مصاب اليم في غربة قاتلة لم تنتهي!
رثاء شقيقي المهندس المعماري شوذب الياسري
عصام الياسري
في صباح يوم السبت الموافق ۳۱ تموز ـ يوليو ۱ ۲۰۲ وببالغ الحزن والاسى تلقينا من احدى مستشفيات كندا نبأ وفاة شقيقنا الأصغر المهندس المعماري السيد شوذب نجل الاديب الوطني السيد عبدالله السيد حمود الياسري، عن عمر يناهز الثامنة والستون . لقد ولد الراحل في ٥ آذار ۱۹٥۳ في مدينة بغداد التي كان يتغزل بها اينما حل. وفي عام ١٩٧٢ كان قد غادرها متوجها الى اسطنبول حيث درس اللغة التركية وفي عام ١٩٧٣ غادر تركيا متوجها الى العاصمة السورية دمشق ليكمل دراسته الجامعية ، حيث نال شهادة البكالوريوس في الهندسة المعمارية وتزوج بعد تخرجه من زوجته السورية وله أولاد ثلاثة ، وفي تسعينات القرن الماضي غادرها برفقة زوجته واولاده عبدالله ومهى وسومر متوجها الى كندا ولم يعود الى وطنه الا بعد سقوط النظام الديكتاتوري السابق حيث استقر في المشخاب حتى تعرض لمرض خطير نقل على اثره قبل عامين الى احدى المستشفيات الكندية للعلاج والذي اظهر استجابته بشكل جيد في البداية وتقارب الى الشفاء ، وبعد انتكاسة سريعة وحيث شاء الله فقد رحل عن هذه الحياة في غفلة كان وطنه العراق الذي احبه بكل جوارحه بحاجة اليه. واذ كان الفقيد رجلا ذا حس وطني لا يستكين، فكان به ان لا يكون الا صريحا واضحا في آرائه ومواقفه في الكثير من القضايا التي تعني وطنه وشعبه ومستقبلهما. كان أبا عبدالله رجلا ملتزما صاحب مباديء وقيّم ظل مخلصا لها طول حياته.
لفقيدنا الراحل خمسة اخوة، هم المخرج والكاتب فيصل الياسري وعدي الياسري والمهندس د. زهير الياسري والصحفي عصام الياسري ورجل الاعمال شقيق الياسري. وله اربع شقيقات فارقت احداهن (السيدة ام بهاء) الحياة قبل عام بسبب وباء الكورونا.
ولعلي بالقول: لا اريد أن أتحدث عن سنوات تفاقمت فيها امراض شوذب العديدة ولا عن معاناته الجسدية والنفسية لدرجة اصبحت الحياة فيها بالنسبة له ، وهو المحب للحياة ، بمثابة عزل انفرادي، تضيق جدرانه الاربعة عليه الخناق وهو لا يخرج الا ليعود اليه من جديد.
أتقدم بجزيل الشكر والامتنان لكل من تواصل معنا بهذا المصاب الجلل سواءً عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي ، او الحديث الشخصي المباشر او المراسلة الخطية. كما نتقدم بالشكر الجزيل لاصدقائه وأحبته في كندا ، الذين لم يبخلوا بأي جهد انساني ومعنوي لرعايته اثناء مرضه وعلاجه أو للقيام بالاجراءات القانونية والشعائرية المتطلبة لتسهيل ترحيله الى وطنه ليلقى مثواه الاخير الى جنب والديه وشقيقته رحمهم الله.
نيابة عن أسرة الفقيد وذويه
لَيْسَ هُنَاكَ مَنْ كَانَ يَعْلَمُ ، وَلَيْسَ مَنْ يَعْرِفُ مَا كَانَ يَتَرَقَّبُ . . . .
إلَى أَخِي شَوْذَبْ
بِلُطْفِ شَد عَلَى يَدَيْهِ ” وَرَحَلَ . .
اَلْبَجَعَةُ اَلْبَيْضَاءُ غَنَّتْ بِشَكْلٍ رَائِعٍ ،
وَبُكَائِيٌّ وَصَلَ إِلَى مَا لَا نِهَايَةً .
يَا لَهُ مِنْ مَصِيرٍ قَاسٍ وَقَاسَ ، أَنْ تَمُوتَ بِلَا عَزَاءٍ !
بَعِيدًا فِي حَدَائِقِ اَلسَّمَاءِ اَلْمُتَبَاعِدَةِ
سَقَطَتْ كَالْأَرْضِ اَلثَّقِيلَةِ فِي اَللَّيَالِي
مِنْ بَيْنِ اَلنُّجُومِ إِلَى اَلْعُزْلَةِ اَلْأَبَدِيَّةِ
سَقَطَتْ . . كَأَوْرَاقِ اَلْخَرِيفِ حِينَ تَتَسَاقَطُ
كُلُّنَا نُسْقِطُ . . . يَمْتَدَّ مَكَانُنَا هُنَا وَهُنَاكَ
اُنْظُرْ لِلْآخَرِينَ : مَازَالَ اَلْوَقْتُ مُتَاحًا
اُنْظُرْ مِنْ اَلْقَلْبِ
وَأَنْتَ تَجْلِسُ بَعِيدًا هُنَاكَ ،
وَغِطَاءٌ مِنْ اَلْحُزْنِ فِي عَيْنَيْكَ . .
صَمْتِي قَبْضَةً حَدِيدِيَّةً اِحْتَمِي إِلَيْهِ
أُرِيدُ أَنْ اِنْفَجَرَ بِلَمْسَةٍ لَطِيفَةٍ لَاحْتُويكْ . .
اِغْسِلْ عَنْكَ حُزْنًا لَا حُدُودَ لَهُ ،
قَدْ تَلْتَقِي أَيَادِينَا بَعْضَهَا بِالْبَعْضِ
نَنْغَمِس فِي أَعْمَاقِ قُلُوبِنَا ،
لِنَفْتَحْ جِدَارَ اَلصَّمْتِ كَمِيَاهٍ تَتَدَفَّق . .
عِصَامْ اَلْيَاسِرِيّ / 21 تموز 2021