مرت قبل أيام الذكرى الـ 65 لثورة 14 تموز 1958 في العراق، وبهذه المناسبة على العراقيين أن يستثمروا إعادة قيمها، وأهمها، يجب قراءة ودراسة التاريخ الخاص بثورة تموز وتحليل تأثيرها على التاريخ والسياسة في العراق والمنطقة بشكل عام. أيضا من المهم بمكان كشف المعلومات والحقائق المتعلقة أو تدور حول ثورة تموز 1958 لزيادة الوعي الشعبي بأهمية هذه الثورة وما حققته من إنجازات اقتصادية وصناعية وإعمارية وسن قوانين مدنية حديثة رغم تعرضها إلى العديد من المؤامرات. غير أن اعتباراتها القيمية على الرغم من مرور أكثر من ستة عقود على قيامها وتعرضها للتشويه والتزوير، إلا أنها ثورة حقيقية أسست لأول جمهورية وطنية في تاريخ العراق المعاصر.
ثورة الرابع عشر من تموز 1958 في العراق كانت ثورة شعبية مهمة تؤرخ لتغيير نظام الحكم الملكي في العراق. تمت بعد فترة طويلة من الاستعمار البريطاني والنفوذ الأجنبي في البلاد. وترجع أسبابها إلى العديد من العوامل، بما في ذلك الاستياء من الفساد والقمع السياسي والاقتصادي الذي كان يمارسه أصحاب السلطة. وكان الشعب العراقي ينادي بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.. اندلعت الثورة من قبل بعض الضباط الأحرار في الجيش العراقي بقيادة الزعيم عبد الكريم قاسم ودعم مجموعة من القوى الوطنية والأحزاب السياسية المعارضة. فألغي النظام الملكي وحل مكانه نظاما جمهوريا في العراق. وقد قامت الحكومة الجديدة بإجراء إصلاحات سياسية واجتماعية، بما في ذلك تقليص نفوذ القوى الاستعمارية وإصلاح القوانين وتوسيع الحقوق السياسية والاجتماعية للمواطنين، لكن على الرغم من بداية واعدة، إلا أن النظام الجمهوري الذي تأسس واجه العديد من التحديات والصراعات السياسية في السنوات اللاحقة. وفي عام 1963، تمت عملية انقلاب عسكري أدى إلى سقوط قاسم وتولي الحكم من قبل حزب البعث العربي الاشتراكي بقيادة عبد السلام عارف. إلا أن ثوار 14 تموز 1958، يعتبرون من الشخصيات المهمة في تاريخ العراق الحديث، حيث شكلوا تحولا جذريا في نظام الحكم وأسسوا للعديد من التغييرات السياسية والاجتماعية في البلاد.
لقد فتحت ثورة 14 تموز في العراق الأبواب أمام آفاق جديدة وحققت عدة إنجازات خلال سنواتها الخمس أهمها: إقرار دستور جديد تضمن مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان وتوزيع السلطات. كما تم إلغاء المفاصل التقليدية للحكم الملكي وإنشاء نظام جمهوري. وخلال الفترة الأولى بعد الثورة، تم تنفيذ إصلاحات اجتماعية واقتصادية هدفت إلى تحسين أوضاع الشعب العراقي. أيضا، تم إلغاء الضرائب الجبائية الثقيلة على الفقراء، وتحسين ظروف العمل وتعزيز حقوق العمال والمرأة والأمومة. كما تم إلغاء العبودية وتعزيز المساواة بين الأعراق والديانات. وتم التركيز على التطوير الاجتماعي والصحي والتعليمي وتوسيع نطاق التعليم العام وتحسين جودته، وتم تطوير البنية التحتية الاجتماعية بإنشاء المدارس والمستشفيات ومرافق أخرى لخدمة الشعب. وعلى الرغم من التحديات والاضطرابات العديدة التي تبعت الثورة، فقد تمكنت من تحقيق التقدم الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للعراق.
أثارت هذه الإنجازات مخاوف بعض الدول الكبرى مما أدى ذلك لاحتدام الصراع في العراق، وكان معقدا وشمل أطرافا متعددة تنافست على النفوذ والسلطة، انتهت بانقلاب عسكري قومي بعثي في 13 شباط 1963. وتشير المعلومات إلى أن الولايات المتحدة وبريطانيا كان لديهما دور في العمل لإسقاط حكومة عبد الكريم قاسم. إذ كان لدى البلدين مصالح استراتيجية في المنطقة ومخاوف من تأثير النظام الوطني بقيادة قاسم على مصالحهما. وتشير التقارير أيضا، إلى أن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA)، بالإضافة إلى تورط بريطانيا في الانقلاب من خلال تقديم الدعم اللوجستي والمالي للمجموعات المناهضة لقاسم. قد وجهت دعما ومساعدة للمجموعات المعارضة في العراق، بما في ذلك أعضاء حزب البعث القياديين الذين تم تجنيدهم للمشاركة في الانقلاب.