثقافية الواسعة .
الأولوية القصوى للزوج أنيرودها في الحياة هي الحصول على الجنسية النرويجية . لذلك لا يريد أن يفعل أي شيء من شأنه أن يعرض طلبه للرفض ومن ثم الأبعاد . ويبدو أن للزوج والزوجة مختلفان جدا في كيفية التعامل مع الحكومة النرويجية بعد أن تأخذ الحكومة طفليهما . كان على المرشدة الاجتماعية سيا لارسن (التي تلعبها كارت تاميارف) وزميلتها ماتيلدا ماغنوسون (التي تلعبها بريتا سول) زيارة منزل تشاترجي كل أسبوع لمدة شهر واحد لمقابلة ديبيكا وأنيرودها ومتابعة كيفية تعامل هؤلاء الآباء مع أطفالهم . ومن خلال هذه الزيارات لاحظت كل من سيا وماتيلدا أن الام ديبيكا تتحمل المسؤولية بشكل كبير في رعاية الأطفال ، ويبدو أن الزوج متنصل من هذا الأمر . تحاول الأم ديبيكا إقناعهم بطبيعة الحياة في بلدهم الأم ومجتمعهم الذي تربوا فيه وجاءوا منه بأن المرأة يقع على عاتقها مسؤولية القيام بجميع الأعمال المنزلية ورعاية الأطفال . في حين تكون مسؤولية الزوج هو تدبير مصدر دخل الأسرة . يسأل سيا وماتيلدا الأب أنيرودها عما إذا كان قد عرض مساعدة ديبيكا في مسؤولياتها المنزلية ، فيقول بشكل دفاعي إلى حد ما ” أنا أعمل وهي تعتني بالمنزل وبالأطفال “. توضح سيا وماتيلدا أن هذا الموقف الأبوي غير مقبول للغاية في النرويج التي تعزز ثقافة المساواة بين الجنسين في جوانب المجتمع المتعددة . أما بالنسبة لمسألة إطعام الأطفال بأيدي عارية هي حالة من التآلف مع الطفل والتودد له ، تؤكد ديبيكا لهؤلاء الأخصائيين الاجتماعيين أن يديها نظيفة دائما عندما تطعم الأطفال . ومع ذلك ، فهي تعترف بأن الناس في النرويج قد لا يفهمون هذه العادة الهندية . تقول ديبيكا إنها ستطعم أطفالها بالأواني في الأماكن العامة ، حتى لا تسيء إلى أي نرويجي .
هناك أيضا تلميحات عن العنف المنزلي ، وهي تهمة نفاها بشدة زوج ديبيكا أنيرود (الذي يلعبه أنيربان بهاتاشاريا) ، الذي صمم على أن يكون مواطنا نموذجيا بينما ينتظر جواز سفره النرويجي . لكن لا أحد يقول ذلك بصوت عال لأن ديبيكا وأنيرودها يريدان من مسؤولي رعاية الأطفال هؤلاء أن يعطوهم تقييما جيدا ثم يتركون الأسرة وشأنها . ومع ذلك ، خلال إحدى هذه الزيارات ، تكشف أسئلة المقابلة أن الحياة الزوجية بين ديبيكا وأنيرودا ليست سعيدة كما يعتقد الأخرون . تعترف ديبيكا على مضض بأنزوجها لديه مزاج سئ أحياناّ بسبب ضغط العمل ويكون تصرفه معها خشنا بعض الشئ. هذا الحديث العفوي هو أكثر مدعاة للقلق من قبل مسؤولي رعاية الطفل . لم يستغرق الأمر وقتا طويلا قبل أن تخبر سيا وماتيلدا أنيرودها وديبيكا مسؤولة كبيرة في فيلفريد تدعى أليس رامسفيورد (الذي تلعبه تينا تورايت) وهي طبيبة نفسانية أيضاً ب( تجاوزات) الوالدين، ستأتي من أوسلو للانضمام إلى سيا وماتيلدا في الزيارة التالية إلى منزل تشاترجي . وهذا هو اليوم الذي يختطف فيه أليس وسيا وماتيلدا الاطفال شوبا وشوتشي بعيدا دون سابق إنذار . سرعان ما يضعان الطفلان فيلفريد شوبا وشوتشي في دار رعاية تابع للدولة .
