الأحزاب الطائفية وتفكك وحدة الدولة الوطنية
د. لطفي حاتم
تمر الدولة العراقية وتشكيلتها الاجتماعية بمرحلة تاريخية عصيبة تتجسد ملامحها بكثرة من الظواهر السياسية – الاجتماعية منها ازدواجية الهيمنة على وظائفها السيادية، ومنها سيادة الأعراف العشائرية في الحياة الاجتماعية وتراجع قوانين الدولة الانضباطية. ومنها هيمنة أحزاب الهوية الفرعية على منظومة البلاد السياسية ومنها نشوء تحالفات طائفية – عشائرية لضمان سلطة الهيمنة الطائفية.
– السمات المشار اليها والمتحكمة بمنظومة البلاد السياسية ساهمت بإضعاف سيطرة الدولة الوطنية على سلطاتها الادارية وافضت الى مشاركة المليشيات المسلحة والتجمعات الطائفية السياسية في إدارة شؤونها الوطنية.
استنادا من مخاوف انقسام الدولة العراقية نتوقف عند تجلياتها بموضوعات عامة أهمها –
اولاً — ازدواجية وظائف الدولة السيادية.
ثانياً- تفكك سيادة الدولة العراقية.
ثالثاً- مهام القوى الوطنية – الديمقراطية.
اعتمادا على الرؤى المنهجية نتناولها بتكثيف بالغ —
أولا – ازدواجية وظائف الدولة السيادية.
تؤكد الوقائع السياسية المعاشة على ان أحزاب الطائفية السياسية تشارك الدولة الوطنية وظائفها السيادية استنادا الى مؤشرات اساسية أهمها –
1 –مساهمة الفصائل الحزبية المسلحة في وظائف الدولة الانضباطية فضلا عن ادارتها لأنشطة إرهابية ضد الجماهير المنتفضة المطالبة بحقوقها الدستورية.
2 — مشاركة الفصائل الحزبية المسلحة في وظائف الدولة الأمنية حيث تمارس الاعتقال الكيفي -التحقيق -الاغتيال- والسجن في أماكن سرية بعيدة عن أجهزة الدولة الرسمية.
3 – اقتسام وظائف الأجهزة الإدارية للدولة العراقية بين الأحزاب الطائفية وحمايتها من قبل المليشيات الحزبية المسلحة.
4- السيطرة على واردات المنافذ الحدودية واعتبارها مصدراً مالياً من مصادر تمويل المليشيات الحزبية المسلحة.
5 — ترابط المليشيات المسلحة الولائية وسياسة الدول الإقليمية الطائفية من خلال اتباع سياسة خارجية متجاوبة والتوجهات السياسية لدولة الجوار الطائفية.
ان مشاركة المليشيات الحزبية المسلحة في إدارة وظائف الدولة السيادية أدى الى تفكك وحدة الدولة العراقية وتزايد مخاطر توزعها على أقاليم طائفية.
ثانيا –تفكك سيادة الدولة العراقية
المخاطر السياسية المتسمة بازدواجية الهيمنة تفضي الى تقسيم الدولة الوطنية وتفكك بنيتها السياسية.
– ترتكز شرعية الاستنتاج السياسي المشار اليه على الوقائع السياسية – الفكرية التالية –
1 – يشكل اقتسام وظائف الدولة السيادية – العسكرية -الأمنية – سنداً (شرعياً) لاعتماد الإرهاب ضد الفصائل الشعبية المنتفضة.
2–تقود ازدواجية الهيمنة على وظائف الدولة السياسية الى مخاطر نشوء الحروب الاهلية وما ينتجه ذلك من دمار وخراب اقتصادي – اجتماعي.
3- تفضي ازدواجية الهيمنة على وظائف الدولة الوطنية الى انهيار قوانين الدولة الانضباطية واستبدالها بأعراف عشائرية.
4- تقود السمات المشار اليها الى تفكك سلطة الدولة السياسية وتوزيعها على أقاليم طائفية تتحكم بها القوى الحزبية الطائفية وتؤدي الى-
(أ) تحول التشكيلة الاجتماعية الى كتل طائفية فاقدة لملامحها الطبقية.
(ب) تحول صراعاتها الطبقية الى نزاعات طائفية.
5– تحول الطبقات الاجتماعية الى طوائف سياسية يقود الى استبدال الأيدلوجيا الوطنية بايدلوجيا طائفية، ناهيك عن سيادة مصالح دول الجوار الطائفي على المصالح الوطنية.
6– تفكك الدولة الوطنية وتحول سلطاتها الى سلطات إقليمية طائفية تقود الى الصراعات الطائفية واحتدام النزاعات الاهلية.
ان اللوحة القاتمة التي تعيشها الدولة العراقية وتشكيلتها الاجتماعية ناتجة عن الاشكالات السياسية المتمثلة في ازدواجية سلطة الدولة وسلطة المليشيات المسلحة الحزبية.
ثالثا- مهام القوى الوطنية – الديمقراطية.
استناداً على ما جرى تناوله أرى ان الخطر الرئيسي الذي يتهدد الدولة الوطنية وتشكيلتها الاجتماعية هو خطر التقسيم والتفكك وتوزيع سلطاتها على أقاليم طائفية، عليه أرى ان مهام الأحزاب الوطنية الديمقراطية الفاعلة تتمثل بوحدة عملها المشترك المرتكز على سيادة الدولة وسيطرتها على وظائفها السيادية المتمثلة ب—
— وحدانية وظائف الدولة الدفاعية اعتماداً على وحدانية المؤسسة العسكرية وترصين مواقعها الدفاعية وتحريم كافة اشكال التنظيمات العسكرية الأخرى.
— تأكيد سيادة الدولة الوطنية على معالجة تناقضات تشكيلتها الاجتماعية وضبط تطور صراع طبقاتها الاجتماعية واحزابها السياسية.
— الغاء كافة الوظائف الأمنية للمليشيات المسلحة الهافة الى قتل المتظاهرين والاعتقال الكيفي وادارة السجون السرية واعتبار ذلك اخلالاً بسيادة الدولة الوطنية.
-وحدانية هيمنة الدولة على أجهزتها الإدارية والغاء سيطرة الأحزاب الطائفية على الوظائف الإدارية.
— تأكيد سلطة الدولة على أجهزتها الإدارية ومكافحة منافذ الفساد الإداري المعتمد على الرشوة وسيطرة المليشيات المسلحة.
— وحدانية اشراف أجهزة الدولة الإدارية عل المنافذ الحدودية والسيطرة على الواردات المالية من خلال حرمان هيمنة الأحزاب الطائفية من مصادرها المالية.
– رعاية مصالح الطبقات الاجتماعية وتلبية مصالحها الاجتماعية عبر توازن مصالحها الوطنية.
— اعتماد البرامج الاجتماعية – السياسية الديمقراطية أساسا لعمل الأحزاب الوطنية
وتطويرها انطلاقا من مصلحة البلاد الوطنية.
ان الرؤى السياسية – الاجتماعية المشار اليها تستمد أهميتها السياسية من مخاطر تفكك الدولة الوطنية وتوزيع اقاليمها على الأحزاب الطائفية عبر اتفاقات حزبية فوقية تهدف الى تحويل الدولة الوطنية وتشكيلتها الاجتماعية الى تشكيلات هلامية تتحكم في ادارتها الاعراف العشائرية والمواعظ السلفية.