ليس هناك خير و شر..
قراءة في فيلم
(Just Jim )
سامر خالد منصور
يندرج الفيلم في فئة النقد الاجتماعي وهو من إخراج وبطولة Craig Roberts ومن بطولة Eimle Hirsch والذي أدى شخصية Dean الفتى الأمريكي .
يُدين الفيلم عوام الناس باعتبارهم منحازين على الدوام إلى الجمال الظاهري سواء كان هذا الجمال يعتري أفراداً أم أشياء. والقوي المتجبر أيضاً جميلٌ في نظر العوام.. يبدأ الفيلم بمشاهد في الريف الانكليزي لعائلة متواضعة الدخل لديها ابنٌ وحيدٌ يُدعى (جيم) وهو فتاً غير جذاب ذو وجهٍ بليدٍ وعينان صغيرتان تبدوان ناعستان على الدوام. يتعرض جيم للمضايقات والإهانات المستمرة من قبل زملائه في المدرسة ، ويتحدث الجميع عن كون صديق جيم الوحيد على علاقة بصديقة جيم الحميمة فيخسرهما كلاهما في المشاهد الأولى للفيلم لابل ويزداد الطين بلة حين يهرب كلبه أيضاً ليبقى في وحدة مُطبقة.. ولأنه إنسانٌ طيب يحاول بناء روابط اجتماعية فيقنع والديه بإقامة حفلة عيد ميلاد لهُ.. ويقوم بدعوة الجميع حتى أؤلائك الذين يضايقونه ويتعمدون إهانتهُ.. لكن لا أحد يحضر حفل عيد ميلاده.. يرتاد جيم السينما وحدهُ ويتابع ذات الأفلام مراراً وتكراراً فدار السينما الصغيرة الموجودة في تلك البلدة النائية شبه مُفلسة.. يتغير منحى شخصية جيم عندما ينتقل فتى أمريكي ليسكن بجوار منزله واسمهُ Dean يمتلك الفتى الأمريكي والذي يكبر جيم قليلاً سيارة جميلة وإطلالة مميزة وحضوراً مميزاً وسرعان ما يصبح صديقاً لجيم ويعمد إلى تدريبه بغية رفع قوته البدنية ويبدأ Dean شيئاً فشيئاً بالتقرب من عائلة جيم حتى يصبح بمثابة فردٍ منها.. وفي سباقٍ للجري يُقام في القرية للشباب يعمد Dean بالتنسيق مع جيم على ارتداء قناع وشهر السلاح في وجه المتسابقين وتأخيرهم مما يضمن لجيم الفوز بالسباق.. يغدو جيم أشبه بنعجةٍ تحولت إلى ذئب.. حيث يغدو شاباً مُتنمراً يُعاقر الخمر والمخدرات ويستخدم قبضته أكثر مما يستخدمُ لسانهُ.. وفي نهاية الفيلم يتبين أن Dean تعمد إحداث تغير جذري في شخصية جيم كي يتهمه لاحقاً بالمرض النفسي والجنون.. ويبدأ بتحريض عائلة جيم على وضعه في مصح عقلي.. بينما يُضمر أقران جيم لهُ الاحتقار للطريقة الرخيصة التي اتبعها للفوز في سباق الجري.. فهم يعرفون أنهُ وراء تهديدهم بالسلاح دون أن يملكوا الدليل على ذلك. وفي النهاية يقوم جيم بقتل Dean ويأخذهُ إلى بحيرة نائية ويلقي بجثته هناك.. لنكتشف أن Dean الأمريكي ما هو إلا تجسيد لذلك الشاب الذي أردى 18 من زملائه وعاملين في المدرسة في ولاية فرجينيا بسلاح ناري في حادثة حقيقية صادمة ومفجعة هي ذروة سلسلة حوادث من ذات النوع وقعت في بنسلفانيا وأماكن أخرى حول العالم.. واننا لا نستطيع القول أن Dean مات مادامت المجتمعات تتخذ ذلك الموقف السلبي من أي إنسانٍ قبيح وتعطي جل اهتمامها لكل جميل وقوي سواء كان صالحاً أم مُختلاً وقد جعل مخرج الفيلم من جدران غرفة جيم الرطبة والتي يتساقط شرائح من طلائها على امتداد مشاهد الفيلم رديفاً بمكوناتها المتباينة ذات الألوان الداكنة والتي لا يستطيع شكل أو لون أن يستقرَّ عليها.. قد جعل منها رديفاً للعوالم النفسية لبطل الفيلم.. أما الطلاء الأبيض الذي لم يظهر مكتملاً منذ المشاهد الأولى وظلَّ يتهاوى من على تلك الجدران فهو يمثل الهوية الاجتماعية والانتماء الاجتماعي الذي أخفق جيم المرة تلوى الأخرى في تحقيقهِ فقاده الاغتراب الاجتماعي المتصاعد إلى التوحش والإجرام.. وأشار الفيلم إلى أن أفلام السينما تُكرّس في أذهان الناشئة أن العنف يحل المشاكل.
فليم Just Jim من الأفلام البريطانية محدودة الميزانية ورغم ذلك كاد يضاهي الأفلام باذخة الإنتاج من حيث قدرته على إيصال الرسالة المرادة وحمل المُتلقي إلى عوالم الشخصية المحورية فيه حيث أتى أداء الممثل الشاب Craig Roberts بسوية عالية.
وخلاصة القول ليس هناك خيرٌ وشر.. هناك أناس أسوياء وأناس مرضى مُختلين على الصعيد النفسي لذا فلنساهم في دعم أبناء جلدتنا ولنحذر في أقوالنا وأفعالنا.