يتابع الفيلم سرد حكاية السيدة تشاترجي ومعركتها في إستعادة أطفالها . تعين المحكمة محامي يدعى سونيل كابور (الذي يلعبه ناميت) ، ولا يستمر طويلا في القضية ولا يساعد أن ديبيكا مما يجعل الأمور أكثر صعوبة بالنسبة لها. المحامي الرئيسي الذي يمثل فيلفريد / الحكومة النرويجية هو دانيال سينغ سيوبيك (الذي يلعبه جيم ساربه) ، وهو متعجرف إلى حد ما ويريد كسب القضية بأي ثمن كان ، تدخل ديبيكا أيضا في مشادات جسدية مع الأهل والبوليس . في حين يتعين عليها ضبط النفس أثناء نوبات غضبها حتى لاتفقد فرصة استعادة الأطفال . ما هو فظيع للغاية هو أن الفيلم يجعل هذا العنف يبدو مقبولا لأنها “أم تقاتل من أجل أطفالها”. لكن الطرق العنيفة التي تنتقدها ديبيكا كلها تأتي بنتائج عكسية لأن ديبيكا تجعل نفسها تبدو وكأنها أم غير مستقرة عقليا . بعبارة أخرى ، فإن مزاج ديبيكا ” العنيف ” واستعدادها
لارتكاب تجاوزات خطيرة من أجل استعادة أطفالها ينتهي بهم الأمر إلى الإضرار بقضيتها (وأطفالها) على المدى الطويل .
عند زيارة وزيرة الشؤون الخارجية الهندي فاسودا كامات (الذي تلعب دوره نينا جوبتا) الى النرويج لتعزيز التعاون بين الدولتين الهند والنرويج التي تدها الأم فرصة ذهبية لطرح قضيتها ، وفي المؤتمرالصحفي للوزيرة في العاصمة أوسلو تقاطعها الام الموجوعة وتطلب مساعدتها في إعادة أطفالها. ويصبح نضال الأم مسألة شرف وطني ، حيث تستعرض الهند عضلاتها بوجه النرويج بسبب صفقة الاتصالات ، وفعلا بعد عودتها تطلب من الحكومة النرويجية إعادة النظر في قضية السيدة تشاترجي . في عام 2011 تصدرت قصة ساجاريكا تشاكرابورتي وزوجها أنوروب بهاتاشاريا عناوين الصحف في الهند وأدت إلى أزمة دبلوماسية بين الهند والنرويج عندما أخذت إدارة رعاية الطفل النرويجية طفليهما . الفيلم في الغالب يركز على السيدة تشاترجي ولا يتعمق في شخصية الزوج لأنيرود المهووس بطلب الجنسية الخاص به ، لايتأثر عندما يتم نقل الأطفال فجأة من قبل منظمة تدعي أنها مهتمة برفاهية هؤلاء الأطفال . لديه القليل من الاحترام والمودة لزوجته ، والمشكلة أنه يضع اللوم عليها ويلومها على هذه الكارثة . في أول ظهور له في الفيلم الهندي يبذل الممثل أنيربان بهاتشاري قصارى جهده ، على الرغم من كونه مثقلا بشخصية مصممة لتكون غير محبوبة . تستعين عائلة تشاترجي بمحامين ، لكن الهستيريا والأفعال غير العقلانية للأم تفشل جهودهم وتخرجها عن مسارها نحو لم شملهم مع أبناءها أكثر من مرة .
في الجزء الأخير من الفيلم ، تنتقل الأحداث إلى مدينة كلكتا عندما يتم تسليم حضانة الأطفال إلى صهر ديبيكا السيئ من أجل الاستحواذ على مساعدات الاطفال المالية . لكن ديبيكا لم تنته بعد ولم تستسلم وتنجح في التحرك نحو أعادة المحكمة مرة أخرى. تمنح قضية المحكمة في كلكتا السرد جرعة من الطاقة والشد ولا سيما مشاركة المحامين المتعارضين ، الدفاع وتعرضها الممثلة (بالاجي جوري) التي تلعب دور محامية ديبيكا و المممثل جيم ساربه الذي يمثل محامي حكومة النرويج . في هذه اللحظة تشعر هيئة المحكمة أخيرا بديبيكا وحزنها ويأسها وهي تجلس صامتة تحبس دموعها في انتظار دورها في الكلام ، وعند اشارة القاضي لها بالكلام تتحدث بقلبها المفجوع متوسلةّ القاضي في أعادة الاطفال الى حظنها . وأخيرا تنجح في اقناع القاضي وهيئة المحكمة في لم شمل أطفالها .
