على حافة الرصيف
حرية الفكر والصحافة أساس المجتمع الديمقراطي.
عصام الياسري
“لكل شخص الحق في حرية التعبير؛ ويشمل هذا الحق حرية التعبير عن الآراء دون جدال، والبحث عن المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها بأي وسيلة اتصال، بغض النظر عن الحدود “.
فعندما تُنتهك حقوق الإنسان الأخرى في الحالات التي لا يُسمح فيها بالتغطية الإعلامية المستقلة وحيث لا يستطيع الناس التعبير عن آرائهم بحرية. فإن حرية الإعلام والحصول على المعلومات تصبح على المحك، كما وليس مؤشر موثوق به لاحترام حقوق الإنسان في أي بلد.
فما الصورة الذاتية للصحفيين في العراق؟….
ما نقرأ من مواضيع وأخبار في الصحف والمجلات، أو نسمعه ونشاهده عبر وسائل الإعلام المرئي والمسموع أو الإنترنت، يفترض من ان صناعها يمتهنون حرفة الصحافة. لكن وللاسف لا نجد هناك ما يستحق الاشادة. سيما ما يتعلق بالمصالح الوطنية واهمها المصالح العامة للمجتمعات العراقية. فالمواضيع والأخبار التي يتم نشرها، وكيفية تقديمها في وسائل الاعلام كما تشير الوقائع لا تحظى باهتمام المنظومات المجتمعية. وان العديد من الصحفيين ينتحلون هذه الصفة ويقدمون انفسهم في وسائل الاعلام على انهم خبراء ومستشارين في شؤون “كذا”، لكن أغلبهم في واقع الحال، عملاء لاصحاب السلطة، يدافعون عنهم وعن احزابهم مقابل مال وامتيازات ورواتب شهرية مغرية (على لسان أحدهم في فضائية عراقية). بمعنى آخر، هم لا يملكون مصداقية ولا يعملون بإرادتهم بمروءة وحياء. في بلد كالعراق يفترض ان تدفع المسؤولية الاخلاقية بقوة كبيرة الصحفيين لخدمة المجتمع والوطن، ان كان النظام الإعلامي بأسسه التاريخية والقانونية والسياسية يشكل إطارا وجدانيا يلزمهم بذلك. وفي العراق، لا يتم تحديد هذا الإطار، من خلال حرية الرأي وحرية الصحافة المنصوص عليها في الدستور العراقي واللوائح المنصوص عليها في معاهدات النشر الدولية، المتعلقة بشأن التحرير وحق النشر أو الحصول على المعلومات من السلطات. فيما يتعمد اولياء “المركزية التقليدية” في مجالس الصحافة، عدم نشر كتابات “صحفيين” اصحاب مبادئ ورأي وموقف موزون، انما تغليب فئة السلطة والجاه في وسائل الإعلام التابعة لهم.
يبدو ان ظاهرة هذا النوع من الصحفيين في العراق، اصبحت حاجة مافيوية دارجة بين طرفي المعادلة “قوى ووسائل انتاج” لها مصالح نفعية وسياسية متبادلة، بعيدا عن القيم والاخلاق المهنية في مجال البحث الصحفي.. المقارنة بين الموقف والسلوك ـ ومصداقية العمل الاعلامي تحكمه نظرة الاغلبية الساحقة من العراقيين، والصحفيون ودورهم المهني لا يمكن ان يحظى باحترام متابعيهم ما لم تتغير الصورة، من صحفيين مأجورين لا يعرفون قيم الوطنية وشرف المهنة، الى ضمير الأمة والوطن.. بالنظر لاحدث استطلاع للرأي حول الصحفيين العراقيين ودورهم في بناء المجتمع والدولة، يبدو أن الصورة المثالية لذلك الدور غير متوفرة. وان مغزى الأوصاف الذاتية والنوايا محل جدل. لأنه من غير الواضح، الى اي مدى المواقف الذاتية للصحفيين العراقيين في عملهم اليومي ثابتة. ومن غير المعروف إلى أي مدى يمكنهم أيضا تنفيذ دورهم وممارسة عملهم المهني اليومي بحرية كاملة عند كتابة النصوص أو إنتاج التقارير، أو ما إذا كان هناك ثمة شيء يتعلق أكثر بالصور الذاتية المثالية. هناك آراء مختلفة حول مصداقية هذا النوع من الصحافة والصحفيين ومواقفهما، اما الصورة الموضوعية تبدو كالتالي :
هناك افتراض بأن الصحفيين يَصفون بالفعل واقعهم المهني من خلال نواياهم في التواصل. لكن هذا الرأي، لا يشير بشكل مباشر إلى كيف تمارس القدوة المهنة. فيما المهم بالنسبة لغالبية الصحفيين السياسيين، السعي من خلال عملهم، المساعدة في تحديد الأجندة السياسية للنخب. وفقا لهذا الرأي، يُستنتج أن التقارير السياسية للاعلام تشتغل بفعالية لآيديولوجيا اصحاب السلطة وبالتالي تؤثر على الرأي العام أو حتى القرارات من الجهات المؤسساتية.