القوة المجتمعية ومصطفى سند وقانون شركة النفط الوطنية!!
صائب خليل
في نهاية حكومة العبادي تماما، تم التصويت على قانون باسم “شركة النفط الوطنية” وكان قانونا عجيبا، وسنتحدث عنه في مقالة قادمة، لكن السؤال الذي نريد الإجابة عليه هنا: كيف خرج هذا القانون إلى النور؟ ومن كان وراءه؟
يجيبنا وزير النفط السابق عادل عبد المهدي، أحد عرابي القانون واشد المتحمسين له، فيقول: “ان هذا القانون -بهذه المضامين- ما كان ليرى النور لولا “قوة مجتمعية” من ثلة من الشباب المخلص، الواعي، المثقف، المنتشر في القطاع النفطي، وخارجه.. والذي آلى على نفسه انجاز هذه المهمة. شباب لا ينتمون لحزب، او تيار، او تفكير محدد.. ولا يتلقون توجيهاً من أحد، لكنهم يتصلون بالجميع، ويستمعون لأهل الاختصاص والمعرفة بكل تواضع وحرص.. قيادتهم من أنفسهم.. يتداولون الراي بكل حرية واريحية وديمقراطية عبر المواقع والاتصالات واللقاءات المباشرة.. يمولون أنفسهم بأنفسهم.. ويتمتعون بهمة، وشجاعة ادبية، وحضور ميداني، ومثابرة قل مثيلها”.. انتهى كلام عبد المهدي.
أنا لم اسمع قبل اليوم بهذه “القوة المجتمعية” المدهشة رغم متابعتي الكثيفة لما يجري، ولا اعرف أحدا في وقتها كان قد سمع بها، فكيف يمكن ان تكون هناك “قوة مجتمعية” لم يسمع بها أحد في المجتمع؟
ولكن ما هي “هذه المضامين” للقانون، التي يتحدث عنها عبد المهدي بكل هذا الاعتزاز؟
سنتحدث عنها بتفصيل اكثر لاحقا، لكننا سنورد هنا فقط حكم المحكمة الدستورية التي الغت القانون بعد شكوى لها تقدم بها عدد من خبراء النفط واصدقائهم، وحكم المحكمة يعطينا فكرة عن حقيقة هذا القانون.
رغم مروره على لجان البرلمان ونوابه والتصويت لصالحه، ورغم موافقة الرئاسة (معصوم) عليه في نفس يوم وصوله الى الرئاسة (!) فأن المحكمة حكمت بعدم دستورية القانون، بل انها اعتبرت 11 فقرة من القانون غير دستورية! وهي “جميع الفقرات الفعلية في القانون” ولم تمر سوى الفقرات الإدارية والشكلية!
11 فقرة غير دستورية رقم كبير جدا في قانون واحد، فربما يمكن ان تمر على النواب وعلى لجانهم القانونية والمختصة ومكتب رئيس الجمهورية، فقرة او فقرتان غير واضحتان، فكيف مرت 11 فقرة؟
الأدهى من ذلك، أن معظم الفقرات تتعارض مع اكثر من مادة دستورية!
المادة 12 من القانون مثلا (وهي الأخطر) والتي تتعلق بالإيرادات المالية للشركة وطرق توزيعها، تناقضت مع خمسة مواد دستورية كاملة! هي المواد 78 و 80 (أولاً وثانياً) و 106 و111 و112!!
فما السر في ذلك القانون الذي به كل هذه المخالفات ويمر؟ ومن هي “القوة المجتمعية” التي تمكنت من جعله “يرى النور” رغم ذلك؟
أما القانون فهو أكبر مؤامرة حيكت على العراق وخاصة ثروته النفطية على كل التاريخ! فهو يضع هذه الثروة تحت ملكية “شركة” لتفقد تلك الثروة حصانتها السيادية، ليتيح ذلك للوبيات المال العالمي الحجز عليها وعلى ممتلكاتها، التي هي: كل النفط العراقي!
سنعيد نشر الفظائع التي احتوتها هذه المؤامرة وكيف وصف مستشار المحكمة الاتحادية تفاصيل اثره التدميري على العراق لاحقا. لكن من هي “القوة المجتمعية” التي يمكن ان تسند مثل هكذا قانون؟
لنعيد الاستماع الى كلمات عبد المهدي في وصفها: ” الشباب الواعي”، “شباب لا ينتمون لحزب، او تيار”.. “لا يتلقون توجيهاً من أحد”.. “قيادتهم من أنفسهم”…. “يمولون أنفسهم بأنفسهم”!
اين سمعنا مثل هذا الكلام؟ ان “القوة المجتمعية” كما يبدو لم تكن الا مقدمة لتظاهرات تشرين! وهي مكلفة بتمرير قانون يكون التمهيد لتسليم النفط العراقي الى الشركات الغربية النفطية والمالية. إن من يقوم بذلك بالتأكيد ليس “قوة مجتمعية”، فالمجتمع لا يعرف كيف يشكل لوبي على الطريقة الامريكية للضغط على النواب، ولم يسمع أصلا بقانون شركة النفط الوطنية، والذي اقر حتى خبراء النفط المتابعين، ان أحدا منهم لم يسمع به قبل طرحه في مجلس النواب!
إنها إذن ليست “قوة مجتمعية” بل اشبه ما تكون بعصابة من عصابات “مدرسة شيكاغو” الاقتصادية لتنسيق القوانين لنهب الشعوب في أي بلد تتواجد فيه اليد الأميركية، تماما كما حدث في شيلي بعد انقلاب “بينوشيت” الذي أدارته السفارة الامريكية، وتماما كما حدث في روسيا حين أطلق السكير يلتسين حملة خصخصة تديرها عصابة أخرى من “مدرسة شيكاغو” على ثروات بلاده.
ومن كان يقود تلك “القوة المجتمعية”؟ انه “مصطفى جبار سند”! وهو بالتالي حسب تقييم عبد المهدي، الشخص ذو “الفضل” الأول بتمرير هذا القانون! هذا الشاب، يعود اليوم بشكل نائب يحمل مشاريع لها تعاطف شعبي كبير، وأقول لمن يثق به: أن القانون الذي نذر مصطفى من اجله نفسه، هو الحكم عليه. فمن اعجبه ذلك القانون ورآه في مصلحة الوطن، فله ان يرى مصطفى وطنيا، ومن يرى القانون مؤامرة من مؤامرات السفارة، فمصطفى يعمل للسفارة.. وسنتحدث عن القانون اكثر لاحقا ليكون الحكم عليه صادقا وموضوعيا!
(1) نص قرار المحكمة الدستورية حول الطعن بمواد “قانون شركة النفط الوطنية العراقية”
https://www.facebook.com/FreePeopleNotFreeMarket/posts/1706772339423733