هناك العديد من الأفلام المبنية على قصص حقيقية عن نظام الرعاية في دول اللجوء الاوروبية ، لكن فيلم السيدة تشاترجي ضد النرويج فريد من نوعه من حيث زاويته الدولية وعنصريته الثقافية . بالنظر إلى أن قصة السيدة تشاكرابورتي كانت في نظر الجمهور قد حدثت منذ أكثر من عقد من الزمان ، يبدو من غير الضروري للسيدة تشاترجي ضد النرويج تغيير أسماء الشخصيات . ومع ذلك ، ربما لأن فيلم المخرج أشيما شيبر يركز على موضوع مشحون عاطفيا يتعامل مع العلاقات الدولية أيضا، فربما احتاجوا إلى تغيير تفاصيل القضية من الأحداث الفعلية وعدم اع طاء الاسماء صريحةلجعلها تعمل لصالح الفيلم وربما قرر الإنتاج أن يفعل ما في وسعه لحماية هوية الأطفال وخاصة وأنهم كانوا بالفعل موضع اهتمام إعلامي كبير في سنواتهم الأولى ولا يحتاجون إلى نفس التجربة مرة أخرى. قاتلت هذه الأم الهندية ضد بلد بأكمله لاستعادة أطفالها ، وهي معركة من شأنها أن تتصاعد إلى صدام سياسي معلن بين النرويج والهند وانتصارها النهائي حيث ثبت أن الأم الهندية يمكن أن تكون أما مناسبة. هذه المعركة لم تكن لنفسها فقط. كان لجميع الأسر المهاجرة المتضررة من قانون الرعاية الاجتماعية في النرويج . لقد كانت معركة من أجل التنوع والاختلاف . وليس هناك شك في أن الأم في هذا الفيلم (وفي الحياة الواقعية) تعرضت لسوء المعاملة من قبل نظام يتم تصويره عندما يأخذ الأطفال بعيدا عن الآباء بدافع الجشع في المال الذي تحصل عليه المنظمة ( فيلفريد) من الحكومة لتبني هؤلاء الأطفال وظهر ذالك من خلال ارتكاب جريمة خطيرة (اختطاف) الاطفال التي خططت لها عمدا.. ينجح الفيلم في فضح نقاط الضعف التي يعاني منها المهاجرون في مسألة الاندماج ومن جانت أخر ، يكشف الهوة الثقافية بين الشرق والغرب . في حديثها عن الفيلم ، تحدثت الممثلة الهندية راني في وقت سابق ، “في مسيرتي المهنية بأكملها ، ربما تكون هذه هي المرة الأولى التي أشهد فيها الكثير من الحب والعاطفة من هذا النوع لعملي !!” مرة أخرى ، أظهر لنا الفيلم الجانب العاطفي للأم ” . شخصية ديبيكا كأم متعبة ، وزوجة عالية النبرة لا تساعد قضيتهم أيضا .
ديبيكا (راني موكرجي في دور ساجاريكا) هي ربة منزل بنغالية شابة تتصارع مع استرداد الأمومة وحياتها في النرويج . حتى عندما يتكيف زوجها مع اللغة والأعراف النرويجية ، فإنها تفضل الاحتفاظ بجذورها الهندية وارتدائها الازياء الهندية ، في مشهد عاطفي ومؤثر حيث استمرت الام في تخزين حليب الثدي في المجمدات لإعطاء ابنتها التي تم انتزاعها ضد إرادتها . يدور الفيلم في المقام الأول حول صراع الثقافات – من النوع الذي غالبًا ما يواجهه المهاجرون في البلدان التي تبنتهم وتداعياته المؤسفة الأغاني العاطفية التي تهدف إلى إضافة إلى الثقل العاطفي .الاحداث التي وثقها الكاتبين (سمير ساتيجا وراهول هاندا) والسيناريو لم يصور الزوجين على أنهما نموذج مثالي ، بل أظهر عيوبهما من وجهة نظر شخصية الزوج و أنانيته وقلقه المستمر من رفض طلبه في الحصول على الجنسيه النرويجية وإلقاء اللوم على زوجته بسبب ذلك وعدم أدراكهم للاثار النفسية لتلك الخلافات على الاطفال ، كذالك تجاهل الزوجة لأطفالها وحتى إغلاق الأبواب في وجوههم ، في حين صور الفيلم جمعية رعاية الطفل النرويجية على أنها مجموعة شريرة ، لم تستطع السيدة شاترجي الاندماج وفهم الاختلافات الثقافية في البيئة الجديدة والمجتمع الغربي .
بعد مرور عقد من الزمان منذ أن استعادت السيدة تشاكرابورتي أطفالها وتغير الكثير حتما بالنسبة للعائلة . في السنوات اللاحقة ، انفصلت السيدة تشاكرابورتي عن زوجها وعادت إلى كلكاتا في ولاية البنغال الغربية ، لتربية أطفالها. واصلت دراستها للحصول على درجة الماجستير في تطبيقات الكمبيوتر ، عملت في العديد من الوظائف في الهند مع العديد من شركات البرمجيات الدولية ، بما في ذلك عام عملت فيه في الهند. إلى جانب حصولها على شهادتها وكونها مع عائلتها ، كتبت السيدة تشاكرابورتي أيضا كتابا بعنوان ” رحلة الأم” ويؤرخ تجرتها في النرويج لم ينشر بعد . وبقدر ما ذكرت السيدة تشاكرابورتي، فإن الأسرة في حالة جيدة، على الرغم من أن الأطفال لا يزالون متأثرون بصدمة إبعادهم عن والديهم في مثل هذه السن المبكرة .
السيدة تشاترجي مقابل النرويج جريء وفيلم عاطفي يدمي القلب ، يعد هذا الفيلم شهادة حقيقية على تعاطف الأم وحبها وعاطفتها تجاه أطفالها. مدعوما بأداء متميز من قبل الممثلة راني موكرجي ، وكذاك تألق فريق الممثلين ، والموسيقى التصويرية لأميت تريفيدي والسيناريو القوي الذي يظل وفيا لموضوعه وأصل الحكاية بالكامل ، بشكل عام واحدة من أفضل القصص المستوحاة من الحياة الواقعية المصنوعة في بوليوود . تعرض راني موكرجي عددا لا يحصى من المشاعر وتترك كتلة من المشاعر مع إحساسها بالألم والعذاب . بينما في أجزاء تتحكم تماما في أفعالها ، في بعض الأماكن قد تبالغ تماما في التعبير عن معاناتها . كانت ساجاريكا شاكارابورتي ، التي يستند الفيلم إلى كتابها “رحلة الأم” ، مترددة في البداية في بيع حقوق التصوير إلى أشيما. تقول المخرجة “أشيما ” إن ساجاريكا كتبت الكتاب لأنها أرادت أن تظهر تجربتها حتى يستفيد منها الآخرون . أخبرتها أن صنع فيلم عن ذلك سينشر القصة إلى أبعد من ذلك . أخذت وقتها لتقول نعم ، تؤكد المخرجة أشيما أن الكثير من الأشخاص الذين مروا بتجارب مماثلة لتلك التي تم تصويرها في الفيلم كانوا يتواصلون معها. لقد دق الفيلم الكثير من الأجراس ، كما أن الفيلم أستفز الكثير من البلدان لمراجعة قوانين رعاية الطفل . سلط فيلم” السيدة تشاترجي ضد النرويج ” الضوء على الاختلافات الثقافية وتصرف الحكومة النرويجية القاسي أتجاه الابوين . أتيحت للفيلم الفرصة لفحص واستكشاف ليس فقط ثغرات في القانون النرويجي بخصوص حماية الطفل ، ولكن أيضا علاقة الآباء الهنود مع أطفالهم . لا يوجد تلميح أو أشارة فيما اذا إذا كانت السيدة تشاترجي الحقيقية على حق في تأديب أطفالها إلى هذه الدرجة.
في الختام : إنه لأمر صادم للغاية أن يمارس مسؤولوا رعاية الأطفال في دولة ما الكثير من السلطة لدرجة أن الآباء الطبيعيين في بلد أجنبي يضطرون إلى التخلي عن أطفالهم للتبني . هناك صدمة وسوء فهم ثقافي وعائلة مهاجرة تفشل في التوافق مع موطن غربي